ملفات وحوارات
بالصور والفيديو..مواطنون:الطوابير بالساعات .. والإخوان وراء أزمة الأنابيب
دقت الساعة الخامسة صباحا، وقد حان موعد رحلة البحث عن "أنبوبة البوتاجاز"، فخرج الأشقياء "الغلابة" من منازلهم مجبرين، رغم برودة الشتاء، نساء ورجال وصبيان يحملون على أكتافهم أنبوبة البوتاجاز يتسابقون لحجز أماكنهم في الطابور الذي لا نهاية ولا حصر له، وقد تنتهي الرحلة في الخامسة عصر إما بالنجاح في اجتياز المعركة والحصول علي الأنبوبة، إما أن تبوء بالفشل لتبدأ الرحلة من جديد في اليوم اللاحق.
أربعة أيام تبحث فيهم "سامية محمد" عن الأنبوبة، تخرج الساعة السادسة صباحا من منزلها بأرض اللواء إلي مستودع ناهيا، وتعود في الخامسة عصر، وفي كل يوم ترجع بخيبة أمل و"خفي حنين"، حتي بات أطفالها يصرخون جوعا، فكيف تطهي لهم الطعام وأنبوبة البوتاجاز فارغة، ومن أين تأتي بـ 50 جنيه لتملأ الأنبوبة من "السريحة"، ليصل بها المطاف إلي أنها أصبحت ناقمة علي بلدها، وتقول "هما عايزين مننا إيه عايزين يطفشونا من البلد طيب هاتولنا بلد تانية وإحنا نهاجر حرام عليكم اللي بتعلموه في الغلابة ".
وبين "مياه المجاري وأكوام من القمامة " يقف العشرات من المواطنين في طابور طويل بانتظار الأنبوبة في مستودع بولاق أبو العلا، غير مبالين بالروائح الكريهة المنبثقة من القمامة والمجاري، فكل ما يشغل بالهم لحظة قدوم السيارة المحملة بالأنابيب التي تأذن لهم بالعودة لمنزلهم بعد أكثر من 10 ساعات مكثوا بها في الشارع دون طعام وشراب وأطفالهم في البيت آملون في عودة أبائهم كي يعدوا لهم الطعام الذي يقيهم جوعهم.
يقول صبري هشام، إنه لا يستطيع أن يشتري الأنبوبة بـ 50 جنيه، لذلك يتحمل الوقفة وسط القمامة والمجاري حتى يدفع 12 جنيه فقط ، عم صبري تجاوز الخمسين من عمره يكاد يسقط علي الأرض إذا حمل الأنبوبة فوق كتفه، ومع ذلك جاء بعد صلاة الفجر إلي أن حلت الساعة الخامسة، ولم يستطع الحصول على الأنبوبة فرجع إلي بيته آسفا .
الأزمة ما هي إلا صراعات بين الحكومة الحالية وجماعة الإخوان المحظورة، هكذا يراها عبد التواب سيد، مؤكدا أن الإخوان هم من وراء الأزمة حتى يدمروا البلاد، ويشعلوا الاحتجاجات ضد الحكومة، وأضاف قائلا " الإخوان بتنتقم من الحكومة والشعب الغلبان هو الضحية وهيضيع في النص ".
"خناقات وقطع طريق" هكذا الحال أمام مستودع منشأة ناصر حيث يتعارك المواطنون المصطفون بالطوابير مع "السريحة" تارة ومع أصحاب المستودعات تارة أخرى، حتى لجأوا في النهاية لقطع طريق صلاح سالم لما يقرب من نصف ساعة حتي رأوا لجنة من وزارة التموين فأرشدوهم على سيارة تبيع الأنابيب في السوق السوداء، وعندما تمكنت اللجنة من القبض عليهم أدخلتهم المستودع، وهناك تفاضوا سويا وكأنه لم يحدث شيئا، فيئس المواطنون أن يكون هناك من يحل أزمتهم .
وهناك في آخر الطابور تجلس أنوار عاطف متكئة بيدها على الأنبوبة واليد الأخرى أسفل خدها تنظر بعينها إلى الأرض وتلمح فيهما نظرة انكسار وذل بصوتها المنخفض المنهك تتحدث إلى الجالسين معها القادمين بمختلف المناطق، وبخاصة من عين الصيرة إلى مستودع منشأة ناصر وتقول " لحد أمتي الشعب هيفضل تعبان ويصرخ من الجوع والذل عيالي هيموتو من الجوع وهجيب فلوس منين أملي الأنبوبة بـ 60 جنيه ".
وتضيف، أنها جاءت يوم الجمعة ومكثت أمام المستودع منذ الثامنة، وحتى قرب آذان المغرب، ولم تغير الأنبوبة ثم جاءت فجر اليوم التالي ولم تفلح في ملئ الأنبوبة، فكلما جاءت سيارات "السريحة" والخريجين استولت على كافة الأنابيب بالمخزن، دون أن يحصل الأهالي على أية أنبوبة، ليتم بعد ذلك بيعها في السوق السوداء بأغلى الأثمان .
وترى تلك السيدة العجوز، أن الأزمة ليست في نقص الأنابيب، ولكنها تتمثل في غياب الرقابة علي المستودعات وترك الساحة للسوق السواء لتنهب حق المواطن، مطالبة الفريق عبد الفتاح السيسي بان يتدخل لحل الأزمة، كما اعتادت من مواقف من قبل الجيش لحل الأزمات .