أهم الأراء
إلغاء مجلس الشورى (1- 2) شكراً للرأى العام
قد لا تكون هناك استطلاعات رأى منظمة فى مصر، وقد لا تكون هناك أيضا تقاليد راسخة أو ثقة مجتمعية فى كثير من هذه الاستطلاعات، إنما هناك من المؤكد مؤشرات للرأى العالم قد تكون انطباعية أو تقديرية يلحظها الكثيرون من قضية بعينها. والمؤكد أن وجود رأى عام شعبى ضد وجود مجلس الشورى دفع بتيار واسع من أعضاء لجنة الخمسين إلى رفضه، خاصة أن هذا الرأى عبّر عن نبض الناس ورغبات عموم المواطنين، وليس القلة التى تقضى عمرها فى «النضال» على «تويتر» و«فيس بوك». نعم هناك شىء اسمه نبض الشارع أو وجدان الناس (لا تخاصموا وجدان الناس، تعبير الفنان خالد يوسف داخل لجنة الخمسين)، تجاهله مبارك 30 عاما، ولم يره مرسى على مدار عام، فالأول كان حاكما مستبدا لم يعتبر الشعب رقما فى أى معادلة، والثانى كان رئيسا لكل الجماعة وليس لكل الشعب المصرى. معركة مجلس الشورى داخل لجنة الخمسين تأثرت فى جانب منها بلاشك برأى الناس وموقفهم السلبى من هذا المجلس، وهو ما عبر عنه د. محمد أبوالغار بشفافية غير معتادة لدى كثير من السياسيين، حين قال: «لقد كنت فى البداية مع مجلس الشورى، وعقب سماعى ردود أفعال الناس أدركت أنهم على صواب وأننى كنت على خطأ، ولذا سأصوت من أجل إلغاء مجلس الشورى». والحقيقة أن موقف الناس من مجلس الشورى لم يكن موقفا سلبيا من كيان «شكله لم يعجبها»، إنما من كيان لم يكن مضمونه الحقيقى له أى علاقة بالهدف الذى قام على أساسه، فلم يكن مجلس خبراء (رغم وجود كثير من الخبراء داخله)، ولم يكن مجلس كفاءات رغم وجود بعض الكفاءات داخله، إنما كان فى مجمله مجلس ترضيات دون أى صلاحيات تذكر، وكان عبئا ماليا على الدولة، ولم يضف أى قيمة تذكر فيما يتعلق بجودة التشريع. حضور الرأى العام هذه المرة كان حاسما فى إنهاء وجود مجلس الشورى، لأن الضمير الشعبى غير الضغط الفئوى، فالأول يتحرك بدوافع الصالح العام أو ما يراه أنه كذلك، ويحتاج إلى نخبة سياسية تسمعه حتى لو اختلفت معه، وحتى إذا لم تستطع الاستجابة لكل ما يطلب، أما الثانى فهو مطالب لصالح فئة أو جماعة معينة قد يقاومها ليس فقط من فى السلطة، إنما أيضا الفئات الأخرى التى ترى أن الاستجابة لمطالبها أتت على حسابها. والمؤكد أن النظم الديمقراطية تعرف دور جماعات الضغط والمطالب الفئوية، لكنها عادة ما تكون مرتبطة بنشاط الأحزاب أو مطالب النقابات، ويجب ألا تترجم فى كتابة أى دستور إلا إذا كان الدفاع عنها يحقق مصلحة عامة متوافقاً عليها من معظم الفئات. إن نجاح الرأى العام فى حسم معركة مجلس الشورى يرجع لكونها قضية عامة رفضها قطاع واسع من المصريين، باعتبارها صالحا عاما وليست مطلبا فئويا، فانتصر المواطن المصرى بسلاح الضمير الجمعى وليس بالابتزاز والصوت العالى. [email protected]