على بعد أمتار من محطة مترو الملك الصالح، يمكنك أن ترى جبلا من الروبابكية غير مفهوم المعالم، وعندما تقترب منه شيئا فشيئا، تكتشف أنه عبارة عن تلال من القمامة على كل لون وشكل، حصيلة سنوات وسنوات قضاها عم "رجب" فى تجميع القمامة من شوارع مصر القديمة.

أحذية قديمة نتائج سنين ماضية، وخردة، وصناديق أوراق، وكل هذه الأشياء خرجت من نطاق كونها مجرد قمامة مصيرها الحرق للتخلص منها، بعد أن كتب لها عم "سيد" عمر جديد، فأعاد تطويرها وتنظيفها حتى تترقى إلى مرتبة الروبابكية وتصلح للبيع، واعتبرها بيته الذى يسكن به وصحبته وعائلته التى تؤنسه فى لياليه الطويلة.

يحكى "سيد عبد الله" عن مشواره فى تجميع محتويات "جبل الروبابكية" الخاص به كما يطلق عليه، من مقامة ومخلفات شوارع مصر القديمة قائلا، "معنديش بديل علشان اختاره، فبعد وصولى لسن الـ 55 سنة، صحتى مساعدتنيش على إنى أشتغل أى شغلانة تحتاج مجهود زى ما كنت بعمل فى شبابى، ولأنى مش موظف حكومى فطبعا مليش لا معاش ولا مكافأة نهاية خدمة، لحد ما لقيت شغلانة أكل منها عيش وحتة تتاوينى بعد ما هجرت بيتى وأسرتى بعد عجزى عن تلبية طلباتهم".

3 سنوات هى المدة التى استغرقها "سيد" لصناعة جبل الروبابكية، يصفها قائلا، "3 سنين لكن عدوا عليا عمر بحاله، كنت ببقى ماشى فى ملكوت الله بدور على حاجة أنا أصلا مش عارفها، وأجمع قمامة مخلقات كركيب، وأجى أخر اليوم أحطها جمب محطة مترو"الملك الصالح"، وأحاول تصليح اللى ممكن يتصلح علشان أبيعه، واللى مينفعش كنت بستخدمه فى بناء الجبل أو البيت اللى كنت ناوى أسكن فيه".

متابعا "وفعلا بعد خمس سنين من الشقا والبهدلة أخيرا عرفت أبنى محل وبيت وأسرة فى وقت واحد من الكراكيب دى، اللى ينفع يتباع يتباع واللى مينفعش أهو مدفينى وساترنى فى الشتا ومونسنى فى الليالى الطويلة اللى ما بتمرش عليه بسهولة".


أما عن بعض المضايقات التى يتعرض لها من قبل أهالى المنطقة فيقول، "محدش بيسيب حد فى حاله، كل يوم والتانى أتعرض لخناقات مالهاش نهاية، ومش خناقات وبس ده الموضوع ساعات بيوصل للسرقة والحرق".

مستكملا حديثه" حتى بعد ما بدأت أبيع حاجات عليها القيمة زى الكوبيات والأطباق المستعملة، سرقوها وحرقوا لى المكان، لكن أنا مش هيأس واللى أدانى الصبر 5 سنين أجمع فيه الجبل ده، قادر يدينى إرادة أحارب بها كل اللى بيفتروا عليه، وقادر يعوضنى سنين عمرى اللى راحت فى الشوارع ويجمعنى بأسرتى تانى على خير".