سياحة وسفر
السياحة تراهن على الرحلات الداخلية
"لن نعود إلى حياتنا التي كانت في الماضي".. هكذا وصفت منظمة السياحة العالمية الأوضاع التي نمر بها عالميا وخاصة ما بعد كورنا، مضيفة أن هناك افتراضات تم تناولها عن تأثر قطاعات خدمية واستهلاكية بشكل سلبي وهناك بعض المهن قد تندثر، ولم يسلم قطاع السياحة والسفر من تلك التنبؤات في ظل عدم وضوح الرؤية لتحرير حركة السفر والطيران في ظل انتشار الفيروس سريعا، خاصة إنه بلغ عدد السائحين في عام 2019 حسب تقرير منظمة السياحة العالمية 1.3 مليار سائح حول العالم وتوقع خبراء انخفاض هذا الرقم إلى أدني مستوياته؛ أما في مصر فكان الوضع مستقرا حتى مطلع مارس الماضي قبل قرار الحكومة بغلق الحدود الدولية وإغلاق الموانئ، وظل قطاع السياحة والطيران نشطا حتى إجراءات مجلس الوزراء بضرورة تقييد حركة السفر حفاظا على أرواح المصريين وسلامتهم.
وتشهد الفترة الحالية بدء مواسم الإجازات والأعياد وأيضا النشاطات الدينية الموسمية والاستعداد لإطلاق باقات العطلات السنوية الصيفية وبعد إجراءات حظر السفر تأثرت كافة المنشآت السياحية المصرية، واضطرت لإلغاء كافة حجوزات المصريين والأجانب داخل مصر وخارجها ورد القيمة للحاجزين، وهو ما سيؤثر سلبيا على الناتج المحلى الخاص بقطاع السياحة ويبشر بتدني ايراداته خلال السنة المالية التي تبدأ في يوليو 2020، بعد أن كان مرتفعا إلى أعلى مستوى في ناتج الربع الأول من عام 2020 رغم إجراءات الغلق في بداية مارس، حيث وصلت إلى4.2 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام المالي 2019/2020، مقارنة ب 3.9 مليار دولار بنهاية الربع المقارن من العام المالي السابق بقيمة زيادة بلغت 300 مليون دولار.
وذكرت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، أن الحكومة المصرية ساندت قطاع السياحة والطيران الخاص للخروج من الأزمة ببعض الإجراءات والقرارات المصرفية الداعمة لاستمرار صمود العاملين به حتى مرور الازمة، وتوقعت عدد من الشركات العاملة بقطاع السياحة والسفر تحسن الأداء وحدوث عودة قوية بعد رفع حظر الطيران خاصة بعد الإشادة الدولية لإدارة الحكومة المصرية في منع تفشي المرض.
وقالت احدى الشركات الكبرى العاملة بالسوق المصري، إنه برغم قيود السفر التي طبقت على معظم دول العالم إلا نشاطا ملحوظا ظهر على منصتها خلال الشهر الحالي بزيادة 30% عن شهر مارس المنقضى، وهو يحمل عدة تفسيرات أهمها أن بشهر أبريل يعتاد المصريون بدء عطلاتهم خاصة مع حلول إجازات عيد القيامة وأعياد الربيع إضافة لبدء حجز المصريين بالخارج لرحلات العودة إلى مصر، ولكن مع قرار الحكومة بغلق أماكن التنزه والمصايف تراجعت الحجوزات ولكنه مؤشر جيد لدينا يؤكد رؤية قادة القطاع أنه سيكون أول المتعافين من أزمة كورونا بعد رفع إجراءات الحظر.
وعن الدعم الذي تقدمه الحكومة لقطاع السياحة، وخاصة التسهيلات المصرفية ودعم الشركات، أكدت نهي محسن مديرة إحدى شركات السياحة، أن هذه القرارات سيكون لها تأثيرًا إيجابيًا خاصة عند عودة النشاط السياحي من جديد فمصر ليست بعيدة عن العالم وقطاع السياحة الذى يمثل 10% من الناتج العام العالمي بالتأكيد يمثل رقما فاصلا في الناتج المحلى المصري، كما أن هذا الدعم سيشجع كل الشركات السياحية على بذل أقصى جهد ممكن من أجل جذب السائحين مرة اخري لزيارة مصر، كما نقوم حاليا بالتجهيز لمبادرة ستنفذ مباشرة عقب عودة القطاع السياحي للعمل مرة أخرى بعنوان "كنوز مصر" لتعريف المواطنين بالأماكن السياحية بالداخل، بالإضافة إلى عمل برنامج سياحي يشمل هذه الأماكن وبأسعار مخفضة لدعم السياحة الداخلية في مصر في ظل تقييد السفر الدولي.
كما رحبت بإعلان الحكومة دراستها عودة السياحة الداخلية مرة أخرى تدريجيًا مع الالتزام بكافة القرارات الاحترازية للحفاظ على سلامة المواطنين والعاملين، مؤكدة أن هذا القرار سيسهم في استعادة قطاع السياحة توازنه مرة أخرى بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها في الفترة الماضية.
وأشارت إلى ان هناك خطة موضوعة من قبل الشركة في حال استئناف رحلات الطيران الداخلية، كما وعدت الحكومة في أحدث تصريحاتها حيث قمنا بعمل شراكات وبروتوكولات تعاون مع بعض شركات الطيران تهدف إلى تجهيز طائرات خصيصا لنقل عملاء الشركة بأسعار مخفضة، بالإضافة إلى إمكانية تقسيط تكاليف الرحلة شاملة التذاكر والإقامة من خلال بعض البنوك والتطبيقات الإلكترونية، وهذه العروض سارية أيضًا على الرحلات الخارجية ولكن الأمر متعلق بالظروف الصحية والأمنية لكل دولة.
وعن مستقبل السياحة المصرية في ظل التحول الرقمي قالت "نهى محسن" أن مصر أصبحت من أكثر الوجهات السياحية إقبالا في السنوات الثلاث الماضية ويرجع الفضل في ذلك إلى حسن استخدام التطبيقات الرقمية عبر الإنترنت والهواتف الذكية للترويج إلى معالمها السياحية وسبل السفر والإقامة بها، فعلى سبيل المثال في عام 2019،تم تحميل طلبات الحجزل 50٪ من المسافرين عبرتطبيقات السفر والطيران كما أن 92% من العلامات التجارية للسفر وضعت الهواتف الذكية ضمن خطة إدارة عمليات الحجز لرحلات الطيران وغرف الفنادق حول العالم واتجاه المسافرين لحجز وجهاتهم عبر تلك التطبيقات.
وحول خطط المسافرين لقضاء اجازتهم أكدت أن هناك ضرورة لتحسين منتجنا السياحي ليتناسب مع الرغبات المستحدثة للسائحين بعد أزمة كورونا فما نراه ليس سوى نصف الصورة فقد غيّر الإنترنت والأدوات الرقمية الجديدة تمامًا الطريقة التي يسعى بها المسافرن إلى التخطيط لعطلاتهم وإدارتها ومع ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في ظل ظروف العزل المنزلي عالميا فهناك فرصة سانحة للبدء في الترويج لمعالمنا السياحية ومناطق الإقامة وسبل الطيران عبر منصات مصر الرسمية وغيرها ولذلك نشيد بتجربة وزارة السياحة المصرية لعرض معالم مصر وعزمها افتتاح المتحف الكبير افتراضيا.
وقال الدكتور عادل المصري المستشار السياحي السابق لمصر بفرنسا، إن السياحة الداخلية هو الحل الراهن لإنقاذ الموقف في هذا التوقيت، حيث يمكن إعادة تفعيل بعض المبادرات التي اطلقت في الماضي، وإن كانت لن تعوض الحركة الأجنبية ولكنها تعتبر بديلا مؤقتا أكدت على أهميته منظمة السياحة العالمية حين أعلنت أن الموسم القادم سوف تعتمد العديد من الدول على السياحة الداخلية.
وأوضح أن تحقيق العائد المتوقع من قطاع السياحة خلال العام المالي الحالي، والذي قدرته وزارة التخطيط والمتابعة بنحو ١٦ مليار دولار، يتوقف على مدى قدرة القطاع على الصمود خلال الأزمة الحالية، وما يليها من استحداث أساليب ترويجية جديدة وغير تقليدية تتناسب مع المتغيرات التي تشهدها الأسواق الخارجية.
وأضاف ، أن العديد من الدراسات الحديثة التي أجريت في أعقاب تفشي الجائحة ودخول العالم في حظر كامل، أثبتت حدوث متغيرات في سلوكيات السائحين ومفاهيم السفر، واختياراتهم للمقاصد السياحية والطيران وأماكن الجذب السياحي، وهو ما يستدعي اهتمام صانع القرار السياحي المصري عند وضع خطة للترويج والتسويق في مرحلة ما بعد كورونا، علاوة على أسلوب التعامل مع الأزمة والذي يتحكم في قدرتنا على التعافي السريع.
وحول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعم القطاع الخاصة ومساندته في مواجهة فيروس كورونا، طالبعادل المصري بضرورة التركيز على الإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة وأشادت بها الصحف الأوروبية ووكالات الأنباء، ما كان لها اثر إيجابي على طمأنة السائح الذي يرغب في العودة مرة أخر لمصر، موضحا ان الدولة المصرية كانت من أولى الدول السياحية التي اتخذت إجراءات أكثر مصداقية.