فن وثقافة
لطفى بوشناق لـ«الوطن»: حال الأغنية العربية وصل لأسوأ الدرجات مثل واقعنا السياسى.. ونصيحتى للمصريين «اتحدوا»
لطفى بو شناق أكد المطرب التونسى لطفى بوشناق أنه غير قلق على مستقبل الغناء والإبداع فى تونس، بعد وصول أحد الأحزاب الإسلامية إلى الحكم، مؤكدا أن أحدا لا يستطيع أن يقف ضد الفن، أيا كانت اتجاهاته الدينية أو السياسية، وأشار فى حواره مع «الوطن» على هامش مشاركته فى مهرجان الموسيقى العربية الذى تنعقد دورته الثانية والعشرون هذه الأيام، إلى أن حال الأغنية العربية يشبه واقعنا السياسى الراهن، موجها نصيحة للمصريين بأن يتحدوا فى مواجهة الأزمات. ■ ماذا عن مشاركتك فى مهرجان الموسيقى العربية فى هذا التوقيت الصعب الذى تمر به مصر وبعض البلاد العربية؟ - تبقى الموسيقى هى ذلك الشىء الذى من خلاله نبلغ الرسالة فى هذه الظروف التى يمر بها الوطن العربى، لذا فدور الفنان يفوق دور السياسى دائما، وعندما يكون غائبا يبقى على الدنيا السلام، ومن أهم الأشياء التى ما زالت باقية فى يد العرب لإثبات الهوية الفن والثقافة، وهما أكبر وأخطر سلاح ووسيلة لتوضيح الحقيقة وشد الهمم والتحريض على كلمة الحق، والدعوة إلى الحب، والدعوة إلى التسامح والصمود والتحدى وبناء مستقبل أفضل لهذه الأمة. ■ وكيف تلقيت خبر رحيل د.رتيبة الحفنى؟ - اسمحى لى أن أغتنم الفرصة لأترحم على روح هذه المناضلة التى كافحت لآخر لحظة فى حياتها، لأنها كانت تناضل من أجل الفن ومن أجل هوية الموسيقى العربية، وهى من الشخصيات التى يمكن لتاريخها أن يحكى عنها. وأذكر أول لقاء جمع بيننا، حين غنيت أمامها وأخرجت كل ما بداخلى من إحساس دون قيود، فانبهرت بى وأحبتنى كابن أو أخ لها، ووقفت بجانبى وقفة لن أنساها أبداً لآخر لحظة فى حياتى، ولهذا عندما تلقيت مكالمة من ابنتها «علا» تطلب منى المشاركة فى المهرجان الذى يوجه هذا العام تحية وتكريما للدكتورة رتيبة الحفنى وافقت على الفور وحضرت دون أى شروط. ■ هل أنت قلق على حرية الإبداع وخاصة بعد صعود التيارات الإسلامية إلى الحكم فى تونس؟ - لا، لست قلقا؛ لأن الإبداع سيبقى رغم كل التحديات، ولا توجد أى قوة فى العالم تقف ضده مع كامل احترامى لكل الاتجاهات وكل التيارات. ■ حدثنى عن أغنيتك الوطنية «أنا مواطن» التى طرحتها مؤخرا وأثارت ردود فعل كبيرة؟ - لم أتهجم على أحد وأحترم كل الأديان ورد فعل الجمهور كان جيدا لأن مضمون الأغنية كان واضحا فيها حين توجهت لأصحاب القرار فى بلادنا العربية قائلا إننا نريد أن تكون بلادنا فى أمان وسلام، وأن نحيا بحب وأن نحترم الرأى والرأى الآخر مع عدم إقصاء الآخر بأى شكل.. هذه هى سياستى وهذه هى فلسفتى وهذا ما أدعو إليه من خلال الأغانى والكلمات التى أختارها وأنتقيها بعناية. ■ رصيد الأغانى الوطنية التونسية ضعيف وكل الأغانى السابقة كانت تمجد الرئيس المخلوع فهل تعتقد أن الجمهور يمكن أن يستمع لمطربى هذه الأغانى مرة أخرى؟ - المطرب دائما حر فى اختياراته وكل فنان له رؤيته وسياسته وتاريخه الخاص، أما أنا فلا أغنى لشخص معين، لا لرئيس ولا لملك، بل أغنى لموضوع ما أو قضية ما.. أغنى للحب والتسامح والحرية والحق. ■ لماذا لا تقوم بإحياء حفلات فى مصر؟ ولماذا لا توجد وسيلة لانتشار أغانيك بين الجمهور المصرى؟ - أحضر إلى مصر لإحياء حفلات مهرجانات الموسيقى العربية، أى أننى موجود فى إطار الموسيقى العربية فقط، وهو القالب الغنائى العربى القديم والموشح والموال، وكنت دائما أنتقى كلمات تعبر عن الحقبة التى أعيشها وتعبر عن هموم وأحلام الشعب وأيضاً آلامه وثوراته، ولكن هذه الأغانى لم تصل كلها إلى الجمهور المصرى، مما يجرنا للحديث عن الإنتاج ومشاكله، وهنا أتساءل: هل الأغانى فى هذه الفترة التى نسمعها ونراها تعبر عن ماضينا أو مستقبلنا أو همومنا؟ بالطبع لا، حتى وإن كان هناك بعض المطربين المميزين، وأرى أن الإعلام له دور فى ذلك لأنه لا يمنح فرصة للمبدعين الحقيقيين الذين يخرجون من نقطة الأغانى العاطفية إلى مناطق جديدة، وأظن أنه بعد هذه الأجواء التى تحدث فى العالم العربى أن العقلية ستتغير والاتجاه سيتغير أيضاً. ■ بصفتك سفيرا للنوايا الحسنة فى الأمم المتحدة.. ما دور الفنان السياسى وخصوصا إذا كان يشغل منصبا دوليا؟ - لا أشغل هذا المنصب، وهذه تسمية شرفية فقط، فلا أحمل جواز سفر من الأمم المتحدة، ولا أتقاضى راتبا من هذه المنظمة التى أحترم بعض مواقفها وأعترض على بعضها الآخر. ■ ما رأيك فى برامج اكتشاف المواهب التى انتشرت فى الفترة الأخيرة ومنها الخليجى والمصرى واللبنانى؟ - أحترم كل هذه البرامج ولكنهم للأسف بعد اختياراتهم لشباب حلموا بالنجاح والنجومية يلقون بهم فى بحر هائج بأمواجه ويتركونهم بمفردهم وأتمنى من مسئولى هذه البرامج أن يتبنوا هذه المواهب بعد فوزها وأن يفتحوا لهم مجالات للعمل، وأيضاً هناك دور مهم على شركات الإنتاج فى تبنى واحتضان أى موهبة حقيقية، وأتمنى ظهور العديد من البرامج التى لا تكتشف فقط الأصوات وإنما تكتشف أيضا المبدعين فى التلحين، وأناشد هذه البرامج أن تغير من سياستها فبدلا من أن يقوم المتسابقون بغناء الأغنيات القديمة لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ ونجاة الصغيرة، لماذا لا يظهرون لأول مرة فى هذه البرامج بأغنية خاصة بهم حتى نعطى فرصة لهؤلاء الشباب والملحنين وأصحاب الكلمات الجيدة؟ فلا بد أن نعطيهم الفرصة لعرض أعمال خاصة بهم حتى توجد حركية وديناميكية، فعندما كانت تغنى أم كلثوم كانت تغنى فى موضعها وإطارها والآن نحن فى عصر ثان بإطار مختلف وإيقاع مختلف. ■ لماذا لا تفكر فى طرح ألبوم الفترة المقبلة؟ - لأنى لا أعمل بالألبوم؛ فأنا فنان لا أبحث عن موقع فى هذه الساحة بل أبحث عن بصمة وكلمة وعمل يذكره لى التاريخ، فقد قدمت الكثير من الأغنيات، ولا بد أن يكون الفنان حراً فى اختياراته، وفى منهجه، ولا تفرض أى شركة إنتاج عليه نمطا معينا، أنا ملك للشارع والجمهور هو سوق الحمام والسيدة عائشة والسيدة زينب والجمالية وغيرها.. هذا أنا ومملكتى هى المسرح وعندما أغنى أشعر أنى الملك. ■ ما رأيك فى أزمة صناعة الموسيقى والأغنية فى الدول العربية عموما ومصر خصوصا؟ وما تصورك للحل؟ - وضع الموسيقى الآن يعكس الواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى لهذه الأمة، وحالنا الذى نعيشه لا نحسد عليه وهكذا وضع الموسيقى أيضاً، وقديما قال ابن خلدون «تصل الشعوب إلى أسفل الدرجات بوصول فنانيها ومثقفيها إلى أسفل الدرجات، وترقى وتسمو إلى أعلى الدرجات بوصول فنانيها ومثقفيها إلى أعلى الدرجات». ■ أخيراً ماذا تقول عن الأوضاع السياسية الملتهبة التى تشهدها مصر حاليا؟ - لا أقول للمصريين سوى «ضموا الصفوف وتوحدوا ووصلوا الرسالة بالصدق والأمانة والله خير حافظ لهذا البلد».