ملفات وحوارات
البرلمان الجديد يتسلم شعلة الإصلاحات التشريعية
انطلقت أعمال مجلس النواب الجديد في الفصل التشريعي الثاني وسط تفاؤل كبير بين المصريين الذين ينتظرون منه الكثير خصوصاً فيما يخص إقرار التشريعات التي تحسن من أوضاعهم المعيشية وتوفر لهم الرعاية الصحية والاجتماعية، حيث من المنتظر أن يولي المجلس الجديد اهتماماً خاصاً للتشريعات الاقتصادية المكملة والداعمة لمسيرة الدولة فى إصلاح هيكل الاقتصاد المصري، والتى بدأت بتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى حكم البلاد واتخاذه العديد من الإجراءات الإصلاحية والتي انعكست بالإيجاب على ثبات أسعار المنتجات وزيادة الاستثمارات والحد من البطالة.
وفي الوقت الذي يدخل فيه نواب البرلمان الجديد بحماس شديد للعمل وتقديم تشريعات جديدة تخدم جميع فئات المجتمع فإن هناك تركة ثقيلة من القوانين التي تركها المجلس الماضي دون أن يقرها تنتظر نواب 2021، لذلك فإن الفترة المقبلة من المنتظر أن تشهد مناقشة عدة مشروعات بقوانين اقتصادية مهمة، منها مشروع قانون مقدم من الحكومة بإعفاء عوائد الصناديق التى تطرح للاكتتاب بالخارج من كافة الرسوم والذي ينص على أنه استثناء من أحكام القانون رقم 182 لسنة 2020 بإلغاء الإعفاء المقرر على عوائد أذون الخزانة والسندات أو الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التعامل فى هذه الأذون والسندات من الضريبة على الدخل تعفى عوائد السندات التى يتم إصدارها باسم حكومة جمهورية مصر العربية وطرحها للاكتتاب فى أسواق المال العالمية بضمان الخزانة العامة من كافة الضرائب والرسوم طوال مدتها.
ويهدف التعديل بالاعفاء الضريبى للسندات المصرية المطروحة بالخارج إلى جذب وتشجيع المستثمرين على عمليات الاكتتاب حيث أن الأفضل لتشجيع الاستثمار استقرار المعاملات الضريبية والمفاهيم لكونها تحقق عائد سريع يتمكن من خلاله من خصم الضريبة بالنسبة للمستثمرين الأجانب بدلاً من اتباع سياسة الإعفاءات كما أن هذه القانون يتوافق مع اتفاقيات منع تجنب الازدواج الضريبى التى تشير إلى تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية.
وتشمل قائمة التشريعات التي ينتظر إقرارها مشروع قانون بتعديل قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016 لتقرير الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة المستحقة على خدمات النولون على ما يستورد من السلع الإستراتيجية كالبقول والحبوب وملح الطعام والتوابل المصنعة حيث نص المشروع على أن يستبدل بنص البند 15 من قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة المرفقة بقانون الضريبة على القيمة المضافة المشار إليه بحيث يكون النص "البقول والحبوب وملح الطعام والتوابل المصنعة وخدمات النولون على ما يستورد منها" ويري خبراء الضرائب أن التعديلات التي تم إقرارها علي قانون ضريبة القيمة المضافة تزيل العديد من التشوهات الضريبية بالقانون.
ومن المشاريع التي تنتظر إقرارها مشروع قانون الصكوك السيادية والذي يهدف إلى تحسين الأداء المالي وتحقيق المستهدفات قصيرة وطويلة الأجل والحد من عجز الموازنة العامة للدولة وذلك من خلال عدة وسائل منها تخفيض فاتورة خدمة الدين وزيادة عمر محفظة الدين واستحداث آليات ووسائل لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة وتنويع مصادر التمويل بتقديم منتجات جديدة لسوق أدوات الدين وتطوير آلياته وتحفيز الطلب على الإصدارات الحكومية من الأوراق المالية وأدوات الدين التي يتم إصدارها بالعملة المحلية بالعملات الأجنبية.
وسيتم تحقيق أهداف القانون من خلال الإجازة لوزارة المالية بغرض تمويل الموازنة العامة للدولة وتمويل المشروعات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية المدرجة بالموازنة العامة للدولة إصدار صكوك سيادية وهي أحد أنواع الأوراق المالية الحكومية التي من شأنها جذب مستثمرين جدد مصريين وأجانب ممن لا يستثمرون في الإصدارات الحكومية الحالية من الأوراق المالية وأدوات الدين فضلا عن أن تطبيقها يؤدي الى زيادة استثمارات المستثمرين الحاليين في الإصدارات الحكومية باعبتار أن الصكوك منظمة طبقاً لأحكام المشروع وتصدر طبقاً لأي من الصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية وذلك يؤدي إلى اشتراك طائفة من المستثمرين عزفوا عن ضخ استثمارات في الإصدارات الحكومية الحالية من الأوراق المالية وأدوات الدين.
أيضاً هناك مشروع قانون بتعديل القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية حيث نص التعديل على إضافة تعريف للتركز الاقتصادي يقضي بأن كل تغيير في التحكم أو التأثير المادي في شخص أو عدة أشخاص والذي يكون ناتجاً عن اندماج شخص أو أكثر في شخص قائم يحتفظ بشخصيته القانونية عقب الاندماج أو إنشاء شخص جديد عن طريق مزج اثنين على الأقل من الأشخاص التي كانت مستقلة سابقاً وانقضاء شخصيتها القانونية أو أي من أجزائها أو يكون التركز الاقتصادي ناتجاً عن استحواذ شخص أو أكثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على التحكم أو التأثير المادي في شخص آخر أو جزء منه بموجب عقد أو عن طريق شراء أوراق مالية أو أصول أو غيرها من الطرق ويمكن أن يتم الاستحواذ بشكل فردي أو جماعي كما يمكن أن يكون التركز الاقتصادي ناتجاً عن طريق إنشاء مشروع مشترك أو استحواذ شخصين أو أكثر على شخص قائم بغرض إنشاء مشروع مشترك يمارس نشاطاً اقتصادياً بشكل مستقل ودائم.
كما نصت التعديلات على أنه يحظر التركز الاقتصادي إذا كان من شأنه الحد من حرية المنافسة أو تقييدها أو الإضرار بها وبالأخص إذا كان ذلك من شأنه إنشاء وضع مسيطر أو تدعيم وضع مسيطر قائم بالفعل أو تسهيل ارتكاب أي من المخالفات الواردة بالقانون ويجوز للجهاز التصريح بإجراء التركز الاقتصادي إذا كان من شأن عدم تنفيذه خروج أشخاص من السوق أو إذا ثبت أن التركز الاقتصادي سينتج عنه كفاءة اقتصادية تفوق آثار الحد من المنافسة وذلك حال توافر الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
ومن بين القوانين التي سيتم مناقشتها مشروع قانون بتعديل قانون إنشاء صندوق تحيا مصر حيث يهدف إلى تغيير مسمى القانون ليصبح صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية كما يهدف إلى إدراج طرق جديدة لتقييم الأصول عن طريق الاستعانة بأحد بيوت الخبرة كما ينظم إجراءات نقل ملكية الأصول المنقول ملكيتها إلى الصندوق وإعفاء المعاملات البينية للصندوق والكيانات المملوكة له من جميع الضرائب والرسوم وتنظيم شهر قرار رئيس الجمهورية بنقل ملكية الأصول إلى الصندوق بالإيداع.
كذلك هناك مشروع قانون بإصدار قانون التأمين الموحد والذي يرسم قواعد محددة وشاملة لصناعة التأمين فى مصر وتنظيم قواعد الإشراف والرقابة عليها ليصبح لدى سوق التأمين المصري لأول مرة قانون موحد وشامل ينظم آليات الإشراف والرقابة على ممارسات نشاط التأمين فى مصر بالنظر للدور الرائد الذى تساهم به صناعة التأمين في حماية الثروة القومية وممتلكات المواطنين وبما يؤمن حاضرهم ومستقبلهم ويحفظ ثرواتهم ويسهم في تنمية المدخرات الوطنية واستثمارها على النحو الأمثل.
وتتضمن القوانين أيضاً مشروع قانون بتعديل قانون إنشاء الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة الصادر بالقانون رقم 118 لسنة 1964 بما يمكنه من أداء الدور المنوط به حيث ينص التعديل على أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة هو هيئة مستقلة تتبع رئيس مجلس الوزراء ويبقي التعديل على اختصاص الجهاز في اقتراح القوانين واللوائح الخاصة بالعاملين وإبداء الرأي في مشروعات القوانين نظراً للخبرة العملية المتراكمة بالجهاز ليكون استطلاع رأيه مهماً كما يقوم الجهاز بالموافقة على اللوائح المتعلقة بشئونهم قبل إقرارها لتوحيد القواعد التي يخضع لها العاملون بالدولة.
وينص التعديل على أن الجهاز يختص بدراسة الاحتياجات من العاملين في مختلف المهن والتخصصات بالاشتراك مع الجهات المختصة ووضع نظم اختيارهم وتوزيعهم وإعادة توزيعهم لشغل الوظائف على أساس الصلاحية وتكافؤ الفرص ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء نقل العاملين فيما بين الجهات المختلفة بعد دراسة الجهاز وأخذ رأي وزارة المالية مع إخطار الجهتين المنقول منها وإليها وذلك حال الإحتياج لإعادة توزيع العمالة بين الجهات في حال ثبوت عجز أو فائض على أن يتم مراعاة احتفاظ العامل المنقول بذات مستحقاته المالية التي كان يتقاضاها قبل النقل أو تقاضي أجر الوظيفة المنقول إليها أيهما أكبر.
ويختص الجهاز برسم سياسة وخطط تدريب العاملين ورفع مستوى كفاءتهم وتقديم المعاونة الفنية في تنفيذها لتطوير أداء العاملين والموافقة على صرف المخصصات المالية للبرامج التدريبية بالتنسيق مع وزارة المالية إلى جانب دراسة مشروعات الميزانيات فيما يتعلق باعتمادات العاملين وعدد الوظائف ومستوياتها وتحديد درجاتها مع إبداء ما يكون لديه من ملاحظات عليها ولا يجوز إصدار قرارات بشغل درجات أو وظائف خالية أو التي تخلو أثناء السنة المالية بالجهة بأي طريق إلا بموافقة الجهاز ووزارة المالية كما يجوز للجهاز بعد التنسيق مع وزارة المالية إعادة توزيع تلك الدرجات أو الوظائف بين الجهات وفقاً للاحتياجات الوظيفية.
أيضاً هناك قانون المالية العامة الموحد والذي يتضمن مواد تنظم أسس ومراحل إعداد الموازنة بما يضمن تنفيذها على أساس موازنة البرامج والأداء وذلك في ضوء أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأهداف الاستراتيجية للدولة ووفقاً للقرار فإن الموازنة مع مشروع قانون المالية العامة الموحد تبوب وفقاً لكل من البرامج والتصنيف الاقتصادي وكذلك التصنيف الوظيفي والتصنيف الإداري ويحدد مشروع القانون تقسيمات استخدامات الموازنة العامة للدولة بشكل واضح وتقسيمات مواردها فضلاً عن قواعد تنفيذ الموازنة وأحكام الصرف والتحصيل وكذلك قواعد الرقابة المالية والضبط الداخلي.
ويحقق مشروع القانون الجديد عدة أهداف حيث قام بدمج قانون الموازنة العامة للدولة وقانون المحاسبة الحكومية بقانون موحد يعكس فلسفة الأداء المالي في النظام الاقتصادي المصري وتم خلاله مراعاة النظم المميكنة الحديثة إلى جانب تطبيق موازنة البرامج والأداء باعتبار ذلك أحد وسائل ضبط الإنفاق العام وترشيده وتأصيل مفاهيم المحاسبة والمساءلة كما يساعد مشروع القانون في إعداد أطر موازنية لضمان التخطيط المالي الجيد ووضع رؤية مستقبلية للأداء المالي بالجهات الإدارية من خلال استخدام الأساليب العلمية والتقنيات الفنية لرفع كفاءة الأداء المالي سواء في وزارة المالية أو الجهات الإدارية المختلفة وتحقيق أعلى مستويات الشفافية والإفصاح في الإعداد والتنفيذ والرقابة من خلال تبويبات الموازنة والالتزام بذلك بجانب الاستجابة للتغيرات المتعلقة بالصرف والتحصيل المميكن من خلال أوامر الدفع والتحصيل الإلكتروني واستخدام نظم التوقيع الإلكتروني.
وهناك مشاريع بقوانين أخرى ينتظر إقرارها منها مشروع قانون إيجارات المساكن ومشروع قانون بربط الحسابات الختامية للموازنة للدولة للسنة المالية 2019/2020 ومشروعات قوانين وعددها 50 مشروع قانون بربط الحسابات الختامية للهيئات الاقتصادية ومشروعات قوانين بربط الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية والهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية 2019/2020 وعددها 52 مشروع قانون ومشروع قانون بربط حساب ختامى موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربى 2019/2020 ومشروع قانون باعتماد حساب ختامى موازنة وزارة العدل والجهات المعاونة للسنة المالية 2019/2020 ومشروع قانون بالترخيص لوزير البترول في التعاقد مع الهيئة العامة للبترول للبحث والتنقيب عن البترول في جنوب غارب البحرية بجنوب السويس ومشروع قانون بالترخيص لوزير البترول بالتعاقد الهيئة العامة للبترول للبحث عن البترول بالصحراء الغربية ومشروع قانون بالترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع االشركة الوطنية المصرية للبحث عن البترول بالصحراء الشرقية ومشروع قانون مقدم من الحكومة بمنح التزام لتمويل وتصميم وإنشاء واستغلال وصيانة وإعادة ملكية الميناء الجاف بمدينة السادس من أكتوبر بنظام المشاركة مع القطاع الخاص وكذلك تحويل خطط تنمية صعيد مصر إلى واقع ومشروعات ملموسة والاستفادة الكاملة من مصادر التمويل المختلفة لتحسين جودة الحياة وخلق فرص عمل لأبناء الصعيد وأيضاً عملية التحول الرقمى التي تحتاج إلى إدخال بعض التعديلات التشريعية على العديد من القوانين القائمة حتى يكون الأمر أكثر سهولة في التطبيق.
ووفقاً للخبراء فإن هذه الاستحقاقات المطلوبة من مجلس النواب الجديد تتطلب منه أن يبدأ هذا الفصل التشريعى بإعداد خطة زمنية متكاملة للخمس سنوات القادمة وليس لدور انعقاد واحد وذلك بالتنسيق مع السلطة التنفيذية وتحديد الأولويات التشريعية المطلوبة لتحقيق نهضة شاملة وسريعة لمصر تتوافق مع الرؤية التخطيطية مصر 2030 ويجب أن يبدأ بتشريعات مكافحة الفساد المالى والإدارى وزيادة تنافسية الاقتصاد وتحفيز الاستثمار المحلى والأجنبى وحوكمة المؤسسات الاقتصادية للدولة لأن هذا سيؤدى إلى رفع تصنيف مصر فى مؤشرات التنافسية الدولية إلى المكانة التى تستحقها ويقوى موقف مصر التفاوضي مع كافة الجهات الاقتصادية الدولية.
وأشار الخبراء إلى أن البرلمان الجديد لديه رؤية وأجندة تشريعية واقتصادية تم تحديدها لمساعدة الدولة في القضاء على كل أوجه البيروقراطية والتى جاء على رأسها طول مدة الإفراج الجمركى التي تصل إلى شهر وشهران في حين أن هناك دول أخرى يتم الإفراج فيها عن البضائع خلال 48 ساعة فقط موضحين أن ذلك الأمر ربما يحتاج إلى تدخل تشريعى بتعديل بعض نصوص قانون الجمارك الجديد مشددين على ضرورة منح مزيد من التسهيلات للمستثمرين خاصة صغار المصنعين فى الحصول على الأراض اللازمة لإنشاء مشروعاتهم الصناعية مطالبين بتخصيص الأراضى للمستثمرين الصناعيين بنظام حق الانتفاع خاصة فى مشروعات مصانع الأسمدة والبذور الزراعية التى تحتاج إلى مساحات شاسعة من الأراضى لإقامتها.