ملفات وحوارات
زيارة السيسى أعادت إحياء الفكرة بعد 3 سنوات.. "شريان الصناعة" يربط وحدة وادى النيل
أحيت الزيارة الأخيرة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى الى الخرطوم الاسبوع الماضى، الدعوة لإحياء فكرة إنشاء المنطقة الصناعية المصرية السودانية بعد مناقشات ومباحثات بدأت فى أغسطس 2018 ولم يتم اتخاذ خطوات إجرائية نحو إنشائها حتى الآن، ونجحت زيارة الرئيس السيسي التي استمرت يومان في دعم أواصر التعاون الثنائي بين البلدين على جميع الأصعدة، وامتدادا لمختلف مظاهر مؤازرة مصر للسودان خلال المرحلة التاريخية التي يمر بها لمساعدته على فتح الباب أمام آفاق الإصلاح والتنمية.
وأثارت تلك الزيارة ملف المعوقات التى تواجه الصادرات المصرية للنفاذ الى السودان وضعف التبادل التجارى بين البلدين بالرغم من العلاقات الوطيدة التى تجمعهما على مدار التاريخ، والتى اصطدمت بحواجز اقتصادية وحدودية منعت من عودتها الى سابق عهدها، وذلك حسبما قال الوزير مفوض تجاري أحمد زكي مدير إدارة المشرق العربي بجهاز التمثيل التجاري إن هناك مفاوضات حالية على أعلى مستوى مع الجانب السوداني، لحل جميع المعوقات التي تقف أمام الصادرات المصرية الى السودان حتى تتمكن المنتجات المصرية من الدخول بإعفاء جمركي كامل، معربا عن امله فى ان ينتهى السودان من تطبيق المرحلة الأخيرة من برنامج الإصلاح الاقتصادي الخاص به بنهاية النصف الأول من العام المقبل ، من أجل انتهاء المهلة التي طلبتها السودان لرفع الحظر عن وارداتها من الـ 43 سلعة المستثناه .
وأوضح المفوض التجاري، أن فترة تطبيق الاستثناء كانت ستنتهي في ديسمبر 2019 لكن نظرا للظروف السياسية التي كانت تعاني منها السودان وتطبيق برنامج الإصلاحات الاقتصادية تم طلب مد المهلة لمدة عام او عام ونصف.
وأشار الى سعى الجهاز لزيادة الصادرات المصرية للسودان، خاصة من الصناعات الكيماوية والأسمدة ، وذلك عقب انتهاء العقوبات الأمريكية ورفع الحظر الكامل على السودان، وعودة الربط بين البنك المركزي السوداني والبنوك في العالم.
وأوضح أن الصادرات المصرية للسودان سجلت نحو 500 مليون دولار خلال العام الماضي، منوها بأن الصناعات الكيماوية والأسمدة تمثل 18.3% من إجمالي الصادرات المصرية للسوق السوداني بقيمة 91 مليون دولار خلال 2019 في مقابل 71 مليون دولار خلال 2017 بنمو 26%.
وأضاف "زكي" أن صادرات الصناعات الكيماوية المصرية تمثل 15% من إجمالي واردات السودان من تلك المنتجات والتي بلغت العام الماضي نحو 602 مليون دولار. وأكد ان الفرص متاحة وكبيرة لتعزيز تواجد المنتجات المصرية بالسوق السوداني في ظل عدم وجود عوائق تجارية وقرب المسافة نظرا لكوننا دول جوار، عكس الاتحاد الأوروبي.
وقال الدكتور حازم الشريف الخبير الاقتصادى ان العلاقات الاقتصادية والتجارية المصرية السودانية دون المستوى بالرغم من وجود طرق برية تربط بين الدولتين الا أنه لم يتم استثمار تلك الطرق لخدمة الاستثمار وزيادة حجم الصادرات المصرية للسودان .
وأشار الى انه من الضرورى البدء فى تنفيذ المنطقة الصناعية المصرية السودانية المشتركة المقرر اقامتها فى شمال السودان، خاصة وأن الحكومة السودانية وافقت منذ 2018 على طلب مصر تخصيص أراض لإنشاء المنطقة على مساحة مليوني متر مربع.
واشار الى انه بالاطلاع على البيانات رسمية لوزارة الاستثمار السودانية حول الشركات المصرية العاملة في السودان، يتبين قلة عدد الشركات حيث تعمل في السودان 74 شركة صناعية و7 شركات تمويل و140 شركة خدمية و21 زراعية و44 إنشاءات و15 في السياحة و25 شركة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بجانب 97 شركة أخرى تعمل بنظام المناطق الحرة، منها 17 شركة في قطاع الصناعة، و44 في الخدمات وثلاث في الزراعة و17 في الإنشاءات و4 في السياحة و12 بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتتمثل الصناعات المصرية في السودان في الأسمنت والبلاستيك والرخام والأدوية ومستحضرات التجميل والأثاث والحديد والصناعات الغذائية ، لافتآ الى بدء زيادة الأنشطة المصرية في قطاعات المقاولات والبنوك والمخازن المبردة والري والحفريات وخدمات الكهرباء ومختبرات التحليل والمراكز الطبية والاتصالات.
وأكد حسن الفندي، عضو اتحاد الصناعات، أن مصر لديها قدرة على التصدر لتكون أكبر دولة مصدرة لافريقيا بدولها المختلفة خاصة ما تتمتع به من سوق ضخم وعدد سكان هائل، إضافة الى ما تتوافر به من مواد خام أولية ولا يوجد بها تصنيع بالشكل المطلوب.
وأشار الى أن الحركة التجارية بين مصر والسودان ليست على المستوى المطلوب بسبب التوتر السابق للعلاقات وسوء البنية التحتية، مضيفا أنه مع اتفاقات تدشين الطرق بين البلدان الإفريقية التي من بينها السودان ستزيد معدلات التصدير.
ويقول الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن السودان دولة شقيقة ولنا معها مصالح سياسية واقتصادية، ويجب أن يكون بيننا تعاون اقتصادي دائم، لكن معدلات التبادل التجاري بين البلدين لن تزيد عن هذا الحد لأن المشكلة تكمن فى أننا ننتج منتجات متشابهة معهم إلي حد كبير.
ويرى "الدسوقي"، أن المدخل لزيادة العلاقات بين مصر والسودان هو تنفيذ مشروعات مشتركة والاستفادة من المزايا النسبية فى المجال الزراعي"زراعة القمح" والإنتاج الحيواني"تربية الأبقار"، خصوصا أن السودان لديها مساحات خضراء شاسعة ولا تعتمد على نهر النيل فقط، ونحتاج إليها في الوقت الحالي.
وأكد الدكتور شريف الجبلي، رئيس مجلس الأعمال المصري السوداني، أنه بالرغم من كون واردات السودان تتجاوز 8مليار دولار سنويآ الا أن قيمة الصادرات المصرية للسودان لا تتخطى ال 400 مليون دولار سنويآ، واصفآ ضعف التبادل التجارى بين البلدين بأنه لايرقى للمستوى المطلب الذى يتناسب مع العلاقات الوطيدة بين مصر والسودان .
وكشف رئيس مجلس الأعمال المصري السوداني إلى أنه كان هناك اجتماعا بالجانب السوادني منذ حوالي 6 أسابيع حتى يتم التعرف على المعوقات التي تقف في طريق تحقيق التعاون الأقتصادي المأمول بين البلدين، معلنا أن مصر لديها الكثير من الصناعات والمنتجات، التي من الممكن أن توجهها للسودان.
وأضاف أن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من العمل على إزالة هذه المعوقات وتذليلها، سواء كانت معوقات متعلقة بمشاكل النقل، أو معوقات إدراية وروتينية، تقف أمام وصول المنتجات المصرية إلى السودان، أو العكس بوصول المنتجات السودانية التي يحتاجها السوق المصري.
وأكد على أن مصر تنظر وتدرس الاستثمار بالسودان وبالأخص على مستوى القطاع الزراعي ومجال الثروة الحيوانية، لافتا إلى أن مخرجات هذا القطاع بالأخص ما تحتاجه مصر بشكل كبير، في الوقت الذي باتت فيه السودان مؤهلة لأن تصبح مركزا هاما للمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية في القارة الإفريقية.
وأضاف «الجبلي» أن العلاقة بين مصر والسودان يجب أن تمهد لمزيد من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة في ظل توفر طريق بري يربط البلدين، فضلا عن تواجد أكثر من 2 مليون سوادني على أرض مصر، بجانب العلاقة التاريخية والأذلية بين البلدين.
وفى ذات السياق ، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته للسودان حرص مصر على دفع التعاون الثنائي في مختلف المجالات مع السودان الشقيق، خاصةً فيما يتعلق بتنفيذ مشروعي الربط الكهربائي وربط السكك الحديدية، وتعزيز المناخ المواتي لإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة، سواء الصناعية أو الزراعية، فضلا عن دفع العلاقات التجارية والاقتصادية بالبلدين، إلى جانب تفعيل أنشطة اللجان الفنية المشتركة بين مصر والسودان، وكذا تفعيل مذكرات التفاهم والبروتوكولات المُبرمة بين البلدين، أخذا في الاعتبار شمول تلك الاتفاقيات شتى جوانب التعاون الثنائي.