ملفات وحوارات
"مدينة الدواء".. مصر تبنى حضارة صناعية جديدة
تعد مدينة الدواء “جيبتو فارما” التي افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسى الأسبوع الماضى نقلة فى مجال تصنيع وإنتاج الدواء للحد من ارتفاع بعض أسعار الأدوية المستوردة التي لا تتوفر في السوق المصري إلا بأسعار باهظة الثمن.
ورحب الخبراء بإنشاء مدينة الدواء والتى تعد من أكبر المدن من نوعها على مستوى الشرق الأوسط علي مساحة 180 ألف متر مربع، حيث أنها مزودة بأحدث التقنيات والنظم العالمية في إنتاج الدواء لتصبح بمثابة مركز إقليمي يجذب كبرى الشركات العالمية في مجال الصناعات الدوائية واللقاحات.
وتوقع خبراء في صناعة الدواء أن تعيد المدينة الجديدة التوازن لسوق الدواء، فضلا عن مساهمتها في إتاحة الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والسرطان التي اختفت من السوق الرسمية وبات تداولها يتم في الأسواق الموازية بأسعار مرتفعة.
وأكد الدكتور حاتم البدوي نائب رئيس الشعبة العامة لأصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية بمصر، أن مدينة الدواء الجديدة تعد من أهم المشروعات القومية بل والحيوية خلال الفترة الحالية خاصة وأنها تركز على صحة المواطن المصرى بالمقام الأول الذى كانت تستنزف الكثير من ميزانيته ،خاصة وأن السوق كان يعانى منذ فترة من عجز شديد فى بعض الآدوية الخاصة بلأمراض المزمنة منذ مايقرب من 6 أعوام.
ولفت الى أن الشركات الكبرى المتحكمة فى سوق الآدوية كانت تضغط لرفع أسعار الدواء وعندما رفضت الحكومة تلك الضغوط في البداية توقفت عن تصنيع الدواء بدعوى ارتفاع التكلفة، ثم نجحت سياساتها وقامت برفع أسعار الأدوية.
وأكد الدكتور أحمد جسرها، رئيس مجلس إدارة شركة «إيجيبتو فارما»، تفاصيل مدينة الدواء بالخانكة، قائلا إنه جرى البدء في إنشاء صرح متكامل لإنتاج الادوية التي يحتاجها المريض المصري وفقا للتكنولوجيا العالمية في إنتاج الدواء، بمساحة 180 ألف متر مربع ويشمل مرحلتين، أولى حاليا وثانية مستقبلية، لافتا أن الحالية على مساحة 120 ألف متر مربع وتشمل مجمع الصناعات الدوائية والوحدات الصناعية المساعدة، والمباني الإدارية، تكفي للمرحلتين.
وأضاف «جسرها»، خلال فعاليات افتتاح مدينة الدواء بالخانكة بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن مبنى الأدوية التقليدية ينقسم لمنطقتين رئيسيتين، العقيمة وغير العقيمة، كما أن المباني الصناعية تضم مباني التبريد والغلايات والهواء المضعوط والكهرباء والصرف الصحي والصناعي والمياه والصرف والحاسب الآلي ومكافحة الحريق.
ولفت أن المشروع تم إنشاؤه طبقا لأحدث معايير الجودة العالمية، لذلك كان لابد أن يدار بأفضل الكوارد المؤهلة والعاملة في مجال الدواء.
ورحب الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسى إنشاء مدينة الدواء بالخانكة، وذلك بالنظر الى ارتفاع اسعار الدواء لكثير من الأمراض الخاصة بالأورام والمناعة والتى لا تنتجها الشركات المصرية، وتضطر الى استيرادها من الخارج، مما يشكل عبئا على الموازنة العامة للدولة خاصة وأنها تستنزف العملة الأجنبية .
وأضاف عوف، إن "الدواء من السلع الاستراتيجية التي لا غنى عنها، خاصة وأن انتاجنا من الدواء يشكل 85% من احتياجتنا بينما نستورد الـ15% النسبة الباقية، وذلك نظرا لآن استخدامنا من الأدوية في تزايد سنويا، واعتمادنا على الدواء الوطني في ظل أزمة كورونا كان له دورا رئيسيا في احتواء الأزمة ، مشيرآ الى أن الهدف فى المرحلة المقبلة هو التصدير للخارج لتغذية قارة إفريقيا وشرق أوروبا ودول الخليج ومناطق أخرى.
وأشار الى أن المستثمرين يبحثون عن الدول التى توفر فرص استثمارية بتسهيلات كبيرة، وبالتالى فان التنافس فى المرحلة المقبلة سيكون وفقا لقدرة كل دولة على جذب استثمارات أجنبية، مضيفآ أن مصر حاليا لديها القدرة على تقديم تسهيلات كبيرة للمستثمرين الأجانب ، لافتا الى أن العمل على توقيع شراكة مع الشركات الأجنبية لإقامة مصانع فى المدينة سيكون له مردود إيجابى على السوق المحلى.
وذكر أن ما سيطرح فى الأسواق العالمية من أدوية خلال 10 سنوات مقبلة من الصعب على دولة أن تستورده لتكلفته المرتفعة.
وقال الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة الدواء باتحاد الصناعات، أن انشاء مدينة الدواء بالخانكة سيكون لها مردود ايجابى على كافة الآصعدة، ومنها على سبيل المثال توفير فرص عمل كثيرة للشباب وجذب استثمارات أجنبية، خاصة وأن المطالب بانشاء تلك المدينة لم يكن جديدا بل جاء بعد 7سنوات من المطالبات بانشاء مثل تلك المدينة المتخصصة لانشاء الأدوية.
ولفت إلى أن السوق المصرى أصبح جاهزا لتدفقات الاستثمار الأجنبى خلال الفترة المقبلة، على إثر التعديلات التى نفذت على قانون الاستثمار والحوافز التى منحها للمستثمرين الأجانب.
وذكر أن تلك المدينة سيكون لها دور كبير فى زيادة المنافسة سوق الدواء المحلى، وخدمة القطاعات الصحية بما فيها منظومة التأمين الصحى الجديدة.
وقالت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان ،إن مدينة الدواء المصرية تمتلك كافة خطوط تصنيع الأدوية وعلى أعلى مستوى من الكفاءة والجودة، ولديها القدرة على تصنيع الأدوية لأفريقيا والشرق الأوسط.
وأضافت: "نعمل لأن تكون المدينة أحد قلاع التصنيع الدوائي في الشرق الأوسط وأفريقيا"، مشيرةً إلى أن مصر تنتج 96% من استهلاكها الدوائي، مؤكدة أهمية التركيز الفترة المقبلة على إنتاج المواد الخام.
وأوضحت أن أزمة كورونا، أثبتت أن الدولة التي لا تستطيع الإيفاء بمستلزماتها الطبية ستواجه مشكلة، لافتة إلى أن مصر تمتلك القدرة على إنتاج 100% من أدوية كورونا.
وأضافت أن مدينة الدواء المصرية، ستضيف لقدرة مصر في قطاع الدواء، خاصة أن بلادنا من الدول القليلة التي أسعار الدواء بها مقبولة بجانب الجودة، معقبة: مدينة "جبتوفارما" ستحدث انفراجة كبيرة في سوق الدواء وتوقف أى زيادة في الدواء.
وقال مستشار الرئيس المصري للشؤون الصحية، الدكتور عوض تاج الدين، إن أحد أهم الأهداف الرئيسية من إنشاء "مدينة الدواء" التي افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، هو إنتاج الأغلبية العظمى من الأدوية داخل مصر، وذلك للحد من ارتفاع بعض أسعار الأدوية المستوردة التي لا تتوفر في السوق المصري إلا بأسعار باهظة الثمن.
وأضاف أن 85 بالمئة من الدواء في مصر ينتج محليا، مضيفا: "لهذا السبب لم يشعر المواطن بنقص في الأدوية خلال أزمة فيروس كورونا، إضافة إلى أن هناك مخزونا استراتيجيا كبيرا من الأدوية".
وأشار إلى أن المشروع الوطني في صناعة الأدوية بدأ منذ سنوات، وأن "الإدارة المصرية الحالية نجحت في إنتاج العديد من الأدوية العالمية التي لم تكن تُنتج محليا، بسبب ارتفاع أسعارها أو قلة خاماتها".
وتابع: "مشروع مدينة الدواء بدأ التفكير فيه منذ سبع سنوات، وهو طفرة كبيرة في صناعة الدواء في مصر، لهذا فإن الجميع سعداء بافتتاحه. كما يتم البدء في دراسة صناعة الخامات الدوائية والأدوية الخاصة بالسرطان، مما سيؤثر على أسعار الدواء في مصر.
وتعتبر مدينة الدواء، من أبرز المدن المتخصصة فى تصنيع وإنتاج الأدوية واللقاحات والأمصال للسوق المصرى، وتقام على مساحة 180 ألف متر، وتعتبر الأكبر فى الشرق الأوسط وتقع فى المنطقة الصناعية بالخانكة.
ووفق دراسة الجدوى الخاصة بالمدينة فمن المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية إلى 150 مليون عبوة سنويا، وتضم المدينة مصنعين أحدهما للأدوية غير العقيمة يضم 15 خط إنتاج، يوفر ما تحتاجه الدولة من أدوية.
وتستهدف مدينة الدواء إنتاج المحاليل الطبية وأدوية الأورام والعديد من المضادات الحيوية، وهي أنواع أساسية للمرضى، ويساعد توافرها على انضباط عمليات تسعير الدواء في السوق المحلية.
ويصل عدد الأسر المصرية نحو 23.45 مليون أسرة، الأمر الذي يزيد حجم الإنفاق الكلي سنويا على الدواء والرعاية الصحية إلى نحو 7.5 مليار دولار
ويصل عدد مصانع الدواء في مصر نحو 152 مصنعا، بالإضافة إلى 700 خط إنتاج، ونحو 17 ألف مستحضر، بينما يصل عدد الأدوية المتداولة في السوق نحو6300 دواء متداول.
وتنتج مصر 88 في المئة من احتياجاتها المحلية وتسعى لسد فجوتها الاستهلاكية البالغة 12 في المئة من الأدوية التي يحتاجها السوق، خاصة أنها أدوية يتم استيرادها بالكامل لأنها شديدة التعقيد، مثل أدوية مرض السرطان.
وقالت مؤسسة التمويل الدولية، وهي الذراع الاستثمارية للبنك الدولي، إن قطاع الدواء والرعاية الصحية المصري يحتاجان إلى استثمارات بقيمة 60 مليار دولار بحلول عام 2050 لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات الطبية.
وحققت شركات الأدوية في مصر، مبيعات بقيمة 80.5 مليار جنيه خلال العام الماضي بمعدل نمو 4 بالمئة مقارنة بمبيعات عام 2019، فيما استحوذت 10 شركات فقط على أكثر من 41 بالمئة من المبيعات.