ملفات وحوارات
"بيزنس الشعوذة" يسرق الملايين من جيوب المصريين
رغم التطور والتقدم الكبير الذي وصلنا إليه ورغم الجهود التي تبذلها المؤسسات الدينية في التوعية والنصح والتوجيه إلا أن أعداداً كبيرة من المصريين وخصوصاً النساء ماتزال تقع ضحية للدجالين والمشعوذين النصابين الذين يتخذون من الدين ستاراً لممارسة أعمالهم المنافية والشاذة وارتكاب جرائمهم الأخلاقية والجنائية والتي يفلتون من العقاب عليها في أحيان كثيرة أما بسبب سكوت الضحايا خوفاً من الفضيحة أو لوجود قصور في القانون وعدم وجود نصوص تجرم أعمال الدجل والشعوذة.
وأحدث جرائم المشعوذين ماكشفته إحدى السيدات مؤخراً عن تعرضها للاغتصاب من قبل أحد الشيوخ الدجالين مؤكدة أنها ليست الوحيدة التي حدث معها هذا وإنما هناك الكثيرة من الفتيات اللاتي تعرضن لهذا الفعل الإجرامي من قبل هذا الدجال الذي أوهمهن بمعالجتهن روحياً ولكن في الحقيقة أنه يستخدم السحر للايقاع بهن وابتزازهن وبالتالي يسكت أغلب ضحاياه عن الإبلاغ عنه أو فضح أمره ونيل العقاب الذي يستحقه.
وهناك الآلاف في مصر يمتهنون الدجل والسحر والشعوذة للنصب على ضحاياهم وإيهامهم بالقدرة على الشفاء من الأمراض المستعصية وجلب الحبيب وعلاج العقم والتفريق بين الرجل وزوجته واستخراج الآثار من تحت الأرض وغيرها من الأعمال السفلية وتحول هؤلاء المشعوذين في السنوات الأخيرة إلى عصابات تستنزف جيوب البسطاء وتهتك عرض النساء.
وأثبتت التقارير الرسمية الصادرة عن مركز البحوث الاجتماعية والجنائية أن المصريين ينفقون سنوياً على تلك الأعمال أكثر من 3 مليارات جنيه وهو رقم ضخم مقارنة بتدني مستويات المعيشة نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد منذ سنوات والتي تضاعفت مع تفشي وباء كورونا كما ذكرت التقارير أن نحو 40% من النساء يلجأن لتلك الأعمال السفلية لتحقيق بعض رغباتهن صعبة المنال.
ووفقاً لما ذكره الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فإن أعمال السحر والشعوذة ينفق عليها نحو 11 مليار جنيه من أموال الشعب المصري حيث قال: أن الساحر بيتصرف عليه من أكباد الشعب اللي بيسمعنا 11 مليار دخلوا كروش شوية نصابين بيستفيدوا من المعلومات بتاعة السحر دي وبياكلوا منها".
وأضاف قائلاً: "الدجالين يضعون بعض الأسماء والمعلومات ويكتبوها على عظام وأشياء أخرى ويدفنوها في المقابر... هذه الأعمال لا تتسبب في أي شيء أبداً" .. البعض يستخرج هذه الأعمال من المقابر ولكن لم يحدث لأصحابها شيئاً.. المريض فضل مريض والفاشل فضل فاشل والتاجر الخاسر لسه خاسر".
ويقول أحمد وهبة الخبير القانوني أن السحر عقد ورقي شيطاني يتوصل به الساحر بعد الكفر بالله وعبادة الشيطان إلى التأثير في بدن المسحور أو عقله أو قلبه وهو من أعمال الكهانة التى نهى الإسلام عنها وهناك ازدراء للأديان في مثل هذه الأعمال لافتاً إلى أن القانون لم يتطرق إلى السحر وتأثيره على التصرفات والمعاملات مشدداً على ضرورة إقرار تشريع قائم بذاته لمواجهة تلك التصرفات الشيطانية ومواجهتها برلمانياً حرصاً على المواطن من نشر تلك التقاليع الشيطانية.
وأكد وهبة أن دور الأجهزة التنفيذية في مكافحة أعمال السحر والشعوذة كبير خاصة الفترة الأخيرة ونجاح رجال الشرطة فى إلقاء القبض على عدد كبير من الدجالين والنصابين وبعضهم تمت إحالتهم إلى الجنايات لشروعه في قتل الحالات خلال إخراج الجن من الجسد ولكن للأسف لا يزال القانون المصرى يعرف ممارسة أعمال السحر والشعوذة فى نطاق عمليات النصب ولا بد أن تخرج من هذا النطاق إلى حيز آخر وهو تغليظ العقوبة وتحويلها إلى جناية وعدم التعامل معها وكأنها جنحة لافتاً إلى أن بعض البلدان العربية يتم التعامل مع أعمال السحر والشعوذة على أنها جناية يعاقب عليها وفقاً لقانون العقوبات بإجراءات مشددة وعليه لا بد من وجود تشريع منفصل يستطيع رجال القضاء الاهتداء به لمعاقبة المتورطين فى تلك الممارسات الشيطانية.
ويطالب حسن مصطفى الخبير القانوني بتغليظ العقوبة وجعلها رادعة لحماية المواطنين من شرور السحرة والمشعوذين داعياً مجلس النواب إلى ضرورة النظر في قانون العقوبات أو على الأقل سن تشريع جديد لمعاقبة المتورطين في تلك الأعمال التي تتجاوز النصب وتصل إلى ارتكاب الجرائم فكم من روح زهقت بسبب تلك الأعمال خاصة أن المشعوذ يوهم ضحاياه بأن من يفعل بهم هذا هم الأرواح الشريرة.
وأشار مصطفى إلى أن هناك دوراً بالغ الأهمية على أجهزة الدولة المعنية ولا بد أن يتم النظر لخطورة هذا الأمر فهل يعقل أن ينفق المصريين خلال السنوات القليلة الماضية عشرات الملايين من الجنيهات على أعمال السحر والشعوذة الأمر الذي شجع حاملى الجنسيات الأجنبية للاستقرار في مصر وممارسة أعمالهم السحرية لجمع الأموال من جيوب المصريين.
وتقول اسماء الطهطاوي الخبير القانوني أن جريمة الدجل والشعوذة تدخل قانوناً فى إطار جرائم النصب والاحتيال وتصنف جُنحة وليست جناية إذ ينتحل المتهم صفة وليس باعتباره دجالاً أو مشعوذاً ويتحصل من الضحية على أموال مقابل هذه الصفة ومعظم القضايا تنتهى ببراءة المتهم لصعوبة إثبات حصوله على أموال من الضحية أو الاعتداء عليها فى حينها.
وأشارت الطهطاوي إلى أن الدجال إذا ارتكب جريمة ومنها قتل الضحية أثناء إخراج الجن منها فهي جريمة يعاقب عليها القانون وتصل إلى المؤبد وفي حالات أخرى الإعدام وعلينا أن ندرك خطورة استمرار ارتكاب جرائم النصب باسم السحر والعلاج الروحاني فهي ضمانة للمتهم بممارسة تلك الأعمال حتى بعد خروجه من السجن.