ملفات وحوارات
الفلاحون يصرخون من أسعاره ويبحثون عنه فى السوق السوداء.. الأرض عطشانة للسماد
زادت حدة شكاوي الفلاحين من ارتفاع أسعار الاسمدة خلال السنوات الأخيرة بشكل مبالغ فيه لا يقدر الفلاح البسيط تحملها، ولكن لا أحد يستجيب لشكواهم وصراخهم من المسئولين، وخاصة بعد بيع العديد من شركات الأسمدة التى كانت مملوكة للدولة، مع انتظار البت فى مصير شركة "طلخا للأسمدة" خوفا من أن تلقى مصير شركة الحديد والصلب.
واتفق خبراء الزراعة على أن المشكلة حاليا فى قطاع الآسمدة يتمحور حول نقص المعروض داخل الجمعيات الزراعية من الأسمدة الزراعية، كونها الجهة الوحيدة المسؤولة عن توزيع الأسمدة المدعمة، ما يدفع الفلاحين إلى اللجوء للسوق السوداء، بهدف تعويض نقص الأسمدة حتى لا يحدث انخفاض كبير فى إنتاجية المحصول، حسبما قال يحى رفعت -مهندس زراعى – مشيرآ الى أن التصدير أيضآ يلعب دورآ كبيرآ فى نقص المعروض المحلى نظرآ لتوجه الشركات الى تصدير النسبة الآكبر من انتاجها لتوفير العملة الصعبة على حساب السوق المحلى.
وأضاف "رفعت" أن عدم كفاية المهندسين الزراعيين في لجان المعاينة علي الطبيعة يعوق سرعة صرف الأسمدة، كما أن المحافظات التى يعتمد فلاحوها على صرف حصتهم من الأسمدة بنظام الكارت الذكي سواء بسبب المشاكل التى تتعلق باستخراج الكارت مثل مشاكل حيازات الورثة والأوقاف يواجهون صعوبة فى الصرف .
وأشار الى أن أهم المشاكل التى يواجهها الفلاح فى قطاع الاسمدة تتعلق فى ضعف الرقابة علي منظومة توزيع الأسمدة، وعدم التزام المصانع بتوريد الكميات المتفق عليها كاملة ، مطالبآ وزارة الزراعة بالضغط علي مصانع الأسمده لتوريد كامل حصتها من الأسمدة وعدم توجيهها للتصدير.
وقال حسين عبدالرحمن ابوصدام نقيب عام الفلاحين ان الفلاح يعانى حاليآ من ارتفاع أسعار السماد بصورة مبالغ فيها تؤثر على الانتاجية العامة للمحصول ويزيد الاعباء على المزارعين، مشيرا الى أن كميات الاسمده المدعمه لا تكفي احتياجات الفلاحين الزراعيه وتتاخر غالبا عن الميعاد المناسب للتسميد مما يجبر الفلاحين للجوء للسوق الحر لتكملة احتياجتهم من الاسمده ولتلبية حاجة المحاصيل من السماد في الاوقات المناسبه.
وأشار الى أن اسعار الاسمده المدعمه وصلت الى 3290 جنيه لطن سماد اليوريا و3190 جنيه لطن سماد النترات بينما ارتفعت اسعار الاسمده بالسوق الحر حيث ارتفع طن اليوريا من 4800 الي 5000 جنيه كما بلغ سعرطن سماد النترات 4600 .
وأوضح عبدالرحمن إن مصر تكتفي ذاتيا من الأسمدة ومعظم المصانع تصدر نحو 55% من إنتاجها، لكن ضعف منظومة توزيع الأسمده وتفشي الفساد الإداري في الجمعيات الزراعية يعرقل وصولها إلي مستحقيها من الفلاحين لذا يشكو مزارعو المحافظات النائية البعيدة عن مراكز إنتاج الأسمدة من عدم وصول الكميات المقررة وفي الأوقات المناسبة.
وطالب وزارة الزراعة بالضغط علي مصانع الأسمده لتوريد كامل حصتها من الأسمدة وسرعة هيكلة منظومة توزيع الأسمده بما يسمح بوصول الأسمدة المدعمة إلي مستحقيها من الفلاحين في الوقت المناسب والكميات المقررة، وتشديد الرقابة على الأسواق الحرة لبيع الأسمدة لمنع استغلال حاجة الفلاحين إلي الأسمدة والمبالغة في السعر وضبط الأسمدة المدعمة المهربة للسوق السوداء، وزيادة كميات المدعمة للفلاحين لتغطية الاحتياجات الملحة للزراعات.
وقال السيد نصحى فلاح أن الفلاح أصبح تحيطه المشاكل من كافة الاتجاهات والتى تدفعه بحق الى تركه لمهنته الاساسية وهى الزراعة راجعآ ذلك الى عدم وقوف أى من المسئولين معه بتوفير مايحتاجه من سماد ومبيدات وغيرها من مستلزمات الزراعة بأسعار مناسبة .
وأشار إلى أن سعر شيكارة السماد وصلت إلى 250 جنيهًا، وفي بعض الأحيان تتخطى الـ300 جنيهًا، بسبب السمسرة التي تحدث في الأسمدة بالسوق السوداء والتي تشتريه بسعر وتقوم ببيعه بسعر آخر،مما يصعب معه الحال فى استمرار الفلاح بالزراعة .
وأضاف أن الجمعيات الزراعية ترفع أسعار الأسمدة بشكل مبالغ فيه، ما يضطر بالفلاح اللجوء إلى الأماكن الخاصة، والتي تقوم برفع سعر الأسمدة أيضًا، وفي النهاية يتحمل ذلك المستهلك، مشيرآ الى أننا نقوم بتصدير الأسمدة وفي نفس الوقت القطاع الخاص يستوردة بالعملة الصعبة.
ولفت الى أن مصر تعانى من عدم وجود برامج تسميد موفرة للفلاح حيث جميعها تتكلف مبالغ ضخمة أيضًا.
وقال محمد عبدالستار، النقيب العام للفلاحين الزراعيين أن تعنّت مصانع الأسمدة فى تقليل الإنتاج والتصدير للدول الخارجية بأسعار عالية، سبب رئيسى أيضًا فى عدم وجود الأسمدة بالسوق وارتفاع سعرها وبيعها فى السوق السوداء بأضعاف سعرها، ونوه بأن مصنع الأسمدة الفوسفاتية الذى تم افتتاحه مؤخرًا، سيساعد بشكل كبير فى القضاء على أزمة الأسمدة، لا سيما أن أسمدة الفوسفات هذه تعد من أهم الأنوع خلال الفترة الأخيرة، وتخدم المحاصيل بشكل جيد، مردفًا: «مع ارتفاع الأسعار، ليس أمام الفلاح سوى ترك مهنته الذى ورثها أبًا عن جد، أو السجن لعدم المقدرة على سداد الديون.
ومن جانبه أرجع المهندس على عبد الحميد أحد مهندسى شركة الدلتا للاسمدة أن مشكلة قطاع الاسمدة فى مصر بدأت تتفاقم مؤخرآ بعد بيع شركات مملوكة للدولة وعدم قدرتها على التحكم فى الآسعار لافتا الى أن الوضع حاليا ينطبق على شركة الدلتا للاسمدة والتى لديها امكانيات وقدرات تمكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتى من الاسمدة بل و التصدير أيضا ولكن أزمتها هى عدم تطوير ماكيناتها ومعداتها على مدار سنوات طوية مما عرضها للهلاك والتوقف عن انتاج مايطلب منها وبالتالى تحقيق خسائر تقدر بالمليارات وعدم قدرتها على منافسة المصانع الخاصة المنتجة للاسمدة.
وفى تقرير صادر من احدى مراكز البحوث الزراعية ذكر أن مصر تنتج ما يقرب من 20 مليون طن سنويًا من الأسمدة الكيماوية، يستهلك القطاع الزراعي منها 11 مليون طن ويتم تصدير ما يقرب من 9 ملايين طن سنويا إلى الخارج، ومع ذلك يواجه السوق المصرى كل عام اختناقات في سوق الأسمدة، وهو ما يؤكد وجود فساد وتلاعب في أسواق الأسمدة حيث أن حجم الانتاج من الأسمدة ضعف الاستهلاك ويواجه المزارع أزمة في المقررات .