ملفات وحوارات
يدمر نجاحات الإصلاح الاقتصادى ويقضى على التنمية.. إنذار أخير من «السيسى» ضد الانفجار السكانى
أثارت التحذيرات التى جددها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بشأن الزيادة السكانية وتأثيرها على التنمية الاقتصادية الانتباه من قبل المتخصصين بالشأن الاقتصادى وذلك بعد ما تناوله خلال افتتاحه عدد من المشروعات الصحية الجديدة الاسبوع الماضى بأن الشعب المصري لن يشعر بأي إنفاق حقيقي مناسب بدون ضبط معدلات الزيادة السكانية.
وأضاف الرئيس السيسي أن مصر بعدد سكانها الذي يفوق 100 مليون نسمة تحتاج إلى تريليون دولار، تقريباً 16 تريليون جنيه مصري، وتابع الرئيس أن هذا هو الرقم الذي يتناسب مع عدد السكان، وإذا لم يتوفر هذا المبلغ سوف يؤثر على كل القطاعات بشكل سلبي .
ولم تكن تلك المرة هى الآولى التى يتحدث فيها الرئيس عن الزيادة السكانية، حيث ذكر فى سبتمبر من العام الماضى أثناء افتتاح الجامعة المصرية اليابانية أنه بالمقارنة مع ألمانيا فإن برلين لم تحتاج إلى معالجة مياه أو محطة كهرباء أو بنية أساسية جديدة لصالح السكان، وبالتالي اتجهت الحكومة الألمانية إلى الإنفاق على رفاهية مواطنيها حيث لم تخصص استثمارات من الموازنة لتغطية النمو السكاني.
وأضاف أيضآ أنه عند مقارنة مصر مع نفسها قبل 200 سنة فأنه "كان كل مصري له فدان يعيش منه أو يشتغل فيه.. والآن فيه 100 مليون في نفس المساحة.. الفدان بعد ما كان لفرد أصبح لـ10 أفراد.. وبالتالي كان من الطبيعي أن تكون الحياة رخيصة في الماضي.. وقيمة الجنيه كان من الطبيعي أيضا أن تكون مرتفعة".
وعلى صعيد الجانب الحكومى، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الزيادة السكانية تمثل التحدي الأكبر أمام الدولة، وعقبة أمام بناء دولة قوية، وأكد مدبولي أن معدلات الزيادة السكانية تعوق مسار التنمية، الأمر الذي يتطلب تضافر كافة الجهود لتحقيق نجاح حقيقي في هذا الملف، باعتباره مسؤولية مجتمعية متكاملة.
وأكد محمد معيط، وزير المالية، أن معدل النمو للاقتصاد قبل أزمة كورونا وصل إلى 5.8 بالمائة، وهذه نسبة غير كافية لمصر التي بها معدل نمو سكاني يصل إلى 2.5 بالمائة سنويًا.
وأوضح محمد معيط، في تصريحات صحفية سابقة، أنه مع معدل النمو السكاني لمصر نحتاج لتحقيق نمو 7 أو 8 بالمائة سنوياً، قائلا: "كلما مضينا في النمو الاقتصادي تم خلق فرص عمل أكثر، ووجدت موارد لإصلاح الوضع التعليمي والصحي" مضيفآ أن الجهود التي تبذلها الدولة غير كافية وتستلزم بذل المزيد من كافة الأطراف (وزارات ـ هيئات ـ مجالس متخصصة ـ مجتمع مدني ـ أفراد) للحد من الزيادة السكانية وتقليل هذا المعدل لتحقيق التوازن مع معدل النمو الإقتصادي بما يمكن أفراد المجتمع من جني ثمار التنمية.
واجمع الخبراء حول تأثير الزيادة السكانية على معدلات التنمية الاقتصادية، وضرورة أن تتحول تلك الزيادة السكانية إلى جانب إيجابي لرفع معدلات النمو الاقتصادى وذلك اذا توافرت فرص عمل ومشروعات قادرة على امتصاص تلك الزيادة وبالتالى رفع مستوى الدخل القومى وزيادة الانتاج ودوران سريع لعجلة الاقتصاد ، وذلك مثل الصين والهند اللتين جعلتا الإنسان محور التنمية، وذلك كما أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب بأن مصر تعتمد فى أهميتها الاقتصادية على كونها سوقآ ضخمآ يوجد به أكثر من 100 مليون مستهلك وبالتالى يفرض ذلك السوق الضخم زيادة فى الطلب على السلع والخدمات موضحا أن الطلب الفعال هو المحرك الأساسي للإنتاج طبقا لنظرية كينز في الاقتصاد.
وأكد الدكتور عبد المطلب أن المشكلة الحقيقة هى كثافة عدد السكان في الكيلومتر المربع وانعدام التخطيط الذي نجم عنه الزحام والعشوائيات، مطالبآ بضرورة التوجه ناحية زيادة الرقعة المأهولة بالسكان.
ويعتبر الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادى أن الزيادة السكانية خطر كبير يهدد مستقبل التنمية الاقتصادية، موضحا أن أن النمو السكاني يلتهم أي نمو اقتصادي، وأشار إلى أن مصر تسعى لاستغلال النمو السكانى الكبير لديها فى مشروعات التنمية، خاصة وأن مصر بدأت الاتجاه نحو الصحراء باقامة مشروعات عمرانية ضخمة متوقع ان تصل الى 20 مدينة جديدة بها ، مشيرآ الى ان أكثر من 93% من مساحة مصر تعد غير مستغلة حتى الآن .
وأكد أن دعم الدولة للقطاع الخاص أصبح قويا وملحوظا، خاصة في ظل اعتماد القطاع الخاص على ملايين الشباب في تشغيل المصانع والقيام بالوظائف المختلفة، موضحا أن البنك المركزي أصدر عددا من المبادرات المهمة في الفترة الأخيرة لدعم القطاع الخاص والحفاظ على كافة العاملين بهذا القطاع.
واعتبر الدكتور بهاء عبد الموجود، استاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة بنى سويف، أن الزيادة السكانية تعتبر مشكلة كبيرة ومعوقآ للتنمية الاقتصادية فى مصر، مؤكدا على صعوبة الاستمرار فى الصمت على تلك الزيادة اتى تأكل معدلات الزيادة ف النمو الاقتصادى التى تحاول الدولة أن تحققه منذ سنوات .
ودعا الى ضرورة تدخل الدولة تشريعيآ من أجل وضع ضوابط لتلك الزيادة المستمرة فى عدد السكان، حتى ولو بشكل مؤقت، خاصة وأن الظروف الاقتصادية الحالية أصبحت صعبة للغاية فى ظل انتشار وباء كورونا الذى فرض قيودا اقتصادية على العالم كله ، كما أن تلك الزيادة تتسبب فى مزيد من عجز الموازنة وانتشار البطالة والتضخم وانخفاض معدل النمو الاقتصادى، وارتفاع معدل الجريمة.
وأشار الى أن سوء توزيع السكان يعد المشكلة الآكبر حيث يتمركز تمركز السكان فى ثلاث محافظات فقط وهى القاهرة بحوال 10 ملايين مواطن والجيزة بحوالى مليون مواطن والشرقية بحولى 7 ملايين مواطن فى المقابل ستجد محافظات أخرى مثل الوادى الجديد لا يتعدى عدد سكانها الـ500 ألف نسمة وتمثل 40% من مساحة مصر الكلية.
وأكد أن التركيز على المشروعات كثيفة العمالة مثل مشروعات الغزل والنسيج سيكون له دور كبير في تقليل معدلات البطالة والاستفادة من هذه الكثافة السكانية في المناطق المأهولة بالسكان بالتوازن مع المصانع كثيفة رأس المال، معتبرآ أن الاستثمار في الطاقة البشرية يعد من أفضل المناهج، ويجب أن يكون التعامل مع هذه المشكلة في كافة المستويات، من خلال الاهتمام بالعنصر البشري.
وحذر من استمرار تلك المعدلات كما هى، راجعآ ذلك الى أن التنمية الاقتصادية سوف تدور فى حلقة مفرغة ،فكلما حققنا نموا اقتصاديا مناسبا سوف تلتهمة الزيادة السكانية وبالتالى لن يشعر المواطنون بهذا النمو بل سيزيد نسبة الفقر ، لافتا الى أن التغلب على مشكلة الزيادة السكانية لابد أن يسير بالتوازى مع الاصلاح الاقتصادى سواء بزيادة التوعية بأهمية تنظيم النسل واعادة التوزيع الجغرافى للسكان من خلال اجراءات تحفيزية للسكان للانتقال للمدن الجديدة والتركيز فى المشروعات على المشروعات كثيفة العمالة التى لديها قدرة على استيعاب الزيادة الكبيرة للسكان.
وقال الدكتور خميس شعبان رئيس جمعية مستثمرى السادس من اكتوبر أنه بالرغم من الزيادة الكبيرة فى عدد السكان الا أن مجتمع الاعمال يعانى من عدم وجود عمالة مؤهلة قادرة على العمل و الانتاج، واصفا علاقة سوق العمل بمصر بعدم التوازن ،ففى الوقت الذى يعانى منه الشباب من البطالة فان المصانع تعانى أيضا من عدم وجود عمالة .
ولفت الى أن مركز تحديث الصناعة واتحاد الصناعات كانا يقدما برامج تدريبية للشباب من أجل تأهيلهم لسوق العمل ولكن بسبب الظروف الاقتصادية الحالية لم يعد فى الامكان تقديم تلك البرامج.
وأرجع خميس المشكلة الى عدم وجود نظام تعليمى مؤهل للخريجين لمواكبة سوق العمل لافتا الى أن تلك المشكلة تعد "أزلية" حيث أنه تم مناقشة هذا الآمر مرارآ وتكرارآ دون جدوى.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن في بداية الشهر الجاري وصول عدد سكان مصر إلى نحو 101 مليون و496 ألفا و90 نسمة، بزيادة بلغت نحو مليون ونصف المليون خلال 12 شهرا، حيث سجّلت الساعة السكانية 100 مليون نسمة في 11 فبراير 2020علما بأن نحو 20 مليونا من السكان يتركزون بمحافظتي القاهرة والجيزة.