منوعات
مغامرة صحفية لـ "البورصجية" تكشف.. جريمة "الدفترخانة"
فى غرفة قديمة عمرها أكثر من 100 عام رسمت السنون على جدرانها ملامح القدم والإهمال.. تراكمت على أثاثها المتهالك طبقات من الأتربة التى سمحت بدخولها نوافذ محطمة لم تستطع أن تحمى الغرفة من قسوة الزمن بقدر ما تركت أثاثها عرضة لتغيرات المناخ والفصول الأربعة وجعلته مأوى لكل أنواع الضيوف المتطفلة من حشرات وجرذان وثعابين لتحوله إلى مكان أشبه بالقبر.
فى إحدى زوايا هذا القبر الموحش رقد مجلد قديم يعبر مظهره الخارجى عن عصر كانت الجودة فيه عنوانًا لكل الصناعات تناولته يد حرفى محترف لتصنع منه مجلدًا قويًا استطاع أن يحمى الملك الذى حفظ بداخله من عوامل الزمن جلده الذى مرت عليه عشرات السنين لم يتغير أو يتشقق من عوامل الزمن وإن علته بعض الأتربة، إلا أنه صمم على أن يعبر عن معاناته ويحتج على إهمالنا له برفضه البوح بما فى داخله من أعداد لجريدة الوقائع المصرية التى أسسها محمد على باشا قائد النهضة الحديثة فى مصر عام 1828 لتكون سجلاً حافلاً بالقوانين والقضايا التى تمر بها مصر عبر التاريخ.
اقتربت منه بعد مرورى بمغامرة طويلة مشوبة بالخوف من وحشة المكان والحذر الذى تفجر بداخلى منذ أن سمعت بالقصص التى تحكى عن أتباع صاحب هذه الطريقة وهى الطريقة الرفاعية، التى نسجت حولها قصص صداقة قوية بين أتباعها وبين الثعابين التى تحولت مع الزمن إلى صورة ذهنية تستعيدها العقول عند سماع اسم هذه الطريقة.
قادتنى قدماى إلى مسجد الرفاعى بحى الخليفة بالقاهرة الفاطمية.. هذا الصرح الشامخ الذى أمرت ببنائه خوشيار هانم والدة الخديو إسماعيل باشا ليكون مسجدًا يضم أضرحة للأسرة العلوية –أسرة محمد على– ويتحول بفعل الإهمال والغدر إلى مقبرة أخرى لكنوز مصر التاريخية التى لم تعبأ بها الحكومات المتعاقبة وتركتها فريسة ضعيفة لعوامل الزمن وعوامل الإهمال من مياه جوفية وحشرات قارضة لتندثر شأنها شأن المسجد الذى يضمها، والذى أصبح متهالكًا للدرجة التى تهدد بسقوطه.
تسمرت قدماى أمام مدخله المبهر.. تاريخ عريق من العظمة تحمله فنون رائعة من العمارة الإسلامية المتأثرة بفنون العمارة القبطية والفرعونية تحاملت عليهما لإجبارهما على الصعود إلى المدخل درجات تحملنى الواحدة تلو الأخرى لتعمق بداخلى.
تسمرت قدماى وأنا أقف أمام أحد مبانى قاهرة المعز لدين الله الفاطمى عروس المدن على مر التاريخ والعصور جوهرة قلب المعز قاهرة الأعداء صاحبة النصر والانتصارات.
فى شموخها متوج على رأسها تاريخها بين القبائل يحكى الرحالة عن أمجادها وسط المصاعب سلكت طريقها.
حملت فى أحشائها عصورًا مضت هلك التراب أصحابها وبعظمتها خلدت تاريخهم لكنها اليوم تبكى على أحفادها الذين هلكوا وسط إهمال مسئولين لا يدركون قيمة وقامة هذه التحفة التاريخية.
هو جامع الرفاعى الذى برز فيه جمال وشموخ العمارة الإسلامية واختلطت زخارفه بالديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، ليكون تحفة معمارية إسلامية ضمت بين أحضانها العديد من رفات ملوك وأمراء مصر.
وقفت للحظات لأتأمل جمال وإبداع العمارة الإسلامية ودقة الزخارف التى تزين الجامع وتغطيه بأكمله.
واجهته عملاقة تعلوها مئذنتان شاهقتا الارتفاع وتتوسطهما قبة جمالها يريح النظر إليها تطل من نوافذه رائحة عتيقة جميلة تعبر عن قدم هذا الجامع يتوسط واجهته الرئيسية مدخل عالى الارتفاع تصعد له بعدة درجات وكأنك تصعد على سلم موسيقى كل منها له نغمته الخاصة التى تحكى تاريخًا مليئًا بالحكايات، على جانبى الدرج أعمدة مزخرفة بزخارف نباتية وهندسية غاية فى الروعة والدقة وفى نهاية السلم بابا مصراعى خشبيين يتوسط الباب مقبض نحاسى ضخم.
وما أن وقفت أمام الباب لوهلة من الزمن كى أتأمل جمال زخارفه حتى وقعت عيناى على صالة كبيرة يغطى أرضيتها سجاد عتيق يظهر عليه الفخامة والبذخ أطرافه متآكلة وقلبه متهالك، وبأعلى الجدران الجانبية أسلاك كهربائية تشوه جمالها.
ما إن تسير بخطى هذه الأسلاك لتأخذك فى نهايتها إلى قبة المسجد الرئيسية حيث تجد الجدران مزخرفة بألوان زاهيه كأنها صنعت وليدة اللحظة.
يتوسط المسجد أربع دعامات من الرخام الأبيض إحداها منفصلة عن بعضها بسبب المياه الجوفية والإهمال الملحق بها من قبل وزارة الآثار.
تحمل هذه الدعامات قبة ضخمة يظهر عليها تصدعات من جميع جوانبها كاد على مظهرها الانهيار، وعلمت من حال هذا المسجد ألا حياة لمن تنادى، وهكذا هو حال الآثار فى مصر فما من شىء يتغير.
تجولت فى جميع أروقة المسجد وشاهدت الإهمال الواقع عليه من قبل وزارة الآثار وهناك أيضًا جانب من الإهمال من قبل وزارة الأوقاف.
جامع قديم عريق تبلغ مساحته 6500 متر مربع، منها 1767 متراً مربعاً لخدمة الصلاة، على وشك الانهيار والاندثار، لا يوجد مسئول ينصت ولا يرى.
تألمت عندما شاهدت مقابر ملوك وأمراء الأسرة العلوية على وشك أن تطوى بين صفحات التاريخ، وتكون مجرد سيرة يحكى عنها لا تحفة تاريخية ملموسة ومرئية.
انتهيت من جولتى داخل جامع الرفاعى وعند مغادرتى للمسجد وقعت أطراف عينى بالجهة اليسرى على سبيل لم أنتبه له قبل دخولى إلى المسجد ووقفت أمامه لأجد شيئاً غريباً بأن السبيل مسدود من الداخل تعجبت من ذلك، فالتففت مع هذا السبيل، لأجد باباً ذا مصراعين خشبيين.
قمت بفتح هذا الباب العتيق بكل صعوبة، وكان بداخله مبنى ملحق بالجامع لكنى لم أجد أى لوحة إرشادية تدلنى على معالم هذا المكان، فتحت الباب وكان يصدر صراخاً وأنيناً وكأنه وحش عجوز يريد أن يلتهمك، لكن شيخوخته منعته.
دخلت هذا المكان وقلبى يخفق من الخوف. مكان قديم تغطيه خيوط العنكبوت على اليسار. باب مكتوب عليه: «ممنوع فتح هذا الكشك خوفاً من الموت»، وعلى يمينى سلم معدنى يصيبك الخوف من مظهره، فقررت أن أنفد بنفسى وأخرج، لكن فضولى سبق خوفى فى معرفتى ماذا يوجد بالأعلى.
التفت إلى السلم ونظرت إليه، لكن احتجبت الرؤية عنى بسبب الظلمة الحالكة أضأت مصباحى الصغير وصعدت السلم واحدة تلو الأخرى بدأت البطارية فى الانخفاض والإضاءة تقل ويزداد خوفى ولا يوجد أمامى إلا خياران كلاهما أسوأ من الآخر، إما أن أغادر المكان، وأحاول الهروب مسرعة وستنفد بطاريتى قبل أن أصل لباب الخروج، وإما أن أواجه العقبات ورجحت الخيار الثانى وأكملت صعود السلم وفجأة فرغت البطارية. انكمشت من الرعب والخوف وقلبى يخفق حتى لم أستطع التنفس وحدثت نفسى: ماذا أفعل فى هذا الظلام الدامس.
نظرت لأعلى وجدت خيطاً رفيعاً يخرج من ثقب بسيط بالحائط، ليضىء لى الطريق وكان هذا بمثابة طوق النجاة واصلت صعود السلم حتى أجد نفسى بنهايته على سطح المسجد تفقدت السطح بأكمله وكنت سعيدة لأننى وصلت إلى هذا المكان الذى لم أره من قبل.
وقعت عيناى على نافذة جميلة بدأت أقترب منها خطوة تلو الأخرى حتى بلغتها ونظرت بداخلها وجدت سلماً حجرياً يحمل على كاهله حفنات من التراب، لا أعرف إلى أى مكان يؤدى هذا السلم وقفت أمامه لوهلة من الوقت شارداً بعقلى فى التفكير. لم أتعظ من المرة الأولى ويقودنى فضولى إلى حيث لا أعلم ركزت على النافذة ونظرت إلى السلم نظرة حادة وقررت النزول إليه، ولكنى كنت أخشى منه لأنه يبعد عن النافذة بعدة سنتيمترات.
تشبثت بإحدى دلفات النافذة، وقفزت إلى السلم بسرعة وحذر خوفاً من أن أطيح بنفسى فى الخلاء.
وقفت على مقدمة السلم، ونظرت إلى الأسفل ظل نور مكسور وكأنه يخرج من بين طيات شىء مسدول بدأت فى النزول غبار وأتربة كدت أختنق منها وضعت يدى على الدرابزين الخشبى وتمسكت به وإذا بى أسمع أنيناً قوياً يرعبنى وكأن السلم يصرخ مما هو فيه من إهمال أصبح هذا السلم شيخ عجوز تجاوز الخمس بعد المائة.
تابعت النزول حتى وصلت إلى ظل النور ووجدت ما لم أتوقعه باب لغرفة كبيرة مكتوب عند مدخلها من جهة اليمين جملة: «ممنوع الدخول لغير العاملين بالمصلحة» لم أصدق ما أنا فيه وبدأت أتحدث مع ذاتى: هل أنا بداخل مصلحة حكومية من عصر الملوك والأمراء. عبرت الباب الخشبى وجدت دواليب خشبية تحيط بالمكان وأرففها مليئة بحفنات التراب ودلفها زجاجية أرضيتها من البلاط تغطيه الأتربة وروث الفئران والحشرات وكم الإهمال الجسيم الذى يوضح عدم دخول أحد هذا المكان منذ زمن طويل.
يوجد بهذه الغرف الخشبية الكبيرة أرفف، معظمها مليئة بالمجلدات والأوراق والملفات المكسوة بالتراب وأخرى خاوية صممت هذه الغرف على يد معمارى متميز غلب عليها طابع السيمترية يسمى هذا المكان المكون من ثلاثة طوابق «الدفترخانة» وقد أنشئت «الدفترخانة» فى عصر محمد على باشا وقتذاك لن توجد «الدفترخانة» إلا لدى دولتين فقط، وهما فرنسا وإنجلترا، فأمر محمد على باشا بإنشاء «دفترخانة» لحفظ جميع وثائق الدولة وتسجيلها فيه فأصبح «الدفترخانة» الآن وزارة، وهى «وزارة الأوقاف» التى لم تكترث لشىء ولا تهتم بآثار الماضى، وتركت هذه الوثائق المهمة فريسة للحشرات المتطفلة ومخبأ للجرذان ومزاراً للطيور ووكراً للثعابين تتكاثر فيه لتكون عائلات منها.
وقفت بمنتصف الغرفة أنظر إلى الكم الهائل من المجلدات والأوراق اتجهت إلى أحد الدواليب الخشبية مددت يدى على أحد المجلدات وأمسكتها بين يدى بأطراف أناملى الذى صبغت لونها بالرمادى القاتم من كثرة التراب المغطاة بها، وفتحت هذا المجلد لأجد مستندات مهمة تحدثنا عن ماض كان سبب تغيير الحياة السياسية والاقتصادية فى تاريخ مصر الحديثة يوضح هذا المجلد المصروفات الإدارية للملك والبلاط الملكى ليظهر لنا كم الشفافية والنظام الذى افتقدنا إليه اليوم.
تابعت تجولى بالمكان المبهر ونزلت الى الدور أسفل الأخير نفس التصميم ونفس الدواليب الخشبية، ولكن المكان هنا أكثر إهمالاً وخوفاً، فى الجهة المقابلة للباب دواليب كبيرة مليئة بالمجلدات الضخمة التى تجبرك على الانتباه إليها انجذبت لتلك المجلدات وقد بدأت أتجه نحوها وفجأة استوقفنى صوت طقطقات، وكلما تقدمت أسمع هذا الصوت بوضوح. أقنعت نفسى بأنه صوت ترييح الخشب وأخيراً اقتربت من هذا المجلد وبسط يدىّ على غلافه المصنوع من الجلد السميك لأتحسسه وأزيل عنه الغبار، الذى يخفى ملامحه وكانت المفاجأة أننى وجدت هذا المجلدات هو «الوقائع المصرية» وهى أول جريدة مصرية تصدر فى مصر فى عهد محمد على باشا.
تمكنت يدى اليمنى من الغلاف ووضعت الوقائع على راحة يدى لأبدأ فى تصفح هذا المجلد العظيم الذى اعتبرت بركاناً خاملاً بما يحوى من تاريخ عظيم ملىء بالمفاجآت.
وفى لحظات لم يستطع العقل استيعابها نشط هذا البركان الخامل ولفظ كل ما يحويه بداخله. تجمدت كل أعضاء جسدى وأصبحت مثل قطعة الثلج وعجزت رئتاى عن التنفس، جف حلقى، وتخشبت أطرافى، وشعرت فى هذه اللحظة بأنى سوف أفقد الوعى من كثرة الرعب وهول ما رأيت من ثعابين تملأ المكان الكبير منها والصغير وإذا بهذا الثعبان المصدف الشكل أصفر اللون يسير نحوى ويرمقنى بعينيه فيقترب أكثر فأكثر ثم يتوقف على بعد سنتيمترات قليلة عنى ويلتف حول نفسه ببطء شديد ثم يرفع رأسه ويوجه نظره إلىّ وفجأة فتح فمه فأدركت أنها نهايتى وأصدر حفيفاً لم أتحرك من مكانى وتحجرت دموعى بين جفونى التى أغلقتها خوفاً حتى لا أرى ما سوف يحدث لى.
لكن رد فعل هذا الكائن كان غير متوقع أغرب وجهه عنى وبدأ يسير متجهاً نحو الباب حتى اختفى عنى سقطت دموعى وتصبب جسدى عرقا بعد أن كان متجمداً وامتلأت رئتاى وانطلقت منها أنفاسى وابتل حلقى وابتلعت ريقى وقفت للحظات أسترجع ما حدث وأتعجب له وأحدث نفسى هل هذا الثعبان أصابته الشيخوخة ولم يستطع مقاومتى أم أنه حزين على هذا المكان الذى يسكنه فأراد أن يكون حارساً له حتى ينظر إليه أحد ويحيى مجده مرة أخرى.
بدأت أتصفح هذا المجلد المتحجر لأجد فيه ذكريات لأحداث مرت عليها عشرات السنين بداية من مجلس النواب المصرى ثم مجلس الشيوخ ثم الوزارات المصرية الملكية.
وأدركت حتى ولو للحظات بينى وبين نفسى أن كل هذه الكائنات المحيطة بهذا المكان العظيم الذى يفوح بعبق الماضى مجرد أنيس يؤنس هذه المجلدات وحدتهم فضلاً عن بشر لم يقدروا قيمتها.
ومن بين صفحات الوقائع المصرية استوقفتنى مضبطة لمجلس النواب.
مضبطة الجلسة التاسعة عشرة، برئاسة حضرة صاحب المعالى أحمد مظلوم باشا، والسكرتيرين النائبين محمد توفيق أفندى - وليم مكرم عبيد أفندى.
أسماء النواب الأعضاء المنتخبين للجنة الخارجية: محمد توفيق خليل أفندى، وقد نال 115 صوتاً، وليم مكرم عبيد أفندى وقد نال 113 صوتاً، على الشمسى أفندى وقد نال 104 أصوات، جعفر فخرى بك وقد نال 99 صوتاً، ويصا واصف أفندى وقد نال 97 صوتاً، إبراهيم ممتاز أفندى وقد نال 97 صوتاً، جورج خياط بك وقد نال 90 صوتاً، على حسين أفندى وقد نال 94 صوتاً، عطا عفيفى بك وقد نال 94 صوتاً، سينوت حنا بك وقد نال 91 صوتاً، محمد كامل حسن الأسيوطى أفندى وقد نال 90 صوتاً، حمد الباسل باشا وقد نال 89 صوتاً، أحمد محمد خشبة بك وقد نال 89 صوتاً، جاد الحوت أفندى وقد نال 85 صوتاً، عبدالرحمن الرافعى بك وقد نال 83 صوتاً، عبدالحميد سعيد أفندى وقد نال 82 صوتاً، محمد عبداللطيف سعودى أفندى وقد نال 78 صوتاً، سلامة ميخائيل بك وقد نال 77 صوتاً، توفيق أندراوس أفندى وقد نال 76 صوتاً، عبدالحليم البيلى أفندى وقد نال 72 صوتاً، عبداللطيف الصوفائى بك وقد نال 72 صوتاً.
تصفحت مجلداً آخر لـ«الوقائع المصرية»، واستوقفتنى أيضاً مضبطة لمجلس الشيوخ.
مضبطة الجلسة الثامنة عشرة، المنعقدة علناً فى يوم الاثنين 8 شوال سنة 1342 الموافق 12 مايو سنة 1924 برئاسة حضرة صاحب المعالى أحمد زيور باشا رئيس المجلس.
أغلقت الوقائع المصرية واستودعتها على وعد بأن تستعيد نفسها وتخرج إلى النور عما قريب، خرجت من هذه الغرفة وبداخلى بصيص أمل أن تعود مصر كما كانت وتتبدل الأحوال لحال أفضل وليس محالاً.
نزلت إلى الدور الأول فوق الأرضى وبدأت أيضا رحلة بحث أخرى لأجد نفس المجلدات ونفس الكائنات وكم الإهمال المتراكم عبر سنين تولى فيها مسئولون من الآثار والأوقاف لم ينظروا إلى هذا التاريخ العظيم الذى يعد جزءاً لا يتجزأ من مصر بل طووا صفحات كبيرة من التاريخ ليضلوا المصريين عن تاريخهم كما هم أضلوا أنفسهم.
من بين هذه المجلدات والملفات فى هذا الدور وجدت فى حجرة من الحجرات ملفات تلخص حال هذه «الدفترخانة» وهى ملفات الموظفين المفصولين وملفات المعاشات والتى أدركت وأيقنت بوجدانى أن هذا هو حالها من قبل مسئولين يجهلون تحمل مسئولية هذه الكنوز التاريخية التى تحدثنا عن زمن من أزمنة عصر حكم الدولة الحديثة فى مصر وأصبحت مثل حال دفاترها مفصولة، على أيدى مسئولين غير مسئولين وكأن الحكومة المصرية وزعت المناصب الوزارية بغير جدية على بعض الوزراء وأعطت ما لا يحق لمن لا يستحق وأحيلت «الدفترخانة» العجوز التى تجاوز عمرها الخمس بعد المائة إلى معاشات وزارتى الأوقاف والآثار مثل حال باقى الآثار المصرية التى لا حول لها ولا قوة.