دعمت زيارة الرئيس البولندي أندريه دودا، التي قام بها إلى مصر الأسبوع الماضي، الحديث المتزايد في الفترة الأخيرة حول تصدير الغاز المصري إلى أوروبا، حيث تحدث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن عملية توريد الغاز المسال، وقال أن بلاده تمتلك ميناء للغاز المسال وبدأت توسيعه، ومصر بالنسبة لها شريك مستقبلي وتدعم المفاوضات التي تتم بين مصر والاتحاد الأوروبي من أجل تصدير الغاز المسال المصري للاتحاد الأوروبي.
وحول فرص مصر في تصدير غازها إلى أوروبا، يقول مصطفى أبوزيد الخبير الاقتصادي إن الدولة المصرية استطاعت أن تقوم ببناء بنية تحتية قوية في مجال الغاز، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي أكد أن مصر ستكون الدولة القادرة على تصدير الغاز لأوروبا، وستكون بديل استراتيجي في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث أن الضرر الأكبر من العقوبات الاقتصادية على روسيا سيكون على الاتحاد الأوروبي ومصر تستطيع الاستفادة من الأزمة عن طريق تصدير الغاز لأوروبا.

وأكد أبوزيد إن قطاع الغاز أصبح درعاً وسلاحاً في ملف الأمن الاقتصادي وعلى المستوى الأمني والاقتصادي العالمي، فقد تواجه أوروبا واحدة من أكبر صدمات إمدادات الطاقة على الإطلاق وأنه وسط هذه الأزمة التي لم تشهدها أوروبا من قبل تأتي مصر كمركز محوري عالمي بملف الغاز وكواحدة من بين الدول التي تقدم طوق النجاة لأوروبا ومن ثم تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، مشيراً إلى أن مصر بذلت جهوداً دولية كبيرة لتضع نفسها على الخريطة العالمية لإنتاج وتداول الغاز الطبيعي، ويرجع ذلك إلى رؤية القيادة الرشيدة للجمهورية الجديدة والاهتمام بملف الأمن الاقتصادي، حيث تم وضع ملف الغاز الطبيعي في مقدمة أولويات خطة العمل والإصلاح ليصبح سلاحاً اقتصادياً رادعاً.

ويؤكد محمد راشد الخبير الاقتصادي أن مصر والنرويج والجزائر تمثل الأسواق والبدائل الأفضل علي الإطلاق وهو ما يشكل فرصة كبرى بل وذهبية لزيادة الصادرات المصرية من الغاز للسوق الأوروبية خاصة مع تنامى إنتاج واكتشافات الغاز في مصر وزيادة الفائض عن الاكتفاء الذاتي عاماً تلو الآخر، مشيراً إلى أن الفائض من الغاز  يقدر بأكثر من 5 ملايين طن عام 2021 علاوة علي أن اشتراك مصر في تأسيس منتدى شرق المتوسط واختيارها المقر الرئيسي له يدعم بقوة صادرات الغاز المسال إلي أوروبا.

وأشار راشد إلى أن تعاظم حجم الاكتشافات مع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية سيعضد قدوم المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلي مصر في مجال التنقيب عن الغاز مما ينعكس إيجاباً علي مزيد من الإنتاج والتصدير مستقبلاً، وهو ما يصب في تعظيم الصادرات المصرية ودعم استقرار سعر صرف الجنيه المصري.

ويقول هيثم جمال الخبير الاقتصادي أن هناك مجموعة من التأثيرات الإيجابية على الاقتصاد المصري تتمثل في الاستفادة من ارتفاع أسعار تصدير الغاز نتيجة زيادة الإيرادات وفتح فرص جديدة للاستثمار في قطاع الطاقة وبخاصة في ظل تحسن البنية التحتية والمشروعات القومية التي قامت بها مصر وزيادة الاكتشافات وضخ مزيد من رأس المال في ظل حالة الاستقرار السياسي التي تعيشها مصر.

ولفت جمال إلى أن حدوث تحول في وضع مصر علي الأجل الطويل حيث تصبح مصر مركزاً إقليمياً للطاقة كما سيسهم منتدي غاز شرق المتوسط لكونه أول منظمة إقليمية للتعاون في مجال الغاز الطبيعي في تحقيق فائض في الغاز ومن ثم تصديره والحصول علي عملات صعبة وتحسن قيمة الجنيه مطالباً بالسعي نحو مد خط غاز إلي أوروبا عن طريق الشراكة بين مصر وشركائها في المنطقة.

وقال وليد جاب الله الخبير الاقتصادي إن الارتفاع العالمي في سعر الغاز الطبيعي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية إضافة إلى إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو لن تقبل تصدير الغاز إلى الدول غير الصديقة إلا بالروبل الروسي بما في ذلك الدول الأوروبية أدى لبحث أوروبا عن مصادر بديلة للغاز الروسي لصعوبة تطبيق القراروجعلها تتجه نحو الدول العربية لتصدير الغاز منها ومن بين الدول الأكثر إنتاجا للغاز قطر ومصر والجزائر.

وأضاف جاب الله أن الاتحاد الأوروبي أكد في بيان له أنه يسعى بحلول نهاية عام 2027 لإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي نهائياً، لافتاً إلى أن الموقف الراهن يؤكد أنه لا بديل أخر إلا تصدير غاز شرق المتوسط إلى السوق الأوروبي موضحاً أن الغاز المصري سيكون أحد أهم البدائل القوية لسد احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي حيث أن حجم صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال العام السابق 2021 بلغ 2 مليار متر مكعب إلى السوق الأوروبية ومع زيادة الطلب وتوقف الغاز الروسي سيكون الغاز المصري البديل مع قطر والجزائر وبالتالي ستحقق صادرات الغاز الطبيعي المصري أرقاماً قياسية خلال الفترة القادمة.

ويقول هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي أن الجمهورية الجديدة نجحت بملف الغاز حيث حققت مصر رقماً قياسياً في صادرات الغاز الطبيعي المسال ليضع مصر في صدارة ترتيب الدول العربية التي حققت النمو الأكبر في حجم صادرات الغاز الطبيعي ونجحت في إعادة تشغيل مصنع إسالة الغاز بدمياط واستئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال منه بعد توقف دام 8 سنوات مشيراً إلى أن مصر حافظت على مستويات إنتاجها وتصديرها للغاز الطبيعي بالرغم من أزمة كورونا وتداعيتها ففي عام 2021 وصل حجم الإنتاج لـ 66.2 مليار م3 والاستهلاك إلى 62.9 مليار م3 والفائض إلى 3.3 مليار م3 فيما سجل الإنتاج 63.2 مليار م3 في عام 2020 والاستهلاك 59.6 مليار م3 والفائض 3.5 مليار م3.