أهم الأراء
م الآخر| السقوط في بئر "نعم"
التهبت الأيادي تصفيقًا لـ"نعم"، ولم يعلق أحد على السُبة فور انتهائه من بناء الحائط الذي سيمشي بجانبه؛ كي يأكل "عيش" في هذا الوطن، وبعد التأكد من إتمام كافة عمليات الصيانة والترميم لكل آرائه السياسية على شبكة التواصل الاجتماعي، فضلًا عن إعادة تشغيل خاصية "اخترناه" في ثوبها الجديد "تسلم الأيادي"، صعد منصة الحزب الكارتوني العريق الذي انضم إليه منذ عامين؛ معلنًا مشاركته في جولات الحزب الداعمة للدستور قائلًا : - نعم للدستور يا أولاد الـ(...) التهبت الأيادي تصفيقًا لـ"نعم"، ولم يعلق أحد على السُبة التي أجاد التعبير عنها بمخارج ألفاظ واضحة، مرفقًا ظاهرة صوتيه من الأنف تبعتها بصقة على الوجوه المستبشرة، استغرق بعدها وقت أطول من سابقيه في شرح أسباب موافقته على دستور لم يقرأه، واضعًا بين ثنايا الكلام شتائم وألفاظ أبسطها: "تعالولي ورا مصنع الكراسي يانخبة وسـ(...) ـة"؛ في محاولة أخيرة للفت انتباه مواكب العميان عن كلمة "نعم" التي تطارده منذ أن أعلن في قرارة نفسه أن يحلل مواد الدستور ليعطي قراره النهائي بالموافقة أو الـ(...). ـ الكلمة التي بين الأقواس، أعلن الضمير الجمعي لجمهورية مصر العربية نفيها خارج نطاق الوطن، واحتسبت من الكلمات المعيبة التي تصل لمرتبة "شتيمة الأم". ** القاهرة 1962 الأب ذو الشعر المفلوق من المنتصف الرأس، والشارب المقتبس من نجم جيل الثلاثينات كلارك جيبل، منهمك في تدخين سجائر "لاكي سترايك"، يدخل عليه ولداه حسين وأحمد. - حسين جهز نفسك عشان تروح بكرة تقول "نعم" للدستور - لكن يابابا أنا.. أنا - إنت إيه؟ - أنا عايز أقول رأيي أنا يابابا.. مش مهم هو إيه.. المهم اني أقول للي حاسس بيه.. مش عايز أردد رأيك إنت - إنت بتتحداني ياولد اطلع بره - إنت ليه بتعاملني ليه كده كأني مش ابنك؟! - أيوه إنت مش ابني.. إنت اخوان.. أيوه أكيد إخوان - لا أنا مش إخوان.. لا لا استيقظ عند هذا الحد متثاقلًا، مقسمًا بكل الأيمانات أن يزهد وجبة العشاء التي التهمها أمام فيلم السهرة "الخطايا"، وحمد الله أنه لم ينعس عند مشاهدة فيلم الكرنك، صفعة عماد حمدي أرحم وأرقى من فتح قميص فرج. ** القاهرة 2014 يجلس على طاولة الإفطار متصفحًا ملحق الدستور الجديد الذي وجده مرفقًا مع الجريدة اليومية، واعتبرها إشارة سماوية للمضي في درب الحريات، وقد كان هوسه بالإشارات والعلامات هي البداية. - الابن: بابا إنت هتشارك في الدستور - الأب: أيوه ياحبيبي - الابن (ببراءة الست أعوام الأولى من عمره): قالولي في المدرسة اسمها "نعم" يابابا!! - الأب (مستفسرًا): إنت تقصد أنهي "نعم" ياولد؟ كست ملامح الجدية على الابن، وحدج أباه بنظرة بوليسية مستوحاة من أفلام "إم بي سي أكشن"، وقطع الصمت بجملة: "إبقى خدني معاك يابابا"