أهم الأراء
الفوضى في النظام الاجتماعي العام
أن الاختلاف حالة طبيعية مرتبطة بالوجود الإنساني ، نرفض الاختلالمطلوب، أو ما يصطلح عليه بـ ( الاختلاف من أجل الاختلاف ) ، لأن معنى هذا الاختلاف هو التشتيت الدائم والمستمر للآراء والأفكار ، ويبقى كل منها منغلقا على ذاته رافضا للآخر ، كل منها يشكل عصبية لا تقبل التعايش والحوار ، فهو صراع عصبوي حتى لو تجلبب بجلباب الاختلاف لذا فإننا نرفض هذه الأشكال من الاختلاف ، لأنها تؤدي إلى الفوضى في النظام الاجتماعي العام ،لأن الاختلاف بهذه الأشكال ، وبالعقلية التي تقف وراءه يفرز روح التشرذم والتشتت والتعصب ، لأنهم يتشددون في تمسكهم بما تأدى إليه اجتهادهم ، وما داموا يرون أن عندهم هو الحق الذي لا خلاف فيه ، وإن ما عند مخالفهم هو الباطل الذي لا خلاف فيه ، وعلى أساسه يرسمون مواقع جديدة تستنزف جهودهم وطاقاتهم .
إذ يتصورون أن مخالفهم يجب أن يكون موضوع دعوتهم وإرشادهم ، فيجعلون الأوكد من عملهم زحزحته عما هو عليه من رأي ، هو أيضا وليد اجتهاد ونتيجة نظر في الأدلة الشرعية . لذلك فليس المطلوب أن تتطابق وجهات نظرنا جميعا في كل شيء ولكن المطلوب ، هو بقاء التعاون واستمرار المحبة والود وألا نسحب اختلافنا في حقل من حقول الحياة إلى بقية الحقول والجوانب .
من الضروري التذكير في هذا المجال ، بأنه لا يوجد مجتمع في التاريخ الإنساني لا تتعايش فيه رؤى وأيدلوجيات مختلفة ومتباينة ، ذلك لأنه ينطوي بالضرورة على مصالح متغايرة ويمارس اختيارات مختلفة ، ولكن التقدم والتطور ، لا يكون إلا من نصيب المجتمع الذي استطاع أن يوجد علاقة إيجابية وحسنة ومتعايشة بين هذه الرؤى والمدارس الفكرية المختلفة ، وعن طريق هذه العلاقة الإيجابية ، يحتضن المجتمع عناصر التقدم والتطور في مختلف الأبعاد والحقول .
وبهذه العملية تتحول الاختلافات إلى مصدر لتطوير ذاتيتنا الفردية والمجتمعية، وبهذا نغنى ثقافتنا ونعيد توازننا النفسي والاجتماعي. فالاختلاف في حدوده الطبيعية ليس مرضا يجب التخلص منه والقضاء عليه ، بل هو محرك الأمم نحو الأفضل ، مصدر ديناميتها ، وهو يقود بالإدارة الحسنة إلى المزيد من النضج والوعي والتكامل . التحدي:ليست توحيدا قسريا بين الناس ، بل هي الإجابة الإنسانية الواعية عن السؤال .. التحدي : كيف تنجح الأمم في إدارة اختلافاتها ، وتفقه أن تتعاون مع بعضها البعض دون أن تتطابق وجهات النظر في كل شيء ؟! .
.وإن تصحيح الأوضاع السياسية وفسح المجال لكل القوى السياسية المتوفرة في الفضاء العربي للعمل اوالقانوالتعذيب. هو الخطوة الأولى في مشروع توفير أسباب الاستقرار في العديد من البلدان العربية والإسلامية . وأن نزعات التشدد لا تواجه بإطلاق يد القوى الأمنية لتصفية خصومها السياسيين بالإعدام والقتل والسجن والتعذيب . إن كل هذالأمنية، تزيد من نزعات التشدد وتوسع من دائرة تأثيرها، وتوفر لها اجتماعيا مشروعية لإعمالها ونزعاتها المتطرفة.
فالحلول الأمنية ، تزيد من أوار المشكلة وتفاقم الأزمة وتضيف لها أبعادا جديدة . وإن المعالجة السليمة لنزعات التالجديدة،رف في الظاهرة الإسلامية المعاصرة، بحاجة إلى معالجة ورؤية سياسية ناضجة، تبلور مشروعا سياسيا جديدا و شجاعا، بحيث يخرج العالم العربي من هذا النفق المسدود والذي يهدد الأمن القومي بكل مستوياته ومجالاته.
وإن مكونات هذه الرؤية السياسية الجديدة ، التي نطالب بها وندعو جميع الأطراف إلى تبنيها هي :
أولا: الانفتاح على مكونات المجتمع السياسية والثقالوطني،و يعني فيما يعني:
1) التطوير والتجديد الدائم لآليات العمل السياسي الوطني ، وذلك من أجل خلق حياة سياسية وطنية فاعلة ، يشترك فيها كل الأطراف والفعاليات السياسية في إطار مجتمع سياسي وطني ، يتجاوز كل الأطر الضيقة التي تحول دون الممارسة السياسية السليمة .
2) الإنصات إلى إيقاع الحياة الوطنية والسياسية ، واحترام الخيارات السياسية التي تنتهجها القوى السياسية الوطنية ، دون ممارسة أي إقصاء أو نفي لأية قوة أو فاعلية سياسية . ويتجلى الإنصات في السعي نحو جعل السياسات الرسمية منسجمة والتطلعات الوطنية الحقيقية، التي ينسجها ويبلورها جملة الفعاليات والقوى السياسية المتوفرة في المجتمع السياسي الوطني.
3) توفر الأطر المؤسسية الوطنية ، الأفراد،م في تجذير وتعميق الحالة الحوارية بين مختلف مكونات المجتمع الثقافية والسياسية . فالحوار والانفتاح ينبغي أن يتعدى الأفراد ، بمعنى العمل على تأسيس أطر وطنية ثابتة للحوار وإدارته وللتواصل السياسي والمعرفي بين جميع القوى والأطياف .
4) بناء شبكة من العلاقات والتحالفات مع القوى الوطنية المنسجمة في خياراتها ، والمؤمنة بوالإسلامي. الخيار الديمقراطي في الوطن والأمة . وذلك لتعزيز العمل الوطني المتجه صوب تطوير الحياة السياسية والمدنية في المجالين العربي والإسلامي . فالتواصل والانفتاح يفتح آفاقا رحبة للتقدم عوالتعدد،ستويات ، ويساهم في تعزيز فرص التعاون في كل المجالات ، ويحول دون الدخول في معارك هامشية ، لاتنفع قضايانا الكبرى بل تضرها إيما ضرر .
والانفتاح ليس غاية لكل ما ذكر أعلاه فحسب ، بل هو وسيلة ثابتة ينبغي أن نؤكد عليها ونمارسها في كل المراحل والمستويات .
5) قبول الآخر وجودا وفكرا واحترام الاختلاف والتعدد ، والعمل على تنظيم هذه الدوائر ، بحيث تفضــي إلى المزيد من التفاهم والتلاقي والتعاون . فجذر التطرف والعنف ، هو رفض الآخر وعدم قبوله فكرا ووجودا ، لذلك فإن الخطوة الأولى في اجتثاث جذور التطرف والعنف من واقعنا ، هو قبول المغايرين لنا على مختلف المستويات . ويشير إلى هذه الحقيقة ( إحميدة النيفر ) بقوله : " وعن سؤال : كيف ينشأ التطرف في نسيجنا الثقافي ، ترتبط الإجابة أولاً بوضعية الآخر في البنية الثقافية السائدة : كيف ننظر إلى المختلف عنا في مجتمعاتنا ؟ كيف ننظم علاقتنا بالمغاير لنا ؟ في سلوكه ورؤيته للحياة والوجود ؟ ذلك أن الثقافة التي تمهد إلى أصناف التطرف والعنف هي ثقافة تنمي التصور الأحادي وتبالغ في تركيزه إلى درجة الهوس ، تضيق بالاختلاف والتنوع فتمضي في توليد النعوت والأوصاف التحقيرية لكل نزعة إختلافية متجاوزة في ذلك حد الإدانة الضرورية لوقاية كل المجتمعات إلى تعطيل كل مراجعة أو تقييم أو ابتكار . إن بحثنا عن ماهية التطرف يفضي بنا إلى الوقوف على رؤية قوامها إنكار الآخر كقيمة مماثلة لـ ( الأنا ) و الـ ( نحن ) ، قيمة تستحق الحياة والتقدير ، لذلك فهي لا ترى له من حق إلا النفي ، أما باستتباعه أو تصفيته ، فالآخر أو المغاير أو المختلف في منطق ثقافة الإدانة هو مصدر الشرور والآثام الذي ينبغي إستئصالة لأن تمايزه عنا يعتبر تمايزا مطلقا في حين أنه في الأصل تمايز نسبي " .. وفي إطار علاقة الدولة بالمجتمع ، من الضروري أن تنفتح الدولة بكل هياكلها ومؤسساتها على المجتمع بكل مكوناته وقواه ، وذلك من أجل أن تنتظم العلاقة بين الطرفين وفــق أسس ومبادئ ، لا تفضي إلى المزيد من تغوّل الدولة واحتكارها التام لكل شيء .