أهم الأراء
وضوح البيان في أكاذيب الإخوان
عزيزي القارئ.... اخترت لك عنواناً ساخراً لكي ألفت الانتباه للمحاولات اليائسة التي يستميت أتباع الجماعة المحظورة والمتعاطفين معهم للتقليل من شأن الأوضاع الاقتصادية في مصر بعدما شهدت تحسناً كبيراً منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أوشك على الانتهاء. والغرض من هذا المقال هو تفنيد ما نشره وزير الاستثمار في عهد الاخوان – يحي حامد – في تقرير مدفوع الأجر نشرته مجلة "فورين بولسي"، وهي مطبوعة اخبارية أمريكية، تأسست عام 1970 وتركز على الشؤون الدولية والأحداث الجارية والسياسة المحلية والدولية. لعل أفضل رد على التقرير المغلوط هو ما كتبته باللغة الإنجليزية الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، على صفحتها الشخصية على موقع "الفيسبوك. جاء الرد سريعاً، حاسماً، مدعماً بالأرقام والحقائق. لذلك سوف ألخص فيما يلي أبرز ما جاء في الرد لكي أفوت الفرصة على أتباع الجماعة المحظورة في التشكيك في الإنجازات التي حققها الاقتصاد المصري، والتي شهدت لها المؤسسات المالية الدولية.
اسمحوا لي أولاً أن أستهل بذكر نبذة مختصرة عن خلفية وزير الاستثمار الأسبق في عصر جماعة الإخوان المسلمين. عمل يحيى حامد، مندوب مبيعات في إحدى شركات الاتصالات، وكان أحد المحسوبين على خيرت الشاطر، النائب الأول لمرشد الجماعة، ثم شغل عضوية لجنة الشئون الخارجية، والمتحدث الرسمي في حملة الرئيس المخلوع محمد مرسي، ثم مستشاره في الرئاسة.
أشار يحيى حامد في مقاله في “فورين بوليسي"، إلى أن الاقتصاد المصري في طريقه نحو الانهيار، وأن خدعة ظهور مصر بهذا الازدهار الاقتصادي تكمن في الترويج لمصر على أنها وجهة استثمارية عالمية، وتوقع إعلان إفلاس مصر وانهيارها اقتصادياً، وغيرها من الأكاذيب التي تلوي الحقائق على غير الوجه الصحيح.
لخصت الدكتورة هالة السعيد ببراعة فائقة رداً حاسماً على تلك الأكاذيب في ثماني نقاط أوردها لكم بإيجاز لاستجلاء الحقيقة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية في مصر.
1. نما الاقتصاد المصري بنسبة 2.1 في المائة خلال الفترة 2011-2013، وهو معدل أقل من معدل النمو السكاني مما دفع متوسط حصة المواطن في مخطط النمو إلى الانخفاض في 2018/2019، وبلغ معدل النمو في مصر 5.6 في المئة وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة التخطيط، فضلا عن تقديرات صندوق النقد الدولي المحدثة، مع متوسط حصة المواطن من مخطط النمو بنسبة 2.2 في المئة. وهذا يجعل مصر واحدة من أقوى وأعلى أداء نمو في المنطقة وعبر الأسواق الناشئة. لذلك هذا الأداء القوي للنمو قد استشهدت به جميع وكالات التصنيف مثل "موديز" و "ستاندرد أند بورز" وكذلك المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي وصندوق النقد الدولي.
2. وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ معدل البطالة في المتوسط 12.7 في المائة في 2011-2013 قبل اتباع مسار هبوطي ثابت على مدى السنوات الأربع الماضية ليصل إلى 8.1 في المئة في مارس 2019. وكان خلق المزيد من فرص العمل للشباب يمثل للشعب المصري معيار مهم فيما إذا كانت معدلات النمو الحالية سوف تستفيد منها قطاعات أوسع من المواطنين أم لا. وبالتالي، ليس النمو فقط هو الغاية، ولكن هل النمو يمكّن مزيد من الباحثين عن عمل من الحصول على وظائف.
3. من المؤكد أن المالية العامة في مصر اليوم في وضع أفضل وأكثر صحة مما كانت عليه في عام 2013. ووفقًا لآخر التقديرات الصادرة عن وزارة المالية المصرية وصندوق النقد الدولي، فإن العجز الكلي في مصر (النفقات الحكومية مخصومًا من الإيرادات) سينخفض إلى8.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018/2019 مقارنة مع 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2012/2013. كما ستكون فاتورة الإنفاق الحكومي أعلى من تحصيل الإيرادات الحكومية بنسبة 8.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
4. أعلنت وزارة المالية المصرية منذ شهر مضى عن تحقيق فائض أولي في العام (2018/2019) لأول مرة منذ 15 عامًا. ويعني الفائض الأولي أن إيرادات الحكومة ستتجاوز إنفاقها دون دفع فوائد. يعكس هذا المؤشر الهام أن السياسات الحالية التي تتبناها الحكومة على مدار العام دون النظر في فاتورة سداد الفوائد لأنه يعكس رصيد الدين الحكومي الذي تراكم على مدار السنوات بسبب السياسات المتعاقبة للحكومات السابقة. وللتذكرة، فإن مصر الأن تسير على المسار الصحيح لتحقيق فائض أولي بقيمة 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل عجز أولي بقيمة 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2012/2013. هذا يعني أن سياسات الحكومة الحالية التي تم تبنيها مكنت الحكومة المصرية من تحقيق فوائض بعد سنوات من العجز الذي بلغ ذروته في 2012/2013 في عهد حكومة الاخوان.
5. تمكنت الحكومة المصرية الحالية من تحقيق هذه الفوائض على الرغم من أن الإنفاق على الاستثمارات على مدار السنوات الأربع الماضية قد تضاعف ثلاث مرات لتحسين البنية التحتية وتحسين الخدمات الأساسية لجميع السكان بما في ذلك توافر إمدادات الكهرباء إلى جانب تحسين نوعية محطات الكهرباء الحالية والشبكات. كما أنفقت الحكومة مليارات الدولارات لتوسيع شبكة الطرق وجودتها لتحسين الاتصال عبر المحافظات ولخفض حوادث الطرق والوفيات بشكل كبير. كما موّلت الحكومة واحدة من أكبر الحملات العالمية التي فحصت نحو 100 مليون مواطن للقضاء على فيروس "سي" والأمراض غير السارية، وفي الوقت نفسه أتاحت علاجًا مجانيًا فوريًا لجميع المرضى. كما تمول الحكومة واحدة من أكبر برامج الإسكان الاجتماعي على مستوى العالم لبناء ما يقرب من 700 ألف وحدة سكنية يتم تسليمها في 4 سنوات.
6. حققت الحكومة فائضًا أولياً على الرغم من إنفاق المزيد من المخصصات المالية على البرامج الاجتماعية وعلى شبكات الأمان الاجتماعي. على سبيل المثال لا الحصر، ارتفعت مخصصات الميزانية لدعم الغذاء إلى 87 مليار جنيه في 2018/1919 من 35 مليار جنيه في 2013/2014. كما زادت المخصصات لعلاج المواطنين نيابة عن الحكومة بما في ذلك تغطية تكاليف التأمين الصحي إلى 9 مليارات جنيه في 2018/19 بعد أن كانت تبلغ ما يزيد قليلاً عن مليار جنيه في 2013/2014. بلغت المخصصات لتمويل برامج الدعم النقدي (تكافل وكرامة) 17.5 مليار جنيه في عام 2018/19 مقابل أقل من 5 مليارات جنيه في 2013/2014.
7 .وبالنسبة للديون ، يجب الإشارة إلى أن إجمالي الدين الحكومي لمصر (المحلي والخارجي) سيصل إلى 91 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في يونيو هذا العام بعد أن بلغ ذروته عند 107 في المائة في يونيو 2017 (بعد تخفيض قيمة العملة) وبعد أن بلغ نحو 90 في المائة في يونيو 2014. وتجدر الإشارة الى أنه ثد تمت مراجعة هذه الأرقام الرسمية وتأكيدها من قبل العديد من المؤسسات المستقلة المحلية والدولية. هذا يعني أن السياسات الحكومية الحالية مكنت مصر من خفض إجمالي ديونها (المحلية والخارجية) بنسبة 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في غضون عامين فقط، مما يجعل الحكومة المصرية واحدة من أفضل الدول أداءً من حيث قدرتها على خفض مستويات الديون كنسبة إلى الدخل القومي (الناتج المحلي الإجمالي). هذا لا يعني أن مستوى الدين الحالي لا يزال مرتفعًا وهذا هو السبب في أن الحكومة قد نشرت رسميًا أهدافها متوسطة الأجل لزيادة خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80 بالمائة في يونيو 2022.
8. وفقًا للبنك المركزي المصري، يبلغ صافي الاحتياطيات الدولية اليوم 44 مليار دولار أمريكي (مما يسمح لمصر بتمويل تكاليف واردات مصر لأكثر من 8.5 أشهر) مقابل 14.9 مليار دولار في يونيو 2013. وقد تحقق ذلك بينما انخفض العجز في الحساب الجاري (مجموع الميزان التجاري للسلع والخدمات في مصر بالإضافة إلى الأموال التي تم تحويلها من قبل المصريين المقيمين في الخارج إلى مصر) من ذروة بلغت حوالي 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2012/2013 إلى ما يقرب من 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2018/2019.
ختاماً، أرى أن الرد على أكاذيب الإخوان يجب ألا يقتصر وسائل الاعلام المحلية، بل يجب أن تتبنى الحكومة سياسة واضحة نحو عرض الحقائق من خلال النفاذ الى وسائل الاعلام الدولية ذات الانتشار الواسع، وكذلك من خلال عرض مستمر يخاطب المستثمر الأجنبي وصانعي السياسات مع اتباع أقصى درجات المهنية الإعلامية حتى لا يبدو العرض وكأنه بيان حكومي. فالمهم هنا ليس فقط توضيح الحقائق، بل استغلال الفرصة للفت الانتباه الى ما تم إنجازه من نجاحات مما يدعم فرص جذب الاستثمار الأجنبي.