ملفات وحوارات
بعض السلع قفزت أكثر من 40% رغم ركود قطاعاتها.. موجة غلاء تغرق الأسواق
استغل ضعاف النفوس والجشعين من التجار عدة قرارات صدرت خلال الفترة الماضية في رفع أسعار الكثير من السلع ومنها قرار زيادة رواتب العاملين في الجهاز الإداري، وقرار منع استيراد أي مواد غذائية دون موافقة سلامة هيئة الغذاء، والقرار الذي يشترط التسجيل المسبق للشحنات المستوردة، بحيث تطابق ما يتم استيراده مع ما يدخل الموانئ المصرية والذى انطلق تجريبياً أول أبريل الجاري، وسيكون إلزامياً في أول يوليو المقبل.
ووفقاً للمراقبين فإن الأيام الماضية شهدت ارتفاعاً في أسعار معظم السلع منها المواد الغذائية ومواد البناء والأخشاب بمختلف أنواعها والأجهزة الكهربائية وأدوات السباكة والمعادن مثل النحاس والألمنيوم، وامتد ارتفاع الأسعار إلى السيارات التي سجلت زيادات متفاوتة وسط تبريرات تتعلق بزيادة الرسوم على الاستيراد وأن الكثير من السلع الآن يتم تصديرها إلى دول مثل ليبيا والسودان، وبالتالي فإن المعروض أصبح لا يلبي احتياجات السوق المحلي الأمر الذي تسبب في ارتفاع الأسعار على الرغم من أن عدداً كبيراً من التجار يوجد لديهم مخزون كبير من السلع ولكنهم يبيعونها الآن بأسعار جديدة وصلت الزيادة فيها من 30% إلى 40%.
فقد ارتفعت أسعار مواد البناء أكثر من 30% حيث تجاوز سعر طن حديد التسليح 14 ألف جنيه بزيادة وصلت لـ32% وارتفع طن الأسمنت إلى 850 جنيهاً بزيادة 6.3%، وكذلك الحال بالنسبة لطن الأسمنت الأبيض والطوب، كما ارتفع سعر متر الرمل المكعب من 70 إلى 75 جنيهاً بمعدل تغيير وصل إلى 7%، كما ارتفع متر الزلط المكعب من 120 جنيهاً إلى 150 جنيهاً، ويأتي هذا في الوقت الذي يشهد فيه السوق العقاري ركوداً بسبب وقف البناء منذ ما يقارب العام الأمر الذي ترك الكثير من علامات الاستفهام لدى المواطنين عن سبب رفع الأسعار إذالم يكن هناك بيع وشراء في السوق.
كما شهدت أسعار أدوات السباكة والأدوات الصحية ارتفاعاً تجاوز الـ 20%، وفقاً لشعبة الأدوات الصحية بغرفة القاهرة التجارية التي أشارت إلى أن قرار التسجيل المسبق للشحنات ACI أدى إلى ارتفاع الأسعار والبيع النهائي للمستهلك، مشيرة إلى أن أسعار الأدوات الصحية والسباكة شهدت ارتفاعات بمتوسطات تتراوح بين 15 و20% نتيجة لزيادة أسعار الشحن وارتفاع أسعار الخامات عالمياً وتأخر وصول الحاويات للموانئ سواء السلع المستوردة من الصين أو الاتحاد الأوروبي، حيث أن البضائع الأوروبية التي كانت تصل الموانئ المصرية خلال 4 الي 6 أيام كحد أقص، أصبح معدل وصولها يستغرق 20 إلي 25 يوماً، والأمر نفسه بالنسبة للسلع المستوردة من آسيا تحديداً الصين والهند أصبح معدل وصولها يستغرق نحو 60 يوماً بدلاً من 20 إلي 30 يوماً في السابق.
ولفتت الغرفة إلى أن أسعار الشحن من الصين ارتفعت من 1450 و2000 دولار للحاوية إلى 8 آلاف دولار للحاوية وأن أسعار خامات المواسير ارتفعت بنسبة 40% وارتفعت أسعار البلاستيكات والسيفون ذات المنشأ الأوروبي بنسبة 15% والنحاس المنشأ الصيني والأوروبي ارتفع أيضاً بنسبة 15% وارتفعت أطقم الخلاطات المستوردة بنسبة 15 إلى 20%.
كما شهدت أسعار الأجهزة الكهربائية ارتفاعات بنسبة تراوح بين 15 و30% وبما يتجاوز 600 جنيه لعدد كبير من الأجهزة وفقاً لما ذكرته شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائيةبسبب قرار هيئة المواصفات والجودة بتطبيق نظام الأمان الكامل في البوتاجازات الموجهة للسوق المحلي الأمر الذي تسبب في رفع سعرها بقيمة تصل إلى 400 جنيه للبوتاجار الواحد، كذلك ارتفعت أسعار التليفزيونات بقيمة 600 جنيها على الرغم من انخفاض المبيعات ووجود مخزون كبير من الأجهزة في مخازن التجار.
وامتد ارتفاع الأسعار إلى الألومنيوم حيث زاد أكثر من مرة منذ بداية العام الجاري بسبب ما قيل أنه ارتفاع في أسعار البورصة العالمية بنحو أكثر من 200 دولار في الطن ليصلسعر الطن إلى 2250 دولاراً بما يعادل 40 ألف جنيه و49 ألفاً بدون الضريبة، ووصلت أسعار لفات الألومنيوم 6 مم إلى 45 ألفاً و300 جنيه بدلاً من 43 ألفاً و300 جنيه للطن ولفات الألومنيوم البارد إلى 47 ألفاً و500 جنيه بدلاً من 45 ألفاً و500 جنيه للطن وسعر طن شرائح الألومنيوم البارد ارتفع إلى 49 ألف جنيه بدلاً من 47 ألفاً وصعد سعر طن السلندرات بنحو 2500 جنيه ليسجل 40 ألف جنيه رغم حالة الركود التيتشهدها الأسواق المحلية والخارجية في ظل جائحة كورونا العالمية.
وشهد سوق السيارات المحلي منذ بداية العام الجاري زيادة في الأسعار على السيارات الأكثر رواجاً، وواصل عدد من وكلاء العلامات التجارية في فرض زيادات على أسعار السيارات بالرغم من تراجع الإقبال بشكل عام على الشراء خلال الربع الأول من 2021، وتضع موجة الزيادات المستمرة منذ يناير الماضي علامة استفهام أمام سياسات الشركات خاصة أنها تتزامن مع حالة من الركود وتوقف عجلة المبيعات في السوق.
ووفقاً لرابطة تجار السيارات المصرية فإن السبب وراء ارتفاع أسعار السيارات خلال الفترة الماضية يرجع إلى نقص الكميات المعروضة من السيارات "الزيرو" كون أن المصانع العالمية تعمل بنصف طاقتها نتيجة تفشي وباء فيروس "كورونا"، مشيرة إلى أن نهاية موجة ارتفاع أسعار السيارات التي ألقت بظلالها على السوق المحلي لن تتوقف إلا بعد توفير مصل فعال ضد فيروس "كورونا" موضحة أن مبيعات الربع الأول من العام الجاري وخاصة في قطاع "الملاكي" سيئة للغاية وغير مرضية بالمرة متوقعة تحسن المبيعات بنهاية الربع الثاني والربع الثالث لتعوض خسائر الفترة الحالية.
وفي هذا الإطار وجه النائب أحمد الطيبى عضو مجلس النواب طلب إحاطة عاجل لوزير التموين والتجارة الداخلية استناداً للمادة 134 من الدستور والمادة 212 من اللائحة الداخلية للمجلس بشأن ارتفاع الأسعار وزيادة أسعار جميع السلع التي تهم المواطنين من محدودي الدخل والطبقات المتوسطة والفقيرة خصوصاً مع حلول شهر رمضان الكريم وهو ما يتطلب تشديد الرقابة على السوق المحلية.
وأكد النائب أحمد الطيبي أن يقظة الحكومة بجميع أجهزتها والتحرك المسبق نحو مراقبة ومحاسبة جشع التجار سيمنع من حدوث أزمات أو اختفاء السلع من الأسواق خاصة ونحن نعيش في رحاب شهر رمضان المعظم وله طبيعة خاصة عند المصريين، ولذلك يجب أن تكون هناك استعدادات لمواجهة بعض الأزمات التي تحدث جراء جشع التجار، مطالباً الحكومة بتكثيف وإحكام الرقابة على الأسواق لتثبيت الأسعار حتى يشعر المواطنون بجدوى وفاعلية جهود الحكومة نحو خفض أسعار السلع وتوفيرها بجميع أنواعها.
ويرى الدكتور نادر نور الدين الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن مصر منذ سنوات طويلة تطبّق قوانين الاقتصاد الحر التي لا تطبق التسعيرة الجبرية، وبالتالي فلا يحق للدولة التدخل في النشاط الاقتصادي وتترك قوانين السوق هي التي تتحكم في الأسواق، وبالتالي عندما يقل عرض السلع عن الطلب منها ترتفع الأسعار حتماً والعكس صحيح أيضاً إذا زاد المعروض عن الطلب انخفضت الأسعار.
وأشار إلى أن الحكومة وظّفت القوانين بالدخول إلى السوق كتاجر من خلال أفرعها لبيع السلع التابعة لها لوزارة التموين أو لغيرها ممن يتبع وزارات الزراعة والداخليةوقبلهم كانت منافذ القوات المسلحة وغيرها من الوزارات والهيئات بهذه الطريقة مع تفعيل دور جهاز حماية المستهلك تُمكن خدمة المواطنين ويُمكن التصدي لجشع التجار الذي لا يرحم رغم وجود وباء متفشي منذ أكثر من عام.
ويقول الدكتور محمد شادي الباحث الاقتصادي بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن موجة من الارتفاع ضربت أسعار السلع العالمية منذ بداية العام الجاري فمن القمح والسكر إلى البترول مروراً بالنحاس وبقية المعادن ارتفعت أسعار هذه السلع بقيمة كبيرة، لافتاً إلى أن السلع الغذائية لم تكن بمنأى عن موجات الارتفاعات وسجل مؤشر الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة "فاو"ارتفاعاً حاداً في شهر مارس الماضي وذلك للشهر العاشر على التوالي بارتفاع نسبته 2.1% عما كان عليه في فبراير مسجلاً أعلى مستوى له منذ يونيو 2014.
وبين أن هذه الارتفاعات تدفع إلى التخوف من حدوث "دورة فائقة" في السلع أي حدوث موجة مستمرة من الطلب المتنامي على السلع يكافح خلالها المنتجون لتلبيته مما يدفع الأسعار للارتفاع لسنوات تصل إلى عقد من الزمان، لافتاً إلى أن آخر دورة فائقة شهدها الاقتصاد العالمي كانت في 2002 مع صعود الصين كمركز ثقل في الاقتصاد العالمي واستمرت نحو 10 سنوات ويبدو أن العالم يسير في اتجاه هذه الدورة التي تأتي مدفوعة بالتعافي الاقتصادي القوي بعد "كورونا" فضلًا عن السياسة المالية والنقدية الحالية لافتاً إلى إن زيادة الأسعار محلياً داخل مصر ليس له علاقة بالأسعارعالمياً حيث تعود إلى ظروف كورونا وجشع التجار وغياب المنافسة فضلاً عن غياب الرقابة على الأسواق.
وفي الوقت الذي توجه فيه اتهامات إلى الأجهزة الحكومية بضعف الرقابة على الأسواق أو غيابها في كثير من المناطق، تعمل الحكومة جاهدة على مواجهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية بإطلاق معارض لها بتخفيضات كبيرة ومؤثرة في إنفاق الأسرة المصرية التي يمكنها أن توفر ثلث إنفاقها على مثل هذه السلع وإنفاق شهر رمضان، حيث أطلقت وزارة التموين والتجارة الداخلية معارض "أهلا رمضان" بداية شهر إبريل الجاري في كافة أنحاء الجمهورية خصوصاً المناطق كثيفة السكان ووصلت التخفيضات في السلع المطروحة إلى مابين 25-30%.