ملفات وحوارات
لا تعامل داخل مصر إلا بالجنيه.. الحكومة تخوض «حرب استنزاف الدولار»

يبدو أن آثار الحرب الروسية الأوكرانية لن تتوقف خلال الفترة القصيرة المقبلة، حيث أدى اشتعال الحرب منذ شهور إلى التأثير على احتياطات النقد الأجنبى فى مصر والذى ظل مرتفعا على مدار ما يقرب من عامين، حتى إعلان البنك المركزى الأسبوع الماضى انخفاض احتياطي النقد الأجنبي لمصر بنحو 3.9 مليار دولار خلال شهر مارس الماضي، مسجلا بنهاية الشهر 37.082 مليار دولار مقابل 40.994 مليار دولار في نهاية فبراير.
وذكر المركزي، في بيان، أنه استخدم جزءاً من احتياطي النقد الأجنبي لتغطية احتياجات السوق المصري، وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية، وكذلك لضمان استيراد سلع استراتيجية، بالإضافة إلى سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة.
وذكر مستثمرون أن السوق بدأ يعانى فعليا من أزمة فى السيولة الدولارية، الأمر الذى بدأ يؤثر على القدرات الاستيرادية، مما استوجب معه طلبات الى الحكومة ممثلة فى وزارة المالية بضرورة الإسراع بالتدخل لحل تلك الأزمة وإلا سيعانى السوق كله من نقص فى كافة السلع خلال الفترات المقبلة، لذا عملت الحكومة على إصدار قرارات من شأنها الحفاظ على أرصدتها من العملات الأجنبية وترشيد استهلاكها وتوجيهها إلى الأولويات خاصة فيما يتعلق بالاستيراد.
ولعل من تلك القرارات ما أصدره وزير المالية محمد معيط، وزير المالية، بدراسة مقترح الاتحاد العام للغرف التجارية، المتعلق بإيقاف التعامل بالدولار على الأراضي المصرية لتخفيف أعباء إضافية ناتجة عن غرامات الأرضيات التي تدفع بالدولار للخطوط الملاحية، مؤكدا أن الهدف من القرار ألا يتعامل أحد داخل مصر إلا بالجنيه المصري، وموضحا أنه لا يجب أن يتعامل أحد داخل مصر إلا بالجنيه المصري.
وكان خطاب موجه من الدكتور محمد معيط، وزير المالية إلى المهندس إبراهيم العربي، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية والغرفة التجارية بالقاهرة؛ أشار الى أنه بموجب المقترح المقدم من الاتحاد فإنه سيتم إيقاف التعامل بالعملة الأجنبية و سيتم التعامل بالنقد المحلي لتقليل الضغط على العملة الأجنبية وسداد مصروفات التداول المحلي والتأكيد على مد ساعات العمل لموظفي التأشيرات والتحصيل والصرف بالساحة الصينية حتى السابعة مساءا وفقا لمواعيد لجان الفحص المشترك وتقليل زمن الإفراج الجمركي .
وأكد معيط في تصريحات سابقة، أنه تمت مخاطبة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة للتوجيه نحو دراسة مدى إمكانية تعامل التوكيلات الملاحية مع شركات تداول الحاويات بالعملة المصرية، وإيقاف التعامل بالعملات الأجنبية في سداد مصروفات التداول المحلي داخل مصر.
ورحب أعضاء الاتحاد العام للغرف التجارية بتلك الخطوة والتى من شأنها تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في البنوك بعد التبعات السلبية التي يشهدها العالم على وقع حرب أوكرانيا، ومؤكدين على أنه من غير المنطقي تسديد مصروفات التداول المحلي للشحنات وهي على الأراضي المصرية بالدولار.
وأشاد الدكتور عمرو السمدوني، سكرتير شعبة النقل واللوجيستيات بالغرف التجارية، بقرار الدكتور محمد معيط وزير المالية، حول مخاطبة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، لدراسة مدى إمكانية تعامل التوكيلات الملاحية مع شركات تداول الحاويات بالعملة المصرية «الجنيه»، وإيقاف التعامل بالعملات الأجنبية في سداد مصروفات التداول المحلي داخل مصر.
وقال إن الخطوط الملاحية تحصل أغلب مصروفاتها بالدولار، في حين تعاني البلاد أزمة نقص حادة في مواردها الدولارية بعد تراجع أداء مصادرها الرئيسية من الصادرات والسياحة والاستثمار، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار الفترة الماضية.
وأضاف «السمدوني»، أن التوكيلات الملاحية أعطت لنفسها الحق في تحصيل عوائد التفريغ بالدولار؛ بحجة أنها تتعامل مع محطات حاويات أجنبية، والسؤال الذي يطرح نفسه: "ما هو الحال إذا كانت تتعامل مع محطات شركات محلية المفروض أنها تقوم بالتحصيل بالجنيه المصري".
وقال إن هناك 3 محطات حاويات أجنبية في شرق بورسعيد «ميرسك»، والعين السخنة «موانئ دبي»، والشركة الصينية بالإسكندرية، تحصّل بالدولار، لأنه يسدد رسوم التفريغ لهذه المحطات بالدولار، مطالبًا بإلزام شركات الحاويات الأجنبية العاملة بمصر بالتحصيل من التوكيلات الملاحية بالجنيه المصري وليس الدولار، كما هو الحال حاليًا بالنسبة لشركات الحاويات المصرية.
وطالب «السمدوني»، بدراسة مقولة إن شركات الحاويات الأجنبية تدفع للحكومة مقابل الحصول على إمتياز عملها في الموانئ المصرية بالدولار، ولذا يحق لها أن تحصل مقابل خدماتها بالدولار، لأن هذا سيؤثر على استنزاف الدولار في السوق، علمًا بأن أغلب هذه المبالغ تدخل في حسابات الشركات الأجنبية خارج البلاد.
وذكر، أن المستوردين يعانون من أجل تدبير العملة الصعبة لسداد قيمة البضاعة المستوردة من خلال الاعتمادات المستندية، وبالتالي فإن دفع رسوم تفريغ الحاويات والحراسات والغرامات بالدولار يزيد العبء عليهم ويرفع ثمن السلعة المستوردة على المستهلك.
وقال مجدى عبدالعزيز، مستشار وزير المالية لشؤون الجمارك، إن الهدف من الإجراء تقليل الضغوط على الشركات المستوردة، خاصة مع ارتفاع غرامات التأخير المطلوبة حالة تأخر الإفراج عن الحاويات، والتى قد تصل إلى 160 دولارا عن كل حاوية يوميًا.
وأوضح أن أى معاملة داخل القُطر المصرى يجب أن تكون بالعملة المحلية، مطالبا وزارة النقل بالتدخل فى هذا الأمر وإلزام كل الشركات بقبول التعامل بالجنيه، خاصة أنها الجهة المسؤولة عن إصدار التراخيص والتصريحات للخطوط والتوكيلات الملاحية فى الموانئ المصرية، مؤكدا أن صدور مثل هذا القرار سيقلل بالتأكيد الضغط على العملة الأجنبية.
وقال متى بشاي عضو شعبة المستوردين أن القرار سيخفف الضغط على الدولار ولكن لن يكون له تأثير على الأسعار، وأوضح أن المستورد سيسدد قيمة الغرامات والارضيات وتكلفة الشحن والتفريغ بما يعادل القيمة بالدولار بالجنيه المصري وتلك الرسوم ارتفعت من جراء الأحداث الراهنة بالإضافة لتغير سعر الصرف وهو ما يعني ان القرار لن يؤثر في السعر بسبب ارتفاع تكلفة وأسعار كافة الرسوم المحملة للسلع المستوردة .
وقال أن هناك ضوابط مشددة الفترة الحالية على الاستيراد فيما عدا السلع الغذائية لتوفير مخزون استراتيجي من السلع وذلك لتخفيف الضغط على الدولار.
وقال أشرف الشهات نائب رئيس شعبة النقل الدولي واللوجيستيات بالاتحاد العام للغرفة، إن الوكلاء المحليين للشركات يأخذون مصروفات التداول على الشحنات بالدولار.
وأوضح أن الوكلاء الملاحيين يحصلون رسومًا قبل دخول الشحنة إلى مصر، وبعد دخولها الموانئ المصرية، بالإضافة إلى حصة من رسوم تدفع لهيئة الموانئ مقابل الخدمات التي تتلقاها الشحنة من حراسات وغيرها.
وأشار إلى أن شعبة النقل البحري طالبت الاتحاد العام للغرف التجارية منذ 3 سنوات تحصيل مصروفات التداول للحاويات داخل مصر بالجنيه بدلا من الدولار، ولكن لم يبت في الأمر في ذلك الوقت.
وقال مصطفى المكاوي عضو شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن أعضاء الاتحاد العام اجتمعوا مع المهندس إبراهيم العربي وطالبوا بوقف التعامل بالدولار على الشحنات وهي على الأراضي المصرية.
وقال المكاوي، إنه بعد الاجتماع تقدم المهندس إبراهيم العربي بطلب لوزارة المالية نهاية مارس الماضي بخطاب لوقف التعامل بالدولار على الأراضي المصرية للحاويات، وأضاف أن هناك مغالاة في مصاريف الشحنات التي يأخذها الوكلاء الملاحيين والشحنات على أرض مصر.
وذكر المكاوي، أن تأخير الشحنات في الموانئ يتسبب في تحمل الشحنة كل مصاريف التأخير وبالتالي ارتفاع سعر السلعة النهائي، وسداد مصروفات عليها بالدولار مقابل التأخير.