عالم
الديون الخاصة عبء أكثر على الدول من الديون السيادية
أعلن البنك المركزي الأوروبي (ECB) مؤخرا عن قيامه بإجراء فحص لمصادر وجذور الأصول المصرفية قبل توليه مهمة الإشراف والرقابة المصرفية على منطقة اليورو ب في أواخر العام المقبل، والتي يهدف من خلالها إلى تحديد هوية الديون المعدومة التي تمثل عبئا على بنوك منطقة اليورو، كما انها تعوق التدفقات النقدية لها، ويعد هذا أمرا مهما، حيث ان هناك جزءا من دول المنطقة ذات العملة الموحدة شلت تماما فقط بسبب الديون الخاصة وليس الديون السيادية، ومعظم تلك الديون الخاصة مدونة في سجلات المصارف الاوروبية.
ففي جميع أنحاء منطقة اليورو هناك برامج تقشفية صارمة من اجل معالجة أزمة الديون السيادية، ولكن هذا في غير محله، حيث ان ارتفاع الديون الخاصة كان أكثر ضررا على النمو الاقتصادي من ارتفاع الدين العام، فوفقا لبحث أجري مؤخرا من قبل صندوق النقد الدولي وجد ان ارتفاع الديون السيادية يؤثر على انخفاض النمو الاقتصادي فقط عندما يكون هناك إفراط في الديون خاصة بسبب ان أصحاب المنازل والشركات مثقلون بالديون.
وبذلك يتضح ان التأثير الخبيث للديون الخاصة والذي عادة ما يزداد عندما يكون هناك ازدهار في مؤشرات الائتمان وبالتالي يؤدي إلى الانكماش في الاقتصاد. فالشركات المثقلة بالديون تتجنب الاستثمار وتركز على تقليص ميزانياتها من اجل سداد هذه القروض. حيث ان الديون المعدومة تؤدى إلى تآكل رؤوس الأموال، إلى جانب ان المصارف أصبحت أكثر ترددا في الإقراض، كل هذه العوامل السلبية عززت من بعضها البعض وأدت إلى زيادة بطء عملية النمو الاقتصادي.
وحتى الآن من غير المعلوم بالضبط كيفية تحديد نقطة الافراط في الدين، حيث اتجهت المفوضية الأوروبية المسؤولة عن رصد أي اختلالات اقتصادية ككل، وقد حددت المفوضية نسبة الدين الخاص - المتمثل في ديون أصحاب المنازل وديون الشركات غير المالية في شكل قروض وسندات دين مثل سندات الشركات - بنسبة 160% من اجمالي الناتج المحلي، ويبدو هذا النهج كوسيلة لمقاومة الإفراط في الدين، وقد ساد ذلك النهج في الوقت الحالي في كل من أميركا ومنطقة اليورو.
ولكن على أرض الواقع يجب ان تكون نسبة الدين الخاص 200% من اجمالي الناتج المحلي، حيث ان هناك نحو 8 دول ضمن الـ 17 دولة المكونة للاتحاد الأوروبي المشتركين في العملة الموحدة تبدو عرضة للمخاطر الاقتصادية.
ومن تلك الدول الثماني بلجيكا ولوكسمبورغ فتبدوان اقل قلقا عما تظهران عليه بسبب تضخم ديون الشركات فيهما من خلال شركات متعددة الجنسيات إضافة إلى ان هناك جزءا كبيرا من تلك القروض يتم فيما بين الشركات وبعضها البعض.
ولكن هذا لا ينطبق على هولندا، حيث إن نسبة الديون الخاصة فيها أكثر من 220% من إجمالي الناتج المحلي ويرجع السبب الرئيسي في ذلك لارتفاع نسبة الاقتراض بين أصحاب المنازل، كذلك الحال في مالطة فهي تقترب من نسبة 220%.
كذلك هو الحال فان هناك 4 دول أخرى تعاني من ارتفاع نسبة الديون الخاصة والتي احتدم الأمر التدخل لإنقاذها وهي قبرص وايرلندا، حيث ان نسبة الدين الخاص أكثر من 300% من إجمالي الناتج المحلي، وفي البرتغال بلغت نحو 255%، وفي أسبانيا هي 215%. فجميع الدول الثماني تعاني ارتفاع الديون الخاصة عدا واحدة تعود أغلبية الديون الخاصة فيها إلى ديون الشركات.
والاكثر غرابة في ديون الشركات هي لوكسمبورغ تليها في ذلك أيرلندا من خلال ديون الشركات المتعددة الجنسيات ففي ايرلندا وجد ان ديون أصحاب المنازل وحدها تتجاوز نسبة 100% من اجمالي الناتج المحلي.
وتعد هولندا هي فقط الدولة الوحيدة التي يتمثل أغلب الديون الخاصة فيها في ديون شخصية فتبلغ نسبة ديون اصحاب المنازل 128% من إجمالي الناتج المحلي (رغم ان نسبته في قبرص اعلى من ذلك فتصل إلى 136% من إجمالي الناتج المحلي).
وتأتي إيطاليا في المرتبة الثانية في منطقة اليورو بالنسبة للديون السيادية، وليس لديها مركز بين بلدان اليورو بالنسبة للديون الخاصة، فديون الشركات فيها أقل نوعا ما مقارنة بمتوسط ديون الشركات في منطقة اليورو كذلك فان ديون أصحاب المنازل في ايطاليا منخفضة بشكل خاص.