ملفات وحوارات
هوس الثراء السريع وراء السقوط فى فخ النصابين.. أموال المصريين.. «تعبانة» من «المستريحين»
رغم المعاناة التي يواجهها غالبية المصريين وظروف الحياة المعيشية الصعبة إلا أن عدداً كبيراً منهم وقع خلال السنوات الأخيرة ضحية لمن أطلق عليهم "المستريحين" والذين نجحوا في جني مئات الملايين من الجنيهات عن طريق النصب والاحتيال ثم هربوا واختفوا أو يقبعون خلف الأسوار ورغم تكرار هذه الحوادث منذ واقعة رجل الأعمال الشهير أحمد الريان في عام 1989 الا أن الآلاف من المصريين الباحثين عن حلم الثراء السريع مازالوا يقعون فريسة لهؤلاء النصابين.
وفي أحدث وقائع النصب التي ينفذها "المستريحون" تمكن نصاب يشتهر بلقب "مستر حسين" من جمع مليار ونصف المليار جنيه من الأهالي في مركز مغاغة في محافظة المنيا بحجة استثمارها في تجارة الرخام وتصديره إلى الصين إلا أن المواطنين شكوا في صدق إدعاءاته بعد توقفه عن سداد الأرباح التي كانت تتجاوز 30% شهرياً من رأس المال الأصلي في بعض الأحيان.
وخلال السنوات القليلة الماضية وقعت العديد من حوادث النصب على أيدي "المستريحين" في جميع محافظات مصر تقريباً نذكر منها مستريح القاهرة الذي نصب على المواطنين واستولى على مبالغ مالية تجاوزت 90 مليون جنيه ومستريح آخر بالقاهرة استولي على 300 مليون جنيه بزعم استثمارها في مصنع وشركة لإنتاج وتوريد العلف الحيواني بدولة إسبانيا ومستريح عين شمس الذي نجح في النصب على 389 مواطناً بزعم تسفيرهم للعمل بالخارج واستولى منهم على ملايين الجنيهات ومستريح التجمع الذي نصب على 25 مواطناً وظفر منهم بأكثر من 40 مليون جنيه بعد أن أوهمهم بأنه سيقوم بتوظيف أموالهم في تجارة الأدوات الكهربائية مقابل عائد شهرى ولكنه امتنع عن السداد، ومستريح المهندسين الذي نصب على المواطنين عن طريق تلقيه مبالغ مالية منهم بالنقد الأجنبي بلغت نحو 70 مليون دولار أمريكي بزعم استثمارها في مجال المضاربة بالبورصات العالمية مقابل أرباح متفق عليها.
ومن حوادث نصب المستريحين أيضاً ما قام به مستريح الإسكندرية الطالب بكلية الهندسة الذي نصب على 7 مواطنين وجمع منهم مبالغ مالية بعد إيهامهم بقدرته على استثمار أموالهم في مجال السياحة إلا أنه هرب بعد ذلك، ومستريح الأميرية الذي استولى على 120 مليون جنيه من المواطنين بعد إيهامهم باستثمار أموالهم في الأعمال التجارية التي يعمل بها بفائدة أعلى من فائدة البنك ومستريح مطروح الذي استولى على مليون و170 ألف جنية عن طريق النصب، ومستريح الإسماعيلية رجل أعمال الذي نصب على 30 مواطناً بدعوى الاستثمار ومستريحة الشرقية التي نصبت على مواطنين في مبالغ مالية تقدر بحوالي 15 مليون جنيه بزعم تسفيرهم لدول أوربية وعربية ومستريح المنوفية الذي نصب على عدد من الأهالي وأخذ أموالهم بدعوى توظيفها وتحقيق أرباح ومستريح بنها الذي حصل على 20 مليون جنيه من المواطنين لتوظيفها مقابل أرباح شهرية إلا أنه استولى على المبالغ المالية واختفى.
واللافت في جرائم "المستريحين" أن معدل تكرارها يزداد في المجتمع ويتفشى بين شرائح مختلفة منها البسيط ومنها المثقف بالرغم من وجود مؤسسات الدولة التى ترعى الاستثمار وتوجه الأشخاص إلى التعامل مع المشاريع وكيفية زيادة الدخل لمن يريد المساعدة ولكن هؤلاء عن علم يلغون دور البنوك والقنوات الشرعية التى تدر دخلاً مثل شهادات الاستثمار والمشروعات بأنواعها ويتجهون إلى "توظيف الأموال" مع النصابين والمحتالين ثم يتباكون بعد أن تحل بهم المصيبة.
وفي كل المرات التي تعرض لها المصريون للنصب تبين أن النصاب نجح في إقناعهم حتى أقدم أصحاب الأراضي والمحال والمواشي على بيعها لإعطاء الأموال له من أجل استثمارها على أمل تحصيل مكاسب سريعة وسهلة كما أضطر البعض في كثير من الحالات إلى السكن بالإيجار وبيع بيته لإعطاء المال للنصابين في حين سحب بعض المواطنين قروضاً من البنوك ومنحوها للمستريحين من أجل استثمارها.
و"المستريح" أي الكسول مصطلح يشير إلى شكل من أشكال النصب على المواطنين حيث يقوم النصاب بإيهام ضحاياه بالتجارة في سلعة أو مادة بعينها مقابل فوائد ومكاسب مالية خيالية قد تصل في بعض الأحيان إلى 30% شهرياً من رأس المال الأصلي ويبدأ بتوزيع هذه الأرباح في البداية بالفعل ما يجعل صيته يذيع ويبدأ في جمع أموال طائلة من المواطنين على أمل الهروب بها في لحظة بعينها.
ويقول خبراء القانون أن جريمة النصب في القانون المصري تعد جنحة وأن أقصى عقوبة أي "مستريح" هي 3 سنوات وهذا لا يتماشى أبداً مع جسامة الفعل بالإضافة إلى أن إيصالات الأمانة التي يقوم بتوقيعها لضحاياه مهما كانت قيمتها المادية ولو وصلت ملايين الجنيهات أيضاً جنحة وعقوبتها واهية ومن الممكن في الاستئناف تخفض لسنة مؤكدين على ضرورة تعديل قانون العقوبات وتغليظه لأنه لايثمن ولا يغنى عن جوع مطالبين مجلس النواب بالتحرك السريع لتعديل التشريعات العقيمة وسن أخرى تواكب مايحدث ويسبب أضرار كبيرة للمواطنين.
ويرى أساتذة الاجتماع وعلم النفس إن المواطنين يلجأون إلى شركات توظيف الأموال الوهمية لوضع أموالهم أو ما يطلق عليه "تحويشة العمر" بعيداً عن البنوك ولا يأخذون العبرة من عمليات النصب المتكررة وسقوط المستريحين ودائماً ما يقعوا في "فخ" المحتالين مشيرين إلى أن العائد السريع والمكاسب المالية الكثيرة بأقل جهد وبسرعة أكثر وراء انسياق المواطنين ومغامرتهم بوضع أموالهم مع أشخاص مجهولين يقومون بجمع الأموال والهروب بها داخل وخارج البلاد مستغلين تدني درجة الوعي لدى المواطنين.
وأشاروا إلى أن النصابين لديهم أساليب احتيال وطرق حديثة لجذب المواطنين لاستثمار أموالهم وطرق إقناع مختلفة ما يؤدي لخداع المواطنين رغم أن طرق استثمار الأموال التي يعرضونها على ضحاياهم هي عملية نصب وخداع واضحة العيان ولكن مايجعلهم يقعون في شركهم هو هوس الثراء والميل دائماً إلى الرغبة في الكسب السريع وخوض المغامرات بالمال حتى وإن كان العرض المقدم غير منطقى أو مقبول لافتين إلى أن من ينصبون على الناس تحت شعار "توظيف الأموال" يظهرون أمام ضحاياهم بأنهم أثرياء لإغرائهم وكسب ثقتهم إضافة إلى أنهم يمنحونهم مكاسب هائلة في البداية وبعدها يهربون بالأموال.