أهم الأراء
وداعاً شيخ " العقاريين " الرجل الذي لم يترجل يوماً عن صهوة جواده
مثل الرحيل المفاجيء لشيخ " العقاريين " المهندس حسين صبور صدمة كبرى في أوساط مجتمع الاعمال ليس ذلك فقط بل الاجيال التي نشأت وترعرت على إنجازاته الهندسية وعقليته الفذه في عدد من المشروعات القومية الكبرى التي لايمكن أن تنسى لهذا الجيل مترو الأنفاق بالقاهرة، ومدينة السادات، ومدينة 6 أكتوبر، وشيراتون الجزيرة، وهيلتون الأقصر، وفندق سميراميس، وتحسين وتوسيع شبكات الكهرباء بالقاهرة والإسكندرية، والصرف الصحي بالقاهرة الكبرى والسويس والإسماعيلية وبورسعيد، والحديقة الدولية بمدينة نصر، وتخطيط كورينش النيل بالقاهرة، والمشاركة في تقويم منشآت طابا السياحية.
قد يكون جيل الثمانيات والتسعنيات ومابعده هم أقل معرفة بهذا الرجل الذي لمي ترجل عن صهوة جواده حتى مماته في رحلة إمتدت لاكثر من خمسين عاماً ستبقى شاهدة فالجسد يبلي لكن الذكرى والانجازات على الارض التي أسهمت في بناء الانسان المصري تبقى شاهدة .. أحاول هنا ليس تسليط الضوء على إنجازات مهندس عادي في مجال " المعمار " أسهم في بناء كتل أسمنتية لكن كإنسان ومفكر إقتصادي كبير قلما يجود به زماننا ويجب ان تبقى ذكراه وقصة نجاحه نبراس منير لكل الاجيال القادمة وقدوة لمن أراد النجاح والصمود بقلم الخبير المالي والاقتصادي .
إن الدرس المستفاد للجيل الحالي الذي أراه كثيراً رغم تمكنه من إمكانيات تعليمية واسعة الافق والنطاق إلا أنه لايملك صبراً في تحمل المسؤوليات والصبر وعليه أن يقرأ التاريخ والتجارب المستنيرة لجيل محارب مثل جيل " حسين صبور " الذي شمر عن ذراعه ونحت في الصخر حتى تبوأ أعلى المناصب رفعة ليس فقط كمنصب لكن برؤية مستشرفة مكنت من مصر من تخطي العديد من الصعوبات وسط أزمة الزيادة السكانية .
كل نصيحة ادلى بها " شيخ العقارين " في وقت مضى كانت بمثابة تنبؤ عن خطر داهم ودائماً ماكانت أرائه وتنبؤاته ممهورة بالحلول والحجج لكيفية التطبيق ".
الراحل كان صوت " الحق " دائماً لم يختر لنفسه في رحلته الطويلة أن يكون بوقاً أو صدى صوت في اي عهد ولا أي إدارة إعتلت عرش البلاد على مدار عقود فكثيراً ماعبر عن رأيه وإمتعاضة من قضايا ومسائل حالة ليس رغبة منه في أن يكون صدى صوت أو صوت ناعق في زحمة الظهور والبروز لكن من منبع إيمانه العميق وخوفه على هذه البلاد فكان يصطدم كثيراً ليس إلا لتطبيق فكرة تعبر عن عمق ورؤية .
الجانب الانساني لشخصية "صبور " قد لايكفيها مئات الصفحات ولامداد الالاف الاقلام أما الجانب العملي الذي يتحدث عن نفسه فقط مثل درساً مهماً وتجربة تستحق الدراسة والتدريس فما من منصب شغله إلا وترك فيه علامات بارزة الراحل أشرف على إنفاق المعونة العسكرية الأمريكية لمصر في الثمانينات والتسعينات، والتي كانت تزيد على 1 بليون دولار سنوياً، وذلك خلال ترؤسه المجلس المصري الأمريكي وساهم في إنشاء أول شركة مصرية تعمل بنظام الــ«BOT» في مصر، وقام برئاستها لسنوات عديدة.
أما المناصب الشرفية التي يسعى له الكثيرون من باب الوجاهة الاجتماعية كرئاسة مجالس إدارة الاندية العريقة فقد مثل نادي الصيد إبان فترة رئاستة ساحة ومضاماراً خاض فيه حربه العملية بكل كفاءة وتفانى في خدمة النادي عندما تولى مسؤولياته في التسعنيات واستطاع في عقد من الزمان إنتشال النادي " العريق " من عثراته وأن يقف على قدميه مجدداً وأن يكون دائماً نموذجاً حياً لبقية الاندية العريقة التي تعرضت لكبوات الزمن فقد شمر عن ذراعية وباشر كافة أعمال التطوير بيديه ولازالت إنجازاته تقف شامخة .
الحزن المسيطر على أبناء نادي الصيد ومن كافة الاجيال بعد رحيله المفاجيء يؤكد ويثبت أن الرجل كان شخصاً محبوباً وقائداً بمعنى الكلمة قولاً وفعلاً .
رحم الله " شيخ العقاريين " ... الرجل الذي لم يترجل عن صهوة جواده .