سياحة وسفر
الأولى بلا رقابة والثانية تعانى من الالتزام ومواعيد الغلق.. المقاهى تخرج لسانها للمطاعم السياحية
جهود كبيرة تتحدث عنها الدولة في إطار مواجهة تفشي الفيروس التاجي كوفيد ١٩، الذي انهارت أمامه اقتصاديات دولا عظمى، وفي سباق مع الزمن تسعى الحكومة لمحاصرة تفشي الوباء، غير أن أماكن عديدة في مصر لا تزال تبحر عكس التيار بمباركة وغياب للدور الرقابي المنوط ببعض الوزارات.
وفي جولة بين شوارع منطقة الحسين، التي تشهد زحاما كبيرا في شهر رمضان من كل عام، سوف يتضح أن تلك المنطقة بمعزل عن باقي الدولة، تتحدى كافة قرارات وإجراءات وزارة الصحة المعلنة، حيث تشهد زحاما شديدا وتكدس يعبر عن حالة من اللامبالاة التي تعيشها منطقة كبرى في قلب القاهرة، تحولت لمركز لنشر الوباء والفيروسات، منطقة لا تكترث بالحرب التي تخوضها الدولة في مواجهة الوباء المدمر، ومقاهي لا تجد بها مكانا لقدم، فيما يقبع المطعم السياحي الوحيد في المنطقة محافظا على شعرة معاوية من الالتزام التام بالإجراءات ما يعرضه لخسائر فادحة يدفع ثمنها نيابة عن وزارة التنمية المحلية التي غابت عن المنطقة.
وتستمر معاناة مطاعم الترخيص السياحي، التي تجبرها وزارة السياحة والآثار على الالتزام التام بنسب الإشغالات والتباعد والتطهير المستمر، فيقول هشام وهبة عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت السياحية، ان مطاعم وكافيهات الرخصة السياحية التزمت ولا تزال بكافة القرارات التي تضمن محاصرة انتشار لوباء، منذ الوهلة الأولى، فما بين نسبة إشغالات لا تتعدى نصف القوة، ونشر المطهرات وأدوات التعقيم الذاتي، وصولا إلى قياس درجة حرارة الزوار، تكبدت المطاعم السياحية خسائر فادحة نظرا لهروب أغلب الزبائن للمطاعم والكافيهات المحلية التي لا تفرض أي قيود ولا تتعرض لأية مسائلة أو رقابة.
وأضاف "وهبة" في تصريحات لـ"البورصجية"، أن وزارة التنمية المحلية عليها عبء ودور رقابي لابد أن تقوم به، حتى تنتصف الكفتين ويسود العدل بين الجميع، مشيرا إلى أن المطاعم السياحية باتت مجبرة على غلق أبوابها تماما مع دخول شهر رمضان وسط قرارات بالغلق في الثانية عشر صباحا، والالتزام بنسب تشغيل 50%، وأصدر الدكتور خالد العناني قراره ببدء العمل بالتوقيت الصيفي للجائحة بمعنى الغلق في الواحدة صباحا ما يفقد المطاعم خاصية تقديم خدمة السحور الذي يمثل نسبة كبيرة من مبيعات شهر رمضان.
وتابع أن المطاعم السياحية تحملت هذا الأمر في الأشهر الماضية حفاظا على العمالة واستمرار الاستثمار، لكنه لم يعد يشفع لها لتبقى على قيد الحياة، لافتا الى ان الغرفة خاطبت وزير السياحة لمد ساعات العمل خلال رمضان حتى الثالثة فجرا "بعد السحور"، لكنه أصر على تطبيق التوقيت الصيفي المعلن للواحدة صباحا.
وأوضح: "حتى في الرخصة السياحية نفسها هناك تمييز، فمطاعم وكافيهات الفنادق تعمل طوال اليوم، بينما المطاعم السياحية الأخرى لها وقت محدد فقط، كما أن نسب التشغيل تختلف، ما يزيد من خسائر مطاعم السياحة خارج الفنادق.
ولرصد المعاناة عن قرب، التقينا أشرف عطية، مدير مطعم "نجيب محفوظ" بالحسين، والحاصل على ترخيص سياحي فئة ٥ نجوم، والذي أوضح أن نسبة إشغالات المطعم في أفضل الحالات لا تتعدى 40%، مرجعا ذلك لالتزام المطعم الكامل بالإجراءات الاحترازية بحسب تنبيهات وزارة السياحة ووزارة الصحة، متابعا: "لدى مقهى نجيب محفوظ التابع لشركة مصر للسياحة، شهرة واسعة خاصة بدول الخليج العربي مجتمعة، كما أن لديه إجراءات صحية احترازية يتخذها قبل عشرات السنوات، وقبل ظهور الفيروسات، حتى في الشيشة التي يقدمها عبر تاريخه مصحوبة بـ"لاي طبي" إيطالي بداخله فلتر مخصص للتعقيم الذاتي".
وتابع: "ومع انتشار الجائحة، تراجعت الحركة العربية والأجنبية بطبيعة الحال، ولكن ما زاد الأمر تعقيدا هو ضرب عرض الحائط بالقرارات والمناشدات الحكومية في المقاهي والمطاعم ذات الترخيص المحلي، التي باتت تقدم الشيشة بشكل طبيعي وبسعر مرتفع على الزبائن بداعي المخاطرة، كما تقوم بالتشغيل بنسب تصل إلى 100%، ولا تكترث كثيرا بالتباعد الاجتماعي واشتراطات التطهير والتعقيم المطبقة على مطاعم الترخيص السياحي".
وشدد على أن توقيت العمل يعد أزمة أخرى تضاف للشيشة التي هربت الزبائن من أجلها، موضحا أنه جرت العادة في شهر رمضان على بدء خروج الأسر والعائلات والسائحين من منازلهم بعد التاسعة مساءا، ومن ثم يتم تقديم وجبات السحور مصحوبة بتخت شرقي وجو رمضاني عائلي تميزت به مقهى نجيب محفوظ التاريخية، غير ان كل ذلك تبدل الآن بعدما باتت المقهى تعمل بنصف الطاقة، وحتى الثانية عشر صباحا فقط، أي موعد يلغي وجبة السحور كما يقيد العمل لصالح مطاعم المحليات التي تعمل للفجر ودون اشتراطات في غياب تام للرقابة".
ولفت الى ان موكب المومياوات رفع نسب الاشغالات في المطاعم بالحسين، ولكنها سرعان ما عاودت الانخفاض، معربا عن أمله في زيادة الحركة خلال الشهر الكريم، إذا ما تم السماح للمطاعم بالعمل حتى الفجر، كما تمنى عودة السائح الخليجي الذي عشق منطقة الحسين، ثم اجبرته إجراءات وقف الطيران على مقاطعتها.