ملفات وحوارات
الحرب الروسية الأوكرانية تجبر الحكومة على إعادة النظر.. "سنابل جديدة" لمنظومة زراعة القمح المصرى

"رب ضارة نافعة" تلك المقولة تعد مناسبة لما يحدث حاليا بشأن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حيث ترتب على تلك الحرب ارتفاع أسعار توريد القمح القادم من روسيا وأوكرانيا لمصر، لدرجة أن الهيئة العامة للسلع التموينية أعلنت إلغاء مناقصة دولية لشراء القمح للشحن في الفترة من 13 إلى 26 أبريل المقبل، وذلك للمرة الثانية بعدما ألغت مناقصة أخرى في أعقاب بداية الحرب الأوكرانية، ورغم ذلك يظهر الجانب الإيجابى فى ضرورة مراجعة منظومة زراعة القمح المصرية وما تتطلبه من أهمية الإسراع فى زيادة المساحة المزروعة من القمح وتشجيع الفلاحين على زراعته، والبحث عن مصادر أخرى لإنتاج الخبز دون القمح مثل الشعير والذرة لتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وقال حسين عبدالرحمن أبوصدام نقيب الفلاحين إن هناك 3 معوقات أساسية تهدد زراعة القمح في مصر وهى الصدأ والزمير والسعر، لافتا إلى أن مشكلة السعر مشكله موسمية يترقبها المزارعون كل موسم وتؤثر علي زيادة المساحات من زراعة القمح في الموسم الذى يليه بالزيادة تارة وبالنقصان تارة أخرى .
وأكد "عبد الرحمن" أن الحكومة تتجه للتسعير طبقا للأسعار العالمية التي تتأرجح ما بين الزيادة والانخفاض ، مما يجعل مزارعى القمح فى ترقب مستمر، وقد سعرت الحكومة الموسم الماضى القمح بسعر 685 جنيها لإردب القمح الأعلى درجة نقاوة بدرجة 23.5 و670 جنيها للإردب درجة نقاوة 23 و655 جنيها لاقل درجة نقاوة 22.5 .
وأوضح أن ذلك لم يشجع المزارعين لزيادة المساحات هذا الموسم والتى انخفضت عن الموسم الماضي بنحو 100 ألف فدان، حيث زرع الموسم الماضى 3 ملايين و250 ألف فدان فيما لم تتجاوز مساحة القمح هذا الموسم 3 ملايين و150 ألف فدان حتى الآن.
ولفت نقيب الفلاحين إلى أنه للتغلب علي هذه المشكلة لابد من تطبيق قانون الزراعات التعاقدية وإعلان سعر القمح قبل الزراعة بالاعتماد علي التقيد بالمادة 29 من الدستور وشراء الأقماح بهامش ربح بدلا من اعتماد السعر العالمي كمعيار .
واضاف أبوصدام أن ثانى المشاكل الأساسية التي تواجه مزارعي القمح هو انتشار "حشيشة الزمير" وتسمى "السابوس" والتي تزاحم القمح في الحصول علي الماء والعناصر الغذائية ويؤدي وجودها الي انتشار مسببات الأمراض وصعوبة عملية الحصاد وانخفاض إنتاجية محصول القمح وقد تؤدى إلى هلاك المحصول بالكامل .
وأشار إلى أن أفضل طرق الوقاية ومقاومة هذه الحشيشة هو اختيار تقاوي قمح خالية من بذورها ، وعدم التسميد بسماد بلدي يحمل روث مواش تغذت علي هذه الحشيشه المكافحة اليدوية فور ظهور هذه الحشيشة .
وأوضح عبدالرحمن أن ثالث المشاكل الأساسية التي تواجه زراعة القمح هى أمراض الصدأ وأشهرها مرض “الصدأ الأصفر” وتعد أمراض الأصداء أخطر أعداء القمح وتسبب في خسائر فادحه ومدمرة للمحصول، مما يتسبب فى قلة الإنتاجية، و لمواجهة أمراض الأصداء علي المزارع زراعة الأصناف الموصى بها والمقاومة لمرض الصدأ والمناسبة لمناخ المحافظة التي يزرع فيها والبعد عن الأصناف التي كسرت فيها صفة المقاومة وشراء التقاوى من مصادر موثوق بها والالتزام بالسياسة الصنفية التي تضعها وزارة الزراعة وعدم زراعة أصناف غير مسجلة والالتزام بمواعيد الزراعة بدون تبكير أو تأخير.
وأضاف أن أمام مصر عدة بدائل لتوفير القمح بعد اشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لافتا إلى أن مصر كانت تستورد نحو 70% من احتياجاتها من الاقماح من روسيا وأوكرانيا، مشيرا الى أننا “نستورد نحو 12 مليون طن من الأقماح سنويا وبعد تعثر عمليات استيراد الأقماح من روسيا وأوكرانيا يمكننا أن نستورد الأقماح من عدة أسواق أخرى، أهمها أمريكا وفرنسا وكندا ورومانيا واستراليا، بالإضافة إلى أكثر من 14 دولة أخرى، كما يمكننا الاعتماد على المخزون الاستراتيجي من الاقماح بالصوامع الحديثة، والذي يكفي لمدة 5 أشهر في الأحوال العادية، ويمكننا مع ترشيد الاستهلاك زيادة المدة الزمنية للمخزون”.
وأوضح أبو صدام، أن ميعاد حصاد محصول القمح يبدأ في 15 من شهر أبريل المقبل، ومن المتوقع ان تتعدى الإنتاجية 10 ملايين طن، مما يخفف من تداعيات أزمة توقف استيراد الأقماح من روسيا وأوكرانيا، مشيرًا إلى أنه يمكن استخدام بدائل الأقماح المتوفرة لدينا لصنع المخبوزات في حالة حدوث أزمة مثل استخدام الشعير والذرة والبطاطا مع ضرورة التوجه إلى ترشيد استهلاك استخدامنا من الأقماح.
وقال محمد القرش، المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الدولة حريصة على التوسع في تطوير قطاع الزراعة بشكل كبير، كما أن هذا القطاع له أثر مباشر على الاقتصاد، ومن ثم تولي الحكومة له اهتماماً كبيراً منذ ٢٠١٤ الذي عاد بالإيجاب على حجم القطاع الزراعي.
وأكمل القرش: "فيما يخص القمح، ارتفعت المساحة المزروعة منه العام الجاري لتبلغ 3.4 مليون فدان، ونستهدف زيادة تلك المساحة من القمح خلال الأعوام القادمة، في الوقت نفسه حددت وزارة الزراعة ثمن محصول القمح قبل زراعته في نوفمبر ٢٠٢١ حيث ارتفع سعر التوريد بما يقرب ١٠٠ جنيه للاردب ليصل إلى ٨٢٠ جنيها للإردب، وذلك يدل على حرص الدولة على وضع سعر مجزي للفلاح وهو انعكاسا مباشراً لسد احتياجات المزارع والمواطن، حيث جهود الدولة ساهمت في توفير الاحتياجات في جميع الأزمات.
وأعلنت الهيئة العامة للاستعلامات، أن مصر لديها احتياطي كاف من القمح لمدة تزيد على 4 أشهر، وأن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تنتظر بدء الموسم الجديد لتوريد القمح المحلي خلال شهر أبريل المقبل، مؤكدة أن الدولة المصرية لا تعتمد على دولة واحدة في الاستيراد سواء القمح، أو السلع الأخرى، وفي حالة انتهاء المخزون سيتم النظر لدول جديدة لاستيراد القمح.
وأوضح مساعد أول وزير التموين، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، الدكتور إبراهيم عشماوى، أن مصر أكبر دولة استيرادًا واستهلاكا للأقماح ثم تركيا ثم أندونيسيا ثم الجزائر فهم الأكثر استيرادا، مؤكدا على أن الزيادة السعرية قدرت بنحو 65 %، ومع تفاقم الأزمة بين البلدين هناك دول بديلة لاستيراد القمح يبلغ عددهم أكثر من 10 دول ويبلغ حجم الفاقد الذي كان يصل إلى 20 و25 % لأنها كانت تخزن فى شون، واحتياطى الأقماح 4.5 مليون طن، ونتوقع المحصول للقمح هذا العام يصل إلى 3.6 مليون طن قمح أى مؤمنين لأخر العام.