ملفات وحوارات
بفضل الوديعة السعودية والاستثمارات الإماراتية والقطرية.. "أسلحة خليجية" تدعم الجنيه فى حربه الثانية مع الدولار

تسعى مصر جاهدة للوصول إلى سعر عادل للدولار بعد أن شهد ارتفاعاً كبيراً أمام الجنيه عقب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومن المتوقع أن يكون للوديعة السعودية الجديدة التي تم ضخها لدى البنك المركزي المصري بقيمة 5 مليارات دولار وإعلان قطر والإمارات عن ضخ استثمارات في السوق المصري، إضافة إلى الدخول في مفاوضات جادة مع صندوق النقد حول برنامج جديد، تأثيرًا إيجابيًا على قيمة الجنيه أمام الدولار خلال الأيام المقبلة.
ويرى هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي أن إيداع المملكة العربية السعودية 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري يجسد متانة العلاقات التاريخية القوية وأواصر التعاون الوثيقة التي تجمع بين البلدين، مشيراً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مصر على ودائع من السعودية كرمز لمساعدة مصر في التغلب على الضغوط على موارد العملات الأجنبية، فقد بلغت قيمة الودائع نحو 10 مليارات دولار موزعة على 5 ودائع ذات آجال مختلفة وأسعار فائدة متنوعة، لافتاً إلى أن إعلان السعودية عن تقديم الوديعة الجديدة يتزامن مع الإعلان عن استثمارات قطرية في مصر بقيمة 5 مليارات دولار، وكذلك تقرير وكالة "بلومبرغ" الذي أفاد بأن صندوق أبو ظبي السيادي أجرى محادثات مع مصر على استثمار نحو ملياري دولار عن طريق شراء حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات.
وأكد "أبو الفتوح" أن هذه الخطوات مطلوبة بشدة لدعم الاقتصاد المصري في الأوقات الصعبة حيث تعاني معظم الاقتصادات من تداعيات التضخم العالمي والأزمة في أوكرانيا، موضحاً أنها ستساهم في تخفيف الضغط على سعر صرف العملات الأجنبية في السوق وتوقف الطلب على الدولار بغرض المضاربة والوصول إلى سعر عادل يعبر عن تدفقات ميزان المدفوعات وليس المضاربات، كما أن هذه الخطوات ستدعم موقف مصر في المفاوضات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي من المتوقع أن يتراوح بين 7 و10 مليارات دولار.
ويقول مصطفى أبو زيد الخبير الاقتصادي إن تأثير التدفقات المتمثلة فى الوديعة السعودية والاستثمارات القطرية الإماراتية على الجنيه سيكون إيجابياً، داعياً إلى التركيز على التصدير لاستمرار تعافى العملة المحلية أمام الدولار واستمرار التحسن الإيجابى له حتى لا يصبح هذا التحسن مؤقتاً، مشيرا إلى أن السلع الوسيطة أو مكونات الإنتاج أغلبها مستوردة وهى تمثل مشكلة ولكن فى النهاية التصدير مهم للغاية في ظل أن السياحة معتمدة على أشياء موسمية ولها علاقة بالأوضاع الجيوسياسية، كما أن تحويلات المصريين مرتبطة بعدد العاملين فى الخارج وإيرادات قناة السويس تعتمد على التجارة العالمية من ناحية أخرى زيادة الصادرات سيسهم في خفض العجز فى الحساب الجارى.
وأشار علي الإدريسي الخبير الاقتصادي إلى إن الاستثمار المباشر يواجه بعض التحديات منها ارتفاع تكلفة الأراضي كما يحتاج إلى حوافز ضريبية وتوافر عمالة مدربة ولديها المهارة، بالإضافة إلى أسعار الطاقة وكلها أمور جاذبة للاستثمار المباشر إلى جانب استقرار البيئة التشريعية، لافتاً إلى أن العرض والطلب على الدولار يتوقف على حجم السيولة المتاحة، فإذا انخفضت السيولة سينتج عن ذلك ظهور سوق موازية وهو ما يخلق فجوة سعرية للعملة الأجنبية بين السوق الموازية والرسمية ولكن إذا توافرت السيولة سيصبح لدينا سعر صرف موحد، مؤكداً على أن الحكومة والبنك المركزى حريصان على وجود قواعد لصرف العملة الأجنبية حتى لا يصبح هناك اكتناز لهاإلى جانب الاهتمام أكثر بتوفير العملة بالصناعات والاستخدامات الحقيقية.
وقالت هدى الملاح الخبيرة الاقتصادية أن تحقيق معدلات تضخم منخفضة ومستقرة على المدى المتوسط شرط أساسى لدعم القوة الشرائية للمواطن المصرى وتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة، مشيرة إلى إن أهمية الوديعة السعودية للبنك المركزي المصري تكمن في دعم السيولة الأجنبية في السوق على نحو سريع، وأن الوديعة ستدعم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لأن حجم الوديعة بجانب الأموال الوافدة من الإمارات ستحسن من موقف مصر في المفاوضات مع الصندوق الذي يشترط للموافقة على أي برنامج ضرورة الحصول على تمويل إضافي، لافتة إلى أن هذه الوديعة السعودية ستساعد في استقرار سعر صرف الجنيه المصري في الفترة القصيرة المقبلة لاسيما مع دخولنا أشهر الصيف والتي تشهد ارتفاع الطلب الذي يؤثر على فاتورة الواردات.
وقال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي إن قرار السعودية بتخصيص 5 مليارات دولار كوديعة للبنك المركزي يساهم في دعم الاحتياطي النقدي لمصر ويعطي استقراراً لسعر الجنيه، كما أن هذه الوديعة الجديدة تساهم أيضاً في تنشيط الاستثمار المباشر وغير المباشر وتقليص أي نقص في العملات بسبب التبعات السلبية العالمية للحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها المتوقع على تفاقم العجز في الميزان التجاري، كذلك ستساعد هذه الوديعة بدرجة كبيرة مع القرارات الاستباقية الصادرة من المركزي منذ أيام في تحقيق الضغوط والتوترات بعد زيادة ازمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا متوقعاً أن تنعكس الوديعة السعودية على زيادة الاحتياطي النقدي المصري المقرر الإعلان عنه هذا الشهر.
ويقول مصطفي بدرة أستاذ التمويل والاستثمار أن المؤشرات تؤكد أنه سيحدث سيناريو 2016 بالرغم من أن الوضع حالياً مغاير لعام 2016 حينما كان هناك استقرار عالمي وكان برنامج الإصلاح الاقتصادي مبادرة ذاتية من الحكومة، أما الوضع الحالي مع الحرب في أوكرانيا فتأثيراته قوية وإذا استمر طويلاً سيقود لارتفاعات أكبر بالأسعار ومزيد من التضخم يؤدي إلى كساد اقتصادي في مصر وبقية العالم وبالتالي سيزيد الضغوط على الجنيه.
وأشار بدرة إلى إن الجنيه وصل بالفعل إلى أكبر انخفاض في قيمته حيث أن 17.5 جنيه للدولار هو القيمة العادلة له وحتى لو قفز السعر سيتراجع مجدداً وقد يسترد الجنيه بعض قيمته خلال الأيام أو أسابيع كما حدث عقب تعويم 2016، لافتاً إلى أنه بالنظر إلى ما حدث من انخفاض في سلة عملات الأسواق الناشئة الأخرى نتوقع انخفاضاً بنسبة 10-12% في قيمة العملة من مستوى 15.70، موضحاً أن الجهاز المصرفي استوعب جيداً سيناريو 2016 ويسمح بتحرك سعر الصرف بمرونة كبيرة حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة وحتى لا تعود السوق السوداء واكتناز الدولار.