ملفات وحوارات
ممثل هيئة النيابة الإدارية بـ«لجنة الـ50»: لجنة تعديل الدستور منزهة عن أي تدخلات
قال المستشار عبدالغفار سليمان، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، وممثلها بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، إن الهيئة لا تعانى أزمة مع أحد، وإن لجنة الخمسين حين حاولت تبنى فكرة الإصلاح القضائى تم تصويرها كما لو كانت ارتكبت خطيئة، رغم أن المقترح المقدم منا والذى وافقت عليه يهدف إلى سرعة الفصل فى المنازعات الإدارية، والاستفادة من عدد أعضاء النيابة الذى يقارب ضعف قضاة مجلس الدولة، بما يساهم فى تحقيق العدالة الناجزة، بدلاً من أن تستغرق القضية عشرات السنين فى المحاكم. وأضاف: لا أظن أن لجنة الخمسين ستغير من اتجاهاتها نتيجة ضغط ما، ولو أرادت أن تستجيب لنزعات الاستحواذ، والتعامل مع الاختصاصات بوصفها ملكية خاصة، فلتتحمل مسؤوليتها أمام المواطن وأمام التاريخ، وإلى نص الحوار.■ ما حقيقة الأزمة بين مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية؟- البعض نجح فى تسويق فكرة أن هناك أزمة بين النيابة الإدارية ومجلس الدولة، لكن الحقيقة أن النيابة الإدارية لا تعانى أزمة مع أحد، وإنما الأزمة نشأت بين مجلس الدولة ولجنة الخمسين بعد أن أقرت لجنة نظام الحكم مقترح القضاء التأديبى، إذ انتفض بعض أعضاء مجلس الدولة، ودعوا إلى عقد جمعية عمومية تحدثوا خلالها عن رئيس لجنة الخمسين بأسلوب غير لائق، ثم ما لبثوا أن غيَّروا من وجهتهم واستداروا ناحية النيابة الإدارية، على الرغم من أن دورنا توقف عند تقديم المقترح الذى لاقى اقتناعاً من لجنة نظام الحكم فأقرته.لكن دعنى أقل بكل صراحة: إن فى مصر من يجيدون الحديث عن المبادئ، ويبتدعون الشعارات فى حب الوطن، فإذا ما مس الأمر مصالحهم الخاصة أو الفئوية فقدوا أعصابهم وحيادهم وتناسوا ما كانوا يقولون ويسطرون فى حب الوطن.■ أحكام المحاكم التأديبية وضعت فى قانون، واختصاص النيابة الإدارية هو المحاكمات التأديبية فى الأساس، فلماذا الإصرار من مجلس الدولة الآن عvى جعلها اختصاصاً أصيلاً له؟- هناك من لا يدرك أن السلطة اختصاصات وليست امتيازات، والبعض يعتقد أن السلطة نفوذ من العيب أن يفرّط فيه، فإذا به يجمع فى الاختصاصات- التى هى بالنسبة له سلطات وامتيازات ونفوذ - حتى إذا ما فاقت تلك الاختصاصات الحد المعقول أصابته التخمة، فأبطأت حركته، وأثرت على إنتاجه، لكنه يظل متشبثاً بها، مطلقاً الصرخات كلما اقترب منها أحد، ويتناسى أن المشرع الدستورى الآن (لجنة الخمسين) هى السلطة التى تؤسس كل السلطات وهى التى من حقها تحديد اختصاص كل سلطة، وهى تصنع ذلك بالنسبة للسلطة التنفيذية، فتحدد اختصاصات رئيس الجمهورية فتزيد فيها أو تحد منها، وتحدد كيفية مساءلته، كما تقوم بتوزيع السلطة بينه وبين رئيس الوزراء والوزراء، كما تصنع ذلك بالنسبة للسلطة التشريعية، فتقرر الأخذ بنظام الغرفة الواحدة أو الغرفتين، ومن ثم يتم الإبقاء على مجلس الشورى أو إلغاؤه،بل هى تصنع الأخطر من ذلك، حين تحدد هوية الدولة، وتقرر الإبقاء على المادة الثانية أو تعديلها، لكنها حين تفكر فى أى قدر من الإصلاح القضائى يتم تصويرها كما لو كانت ارتكبت خطيئة على الرغم من أننا لو صارحنا أنفسنا لكانت قضية الإصلاح القضائى على رأس أولويات لجنة الخمسين، إذ لا توجد دولة فى العالم، حتى فى أشد الدول تخلفاً، تستغرق فيها القضية فى المحاكم عشرات السنوات، حتى يمتد النضال فيها أحياناً إلى الورثة، فتضيع الحقوق، وينتصر الظالم، وييأس المظلوم.من هنا قدمنا اقتراحنا فى حدود الاختصاص المتعلق بالنيابة الإدارية بإنشاء القضاء التأديبى الذى يحوى بداخله النيابة الإدارية، بما يحقق سرعة الفصل فى الدعاوى التأديبية، وذلك بالاستفادة من عدد أعضاء النيابة الذين ينقل عدد منهم إلى العمل بالقضاء التأديبى ويظل العدد الباقى بالنيابة يباشر التحقيق وتحريك الدعوى أمام القضاء التأديبى.■ هناك مطالب بتأسيس جهة قضائية حديثة تسمى «القضاء التأديبى»، ويتم إسناد مهامها إلى هيئة النيابة الإدارية.. كيف ترى الأمر؟- هناك مغالطة يتم الترويج لها عمداً لتشويش الرأى العام مؤداها أن النيابة الإدارية سوف تجمع بين التحقيق والاتهام والحكم فى الدعوى التأديبية، ومن يروج لذلك إما جاهل بأبسط المبادئ القانونية، وإما مغرض يسعى لتضليل غير المتخصصين.فالمقترح يفرق بين القضاء التأديبى من ناحية، وبين النيابة الإدارية من ناحية أخرى، ففى حين يقوم أعضاء النيابة بالتحقيق والاتهام فإن القضاة الذين ينقلون للعمل بالمحاكم التأديبية هم الذين يفصلون فى الدعوى، تماماً كما هو الأمر بالنسبة لأعضاء النيابة العامة الذين ينقل عدد منهم سنوياً للعمل بالقضاء، فيتولى التحقيق والاتهام الجنائى عضو النيابة العامة ويحيلها إلى زميله الذى نقل إلى القضاء للفصل فيها، ذلك أن النظام القضائى المصرى لا يعرف نظام تعيين القضاة مباشرة، إنما يتم تعيينه بداية بالنيابة العامة حتى إذا ما بلغ درجة وسناً معينة تم نقله للعمل بالقضاء، والخلاصة أن القضاء التأديبى والنيابة الإدارية هو التطبيق لنموذج القضاء العادى والنيابة العامة.ولقد قامت فكرة استقلال القضاء التأديبى على أساس أن مجلس الدولة هو قضاء المشروعية الذى يبسط رقابته القضائية على أعمال الإدارة، ومن ثم يناسبه أن يراقب قرارات الجزاء الموقعة على الموظفين وما فى حكمهم، لكن أن يقوم مجلس الدولة بنفسه بتوقيع الجزاء فهذا أمر لا يعرفه أى نظام مماثل لمجلس الدولة بالعالم، كما يتنافى وطبيعة عمل مجلس الدولة باعتباره قضاء المشروعية.ولذا فقد كان المقترح مدركاً ذلك حين احتفظ لمجلس الدولة بالاختصاص بالفصل فى الطعون فى الأ vحكام التى تصدر من القضاء التأديبى، بحيث لم يخرج عن مجلس الدولة سوى محاكم أول درجة التى تقوم بتوقيع الجزاء، ويظل لمجلس الدولة سلطة الفصل فى الطعون فى هذه الأحكام.وأى دارس للقانون يعلم أن القضاء التأديبى ينتمى إلى عائلة القضاء العقابى الذى ينتمى إليه أيضاً القضاء الجنائى، وهو أبعد ما يكون عن طبيعة عمل مجلس الدولة، وكذا تكوين عضو مجلس الدولة، وكما يتمرس عضو النيابة العامة على التحقيق فى الدعوى الجنائية وتمثيل الاتهام فيها، فيصبح مؤهلاً للانتقال إلى القضاء للحكم فيها..وبناءً عليه فإن المقترح كان يرد الشىء لأصله حين استقل بقضاء تأديبى ينقل إليه عدد من أعضاء النيابة الإدارية الذين بحكم عملهم تمرسوا على التحقيق فى الدعوى التأديبية وتمثيل الاتهام فيها، ومن ثم صاروا مؤهلين للانتقال إلى القضاء للحكم فيها.■ هناك جدل واسع حول مسألة ندب القضاة.. ما رأيك؟- هذه القضية الخطيرة تندرج تحت لافتة «المسكوت عنه» فى إطار الإصلاح القضائى، وعبارة «ندب القضاة» حين تطلق فإنما تنصرف باختصار إلى أن يجمع القاضى بين عمله بالقضاء والعمل مستشاراً قانونياً بالوزارات والمصالح الحكومية نظير مقابل إضافى.ولقد كان الندب وسيظل النافذة التى تجرح من خلالها السلطة التنفيذية استقلال القضاء، فاستقلال القاضى يعنى استقلاله عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، إذاً فعن أى استقلال نتحدث إذا كنا سنسمح للوزير أو رئيس الهيئة أو الشركة بأن ينتقى قاضياً باسمه لكى يعمل معه مقابل مكافأة، وما الذى يمكن أن يقدمه القاضى لهذا المسؤول التنفيذى غير فتوى قانونية أو مراجعة لعقد.فإذا علمنا أن هناك قسماً بمجلس الدولة اختصه القانون بالفتوى المجانية للجهات الإدارية، ومراجعة العقود التى تبرمها تلك الجهات مجاناً، فعلينا أن نتساءل: لماذا تترك السلطة التنفيذية الاستشارة ومراجعة العقود المجانية ثم تلجأ للاستعانة بالقضاة من خلال الندب نظير مقابل؟ وموقف النيابة الإدارية كان واضحاً، وهو ضرورة النص بالدستور على حظر الندب حفاظاً على استقلال القضاء.■ كيف ترى موقف لجنة نظام الحكم من الأزمة؟اقرأ أيضًا