السيارات
الإستراتيجية «مركونة» طوال 15 عامًا.. «موكب صناعة السيارات» جاهز للتحرك

لعل سوق السيارات فى مصر وما يشهده من أزمات تعد الأسوأ على الاطلاق منذ سنوات تعيد أهمية اتخاذ خطوات فعلية وحثيثة نحو تنفيذ استراتيجية صناعة السيارات والتى أطلقها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء منتصف شهر يونيو الماضى خلال زيارته للمنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتى تعتبر "دستور" لتعميق صناعة السيارات والصناعات المغذية في مصر، وينتظرها قطاع السيارات منذ 15 عامًا تقريبًا، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات، ليس فقط لخدمة السوق المحلي، بل لتصديرها للخارج أيضًا، على أن تكون أفريقيا السوق الرئيسي لها.
فضلا عن ضرورة إحياء شركة النصر للسيارات، حيث عملت الحكومة على إحياءها منذ عامين تقريبًا، وبالتحديد في مطلع ديسمبر 2020، بإعلان رئاسة مجلس الوزراء عن تعاون شركة النصر التابعة لوزارة قطاع الأعمال مع شركة دونج فينج الصينية، لتصنيع طراز E70 في مصر.
وقال المهندس يحيى راشد خبير فى صناعة السيارات أن الصناعات المغذية داخل مصر تواجه عدد من المشاكل، مما يؤثر على عملية صناعة السيارة نفسها، سواء بالتأخير أو بانخفاض درجة الجودة، مشيرا الى أنه كان من المقرر استقطاب شركات صناعات مغذية عالمية لسد حاجة مصانع السيارات وحجم الصناعة المستهدف الوصول إليه خلال السنوات المقبلة، وتعميق صناعة أجزاء جديدة مثل المحركات ونواقل الحركة والشرائح الإلكترونية.
وأشار الى توقيع الحكومة عدد من مذكرات التفاهم في منتصف شهر يونيو 2022 مع القطاع الخاص، لبدء دراسة إنشاء مجمع تصنيع السيارات المشترك EPAZ، في المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على مساحة مليون متر مربع، بمشاركة 3 من مصنعي السيارات، بإجمالي طاقة إنتاجية مستهدفة 240 ألف سيارة سنويًا.
ووقعت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وصندوق مصر السيادي وشركة شرق بورسعيد للتنمية مع الشركة المصرية العالمية للسيارات EIM، مذكرة تفاهم بشأن توطين صناعة السيارات والصناعات المغذية في المنطقة الصناعية بقدرة استيعابية 75 ألف مركبة سنويًا كمرحلة أولى.
ووقعت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وصندوق مصر السيادي وشركة شرق بورسعيد للتنمية مع مجموعة PAC للاستشارات العالمية، مذكرة تفاهم بشأن بإجراء الدراسات اللازمة لإقامة مجمع تصنيع السيارات المشترك EPAZ في المنطقة الصناعية.
وتساءل "راشد" عن قيام وزارة التجارة والصناعة بوقف استيراد السيارات الكهربائية المستعملة في مايو 2021، في محاولةٍ منها لحماية المنتج المحلي المتمثل آنذاك في سيارات النصر الكهربائية التي لم ترى النور حتى الآن، داعيا الحكومة بإعادة السماح استيراد السيارات الكهربائية المستعملة، حتى وإن كان لفترة مؤقتة، بما يساهم في حل الأزمة الجارية نتيجة نقص السيارات في السوق.
وقال حسين الزيات أحد الخبراء السابقين بالهيئة الاقتصادية لقناة السويس أنه كان من المتوقع منذ عام 2016 اقامة كيان ضخم فى ميناء شرق بورسعيد لجذب الشركات العالمية نحوه لتصنيع وتجميع السيارات.
وأشار إلى أن الهيئة الاقتصادية لتنمية محور قناة السويس كانت تسير فى خطة تنمية صناعة السيارات عبر 3 محاور، الأول يشمل جذب المصنعين إلى المنطقة وتذليل العقبات أمامهم، والثاني عبر توفير ميناء مخصص للسيارات، وهو ما تم بالفعل، حيث جرى تخصيص رصيف كامل للسيارات في ميناء شرق بورسعيد، والأخير من خلال تخصيص منطقة تتراوح مساحتها بين 100 و200 ألف متر لتمكين شركات السيارات من إنشاء مصانعها، وأيضًا توفير مساحات لاستخدامها كمعرض مفتوح للسيارات للراغبين في إبرام التعاقدات من المستوردين أو المستهلكين على السواء.
وقال حسين مصطفى، المدير السابق لرابطة مصنعي السيارات إن مصر ليست لديها أزمة في تصنيع السيارات، ولكن لدينا أزمة في التسويق والمبيعات؛ نظرًا لارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق وانخفاض قوة الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى. مضيفا أن سبب استثمار شركات السيارات في المغرب وتونس والجزائر بدلًا من مصر، يرجع إلى أن مناخ الاستثمار في مصر منذ سنوات لا يتناسب مع متطلبات الشركات المستثمرة وغير جاذب للاستثمار. وتابع: «في هذه الفترة عرضت المغرب حوافز استثمارية كبيرة جعلت بعض الشركات تتخذ المغرب مركزًا للإنتاج الكمي والتصدير، كما كانت الحوافر تتضمن إعفاء من ضرائب الأرباح التجارية، وكذلك إعفاء من الجمارك، وأيضًا تقديم حوافز في أسعار الأراضي وتقوم بدفع نسبة من المعدات المطلوبة للتصنيع، مشيرا الى إنشاء المغرب مناطق صناعية وربطتها بالموانئ، وخطوط سكك حديدية خاصة، بالإضافة إلى بناء مراكز لتدريب العاملين، ويليها تونس حيث أصدرت بعض القوانين التي أجبرت الشركات التي يتم الاستيراد منها في تصنيع أجزاء سيارات أو مكونات سيارات داخل تونس، وتبعت الجزائر تونس في الصناعات المغذية وتتقدم حاليًا في قطاع صناعة السيارات، وهو الأمر الذي كان يميزهم عن مصر طوال العقود السابقة».
وأشار خبير صناعة السيارات، إلى أن الوضع الحالي في مصر يختلف عن السابق، حيث إن المناخ العام خلال الفترة الحالية جاذب للاستثمار من حيث تقديم حوافز فعلية للمستثمرين سواء في استعادة جزء من الأموال المستثمرة أو تقديم الأراضي بتسهيلات، وأيضًا تقديم أراض بالمجان في المناطق الأولى بالرعاية مثل الصعيد.
وأكد أنه تم عمل البنية التحتية في مصر اللازمة لجذب الاستثمارات، مثل شبكة الطرق، التي تعد من العوامل الجاذبة للاستثمار، بالإضافة إلى تطوير الموانئ الموجودة والتوسع فيها، وربطها بالمحافظات وكذلك إنشاء موانئ جديدة علاوة عن مشروعات تنمية محور قناة السويس، بما يتضمنه من أنفاق وموانئ ومناطق لوجيستية.
ولفت إلى أن هناك شركات تتفاوض مع مصر للاستثمار في قطاع السيارات، وتدرس التصنيع في مصر، خاصة بعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى لقادة شركات السيارات العالمية ودعوتهم الى الاستثمار فى مصر والتشديد على الحكومة ضرورة توطين صناعة السيارات فى مصروتوفير كافة الظروف للتسيير فى عمل المستثمرين. قائلًا: «لكن هذه الشركات تنتظر وضوح رؤية الدولة، أمام الاستثمارات الجديدة فيما يخص الضرائب والجمارك والتي ستميز التصنيع المحلي عن الاستيراد». وقال أن توقف بعض الشركات الأوروبية عن التصنيع في مصر يرجع لأسباب خاصة بها، والتي من ضمنها توقعات التطبيق الكامل لاتفاقية الشراكة الأوربية، ولكن أعتقد أن هذه الشركات ستعود قريبًا إلى السوق المصري.
وقال الدكتور خالد عبد الفتاح، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، إنه يوجد 20 شركة لتصنيع السيارات في مصر، ولكن نحتاج إلى قرارات حقيقية لتغذية الصناعات المصرية، متابعًا: «الرئيس السيسي، لديه قانون بشأن السيارات تنص المادة الأولى فيه على أن جميع قطاع السيارات يجتمع لتصنيع سيارة مصرية 100%، والمادة الثانية تنص على أن جميع الهيئات والقطاعات الحكومة ملزمة بشراء 20 ألف سيارة من المنتج، والمادة الثالثة تنص على أنه إذا لم تقم هذه الشركات بالتصنيع تتم مضاعفة الإيرادات 300%، ولكن لم يفعل حتى الآن.