ملفات وحوارات
نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.. "التضخم وارتفاع الفائدة" أخطر تحديات الأسواق الناشئة

تواجه الأسواق الناشئة ومنهم مصر 4 تحديات اقتصادية بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية علي أوكرانيا، في ظل مخاوف من استمرارها لأوقات أطول في حال عدم وجود مفاوضات مرضية لجميع الأطراف.
وحدد مصرفيون 4 تحديات تواجه الأسواق الناشئة لم تمر علي العالم من 20 عاما بعد إندلاع الحرب الروسية الأوكراني تتمثل في زيادة أسعار الفائدة، وارتفاع كبير متوقع في معدلات التضخم، الناجم من زيادة الأسعار عالميا، وهجرة الاستثمارات غير المباشرة، وتراجع السياحة الأوكرانية الروسية أهم مورد للنقد الأجنبي.
والأسواق الناشئة تعني اقتصادات الدول حديثة النمو مثل الأرجنتين والبرازيل، ومصر، وتركيا، والهند والدولتين المتنازعتين روسيا وأوكرانيا ودول أخري جميعها في مواجهة مرحلة اقتصادية صعبه لم تكن طرفا فيه باعتبارها جزء من العالم.
واستعرض المصرفيون بعض الحلول للتقليل من هذه التبعات السلبية، منها زيادة المساحات المزروعة من القمح، وضبط ورقابة الأسواق للحد من جشع التجار، تصدير الفائض من الغاز لجلب نقد أجنبي.
وقالت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا إن الأسواق الناشئة ستواجه تحديات خطيرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية أهمها زيادة مرتقبة في معدل التضخم تاثرا بالارتفاع العالمي في اسعار المواد الغذائية وبرميل النفط إلي مستويات غير مسبوقة.
وأوضحت أن زياد اسعار المواد الأولية الداخلة في التنصيع، أو المواد الأولية للبترول ستنعكس بشكل سلبي علي معدل التضخم في كافة الدول الناشئة.
وسجل التضخم العام 8% علي مستوي الجمهورية أما التضخم الأساسي بلغ 6.5% خلال فبراير الماضي ولكن لايزال بين نطاقي مستهدفات البنك المركزي المحددة عند 5% بزيادة أو نقصان 2% بنهاية ديسمبر 2022.
وأضافت الدماطي أن عدد كبير من المستثمرين الأجانب في أدوت الدين (أذون وسندات الخزانة) سيبدأوا الخروج علي مراحل من الأسواق الناشئة إلي صالح أوروبا وأمريكا مع ارتفاع حدة مخاطر الحرب.
والاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين تعد من أحد موارد النقد الأجنبي في وفرة العملة الأجنبية وبالتالي وجود زيادة في الدخول أو الخروج تنعكس مباشرة علي مستويات النقد الأجنبي في السوق.
وأشارت إلى أن التحدي الثالث أمام الدول الناشئة وخاصة البنوك المركزية يتمثل في احتمالات مؤكدة لتحرك رفع الفائدة للسيطرة علي الضغوط التضخمية وهو أحد أهدافهم الأساسية، وخاصة في حال اتجه الأحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي لرفع الفائدة).
ولكن زيادة الفائدة ستؤثر علي الموارد التمويلية الموجودة في السوق وسيتم تحميل التكلفة علي المنتج النهائي ولكن لايوجد مفر في حال خروج التضخم عن المستهدف.
وقالت الدماطي إن تخفيف التبعات السلبية علي اقتصادات الدول الناشئة يستلزم تكاتف جميع المؤسسات المختلفة علي مستوي الحكومة العمل علي إعادة ضبط الأسعار علي السلع التي شهدت ارتفاعات للحفاظ علي احتياجات الطبقة الوسطي والمحدودة.
وتابعت أن الحكومة تحركت مبكرا في زيادة الاستصلاح الزراعي في توشيكا ولكن يتطلب جهود أكبر لزيادة استصلاح الأراضي الزراعية للقمح لتحقيق الإكتفاء الذاتي وضمان عدم تأثرنا بأي أزمات خارجية.
واقترحت الدماطي علي الحكومة إبرام اتفاقيات مع الصين والدول العربية لاستيراد البترول بجدود سداد مستقبلي لتخفيف ضغوط ارتفاع سعر برميل النفط غير المسبوق الذي وصل 135 دولار علي زيادة عجز الموازنة المسجل فيها سعر البرميل عند 60 دولار.
كما تصدير مصر للغاز بما تمتلكه من فائض إلي أوروبا يعزز من موارد النقد الأجنبي وخاصة بعد زيادة أسعاره بحسب الدماطي.
وحدد محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة العربية، 4 تحديات بالغة الصعوبة تواجه الدول الناشئة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها شديدة الخطورة علي اقتصادات العالم.
وقال إن محفزات التضخم القائمة حاليا ستؤي إلي خلق موجات سلعية متضخمة تاثرا بزياد الأسعار السلعية والوقود ومصاريف الشحن وتأمين السلع علي مستوي العالم والأسواق الناشئة ولن يسلم منها أحد.
وأوضح أن خلل سلاسل الإمدادات وارتفاع أسعار المناقصات الغذائية سيؤدي إلي وجود موجة تضخمية صعبة، وقد تواجه دول بعض الدول نقض في المعروض.
وأضاف عبد العال أن مراهقة السياسة النقدية الأمريكية نتيجة تذبذب الأراء تارة رفع الفائدة وتارة أخري إرجائها يؤثر علي قرار المستثمر الأجنبي في الاستثمارات غير المباشرة وهو التحدي الثاني الذي قد يشكل ضغوط علي الدول الناشئة.
وأوضح أن تراجع موارد النقد الأجنبي من السياحة الروسية والأوكرانية يعد تحدي ثالث حيث نسبة كبيرة من السائحين يأتون من تلك الدولتين لمصر وهي بمثابة لكمة قوية لقطاع السياحة.
أما التحدي الرابع فيتمثل في التحرك لرفع الفائد وإن كان مستبعد علي المدي القصير لامتصاص الضغوط التضخمية الناجمة من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف عبد العال أن ضبط منظومة الاستيراد يساعد بشكل كبير علي تخفيف الضغط علي النقد الأجنبي بعد قرار المركزي قبل نهاية الشهر الماضي بوقف التعامل بمستندات التحصيل واقتصاد التعامل علي مستندات التحصيل باستثناء 15 سلعة إستراتجية.
وأشار إلي أن ارتفاع اسعار الغاز سيعوض ولو قليل من ارتفاعات اسعار برميل النفط وهو ما قد يقلل بعض الشئ من مخاطر المرحلة الاستثنائية التي يمر بها العالم.
وقال عبد العال إن المركزي يعمل من وقت مبكر علي دعم قطاع السياحة وهو ما يمثل دعم لأهم قطاع مورد للنقد الأجنبي من خلال مبادراته المتعددة لهذا القطاع.
وكان البنك المركزي أعلن العام الماضي موافقة مجلس إدارته على مد فترة سريان مبادرتي دعم السياحة لمدة عام إضافي لتنتهي بنهاية شهر ديسمبر 2022 يتم خلالها قبول أي طلبات تأجيل لاستحقاقات البنوك لمدة حدها الأقصى 3 سنوات للشركات، وقروض التجزئة للعاملين بالقطاع.
كما خصص المركزي 50 مليار جنيه بفائدة متناقصة 8% سنويا للفنادق السياحية لمساعدتها علي إجراء الصيانة وخلافة.
وكذلك أصدر المركزي مبادرة لتسوية مديونيات المتعثرين من الجهات الاعتبارية لقطاع السياحة بشروط ميسرة لأول مرة.