لم تكن انتخابات نقابة الأطباء مجرد انتخابات نقابية عادية، وإنما جاءت، بتوقيتها وبنتائجها، كاشفة للمناخ الانتخابى السائد الآن فى مصر بما يميزه من خصائص واضحة. فأول ما ميز انتخابات الأطباء هو حضور تلك الأعداد الغفيرة من الأعضاء وحرصهم على إبداء الرأى فيمن سيتولى شؤون نقابتهم، فرغم موجة الأمطار والبرد القارس الذى لم تشهده البلاد منذ أكثر من مائة سنة، وهو ما جعل الكثيرين يلزمون بيوتهم، فقد حرص ما يقرب من 20 ألفاً من الأطباء على التوجه إلى مقارهم الانتخابية والإدلاء بأصواتهم فى انتخابات نقابتهم. إن الحرص على المشاركة والخروج من السلبية السياسية التى ظلت سائدة سنوات طويلة، هو الذى دفع الجماهير للخروج فى الجو المشمس يوم 30 يونيو الماضى لإبداء رأيهم فى حكم الإخوان، وهو الذى دفع أطباء مصر للخروج فى الجو الممطر لإبداء رأيهم فى تحكم الإخوان فى نقابتهم، وهو الذى سيدفع بالناخبين فى جميع الظروف المناخية للخروج إلى الاستفتاء على الدستور ولانتخاب الرئيس القادم والبرلمان. إن الشعب المصرى منذ يوم 25 يناير لم يعد ذلك الكم المهمل الذى تتحكم فيه بعض القوى المنظمة القادرة وحدها على حشد أتباعها كالخراف لملء الفراغ الناتج عن غياب الجماهير الحقيقية، سواء كان اسم هذه القوى الحزب الوطنى أو جماعة الإخوان. اللقطة الثانية الدالة على المناخ الانتخابى العام هى النتيجة التى أتت بها انتخابات الأطباء، والتى أسقطت أتباع الإخوان سقوطاً ذريعاً بعد عقود من سيطرتهم على النقابة، حيث لم يحصلوا إلا على مقعد واحد، بينما حصل المستقلون على 11 مقعداً، وقد أكد لى طبيب القلب المعروف، الدكتور عزيز مدكور، أن هذا هو الحجم الحقيقى لممثلى الإخوان، والذى انكشف حين قررت جموع الأطباء الإدلاء بأصواتهم فاتضحت النسبة الحقيقية لكل جانب. إن ما حدث فى نقابة الأطباء ينبئ بشكل دقيق بما هو آت، فتحية لأطباء مصر الأحرار الذين لا يعالجون أبداننا فقط، وإنما يقدمون لنا أيضاً «روشتة» التخلص من الأمراض السياسية التى عانينا منها طويلاً، وصولاً إلى الصحة السياسية التى طال انتظارنا لها. [email protected]