ملفات وحوارات
مخاوف متزايدة من تداعيتها ومصر الأكثر تضررًا.. خسائر عربية من الحرب الروسية

مع مواصلة القوات الروسية تقدمها في الأراضي الأوكرانية وسيطرتها على العديد من الأماكن والمدن، فهناك العديد من التداعيات التي خلفتها الحرب على العديد من الدول العربية والأوربية وأمريكا نفسها.
وبالنسبة للدول العربية، فهناك مخاوف متزايدة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا على الواردات من السلع الغذائية الأساسية مثل القمح، حيث تعتمد العديد من الدول العربية بشكل أساسي على القمح المستورد من روسيا وأوكرانيا عبر البحر الأسود لتوفير الاحتياجات.
ومع ذلك، فإن التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا سوف تختلف من دولة إلى أخرى، وتعتبر روسيا أحد كبار مصدري النفط والغاز في العالم، وتعتمد حوالي 9 دول عربية على صادرات النفط والغاز، بالاضافة إلى أن القمح والحديد من السلع التي تستوردها الدول العربية من روسيا وأوكرانيا، إلا أن بعض الدول العربية مثل مصر، تُصدر بعض الفواكه والموالح والخضراوات إلى روسيا وأوكرانيا، كما يعتبر السلاح الروسي أحد السلع التي تستوردها بعض الدول العربية، بخاصة في الآونة الأخيرة.
وتداعيا للحرب الروسية على أوكرانيا، فإن أسعار النفط تجاوزت 120 دولار للبرميل، ومن الطبيعي أن تستفيد الدول العربية المصدرة للنفط والغاز من ارتفاع السعر، حيث إن حصة الدول العربية من الصادرات النفطية على مستوى العالم تبلغ 24%، وتعني الأسعار المعلنة عن ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، أن الميزانيات العربية من المتوقع أن تودع العجز وتحقق فائض مالي من عوائد النفط، وقد يكون بإمكانها الاستغناء عن الديون الخارجية والمحلية واستعادة ما فقدته من أرصدة.
ولكن من المتوقع أن تتأثر الدول النفطية العربية المستفيدة من ارتفاع أسعار النفط من ارتفاع معدلات التضخم الناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.
وبالنسبة للدول العربية غير النفطي، فستمر بمرحلة صعبة مقبلة؛ نظرا لاعتمادها على استيراد جزء كبير من احتياجاتها وهو ما سيحملها أعباء التضخم في المرحلة المقبلة وزيادة أعباء المعيشة على مواطنيها، كما ستعتمد هذه الدول على الاستيراد في تدبير احتياجاتها من الطاقة، ومن هنا ستزيد مشكلة عجز الموازنة في تلك الدول، وأيضا سيرتفع الدين العام الخاص بها.
وتعتبر مصر من أكثر الدول العربية المتضررة من الحرب الروسية على أوكرانيا، لأن مصر تعتبر روسيا وأوكرانيا من أهم مصادرها للحصول على احتياجاتها من القمح، حيث تعتبر المستورد الأول على مستوى العالم، بحوالي 10 ملايين طن سنويا.
ويستوجب على مصر البحث عن مصادر بديلة في الشهور القادمة، ويمكنها أن تلجأ إلى فرنسا أو أستراليا أو أمريكا، كما ستتأثر السياحة أيضًا، حيث تستقبل مصر أعداد من السياح من روسيا وأوكرانيا وهو ما سيؤثر على في إيرادات السياحة كأهم موارد النقد الأجنبي.
وعلى الجانب الأخر، ستؤثر الحرب أيضا على الاقتصاد الأمريكي الأقوى بالعالم، حيث أدت حرب روسيا على أوكرانيا والعقوبات المشددة التي فرضتها واشنطن وحلفاؤها إلى تقلبات وأزمة في الاقتصاد العالمي وأسواق المال.
شهدت أسعار النفط ارتفاع كبير مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا يومها الخامس ومواصلة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض المزيد من العقوبات، كما يمكن أن ترتفع أسعار الأسمدة، والذي سيؤثر حتما على قطاع الزراعة الأمريكي، حيث تعد روسيا ثاني أكبر منتج لسماد البوتاس بعد كندا.
فضلًا عن ذلك، ومع قرار أوكرانيا إغلاق مجالها الجوي وفرض عدد من القيود على الطيران التجاري فوق أوكرانيا وبيلاروسيا وأجزاء من غرب روسيا، سترفع أسعار التذاكر للرحلات نحو الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
ويمكن لارتفاع تكلفة الطاقة والغذاء واضطرابات سلاسل التوريد أن تسبب ضغطا إضافيا على التضخم في الولايات المتحدة، وتجبر الاحتياطي الفيدرالي على تسريع تنفيذ مخططاته لرفع نسب الفائدة.
في هذا الصدد، يخشى الاقتصاد الألماني من عواقب الحرب ضد أوكرانيا، حيث قال رئيس غرفة التجارة الألمانية الروسية، ماتياس شيب إن الهجوم على أوكرانيا تسبب في صدمة لأن الحرب والمعاناة الإنسانية التي لا يمكن تصورها وفقدان الثقة على العديد من المستويات تتسبب في إعادة عقود من التعاون الاقتصادي الناجح إلى الوراء.
وعبر عن قلقه بشأن تراجع عدد الشركات الألمانية في روسيا بعد العقوبات السابقة ونظرا لظروف العمل الصعبة في روسيا، انخفض عدد الشركات الألمانية بنسبة 8% في عام 2021 مقارنة بالعام السابق.