أهم الأراء
فيتش ورفع التصنيف الائتمانى لمصر للمرة الخامسه
في توقيت رائع جاء قرار وكالة "فيتش" للتصنيف الائتمانى برفع التصنيف الائتمانى لمصر بكل من العملتين الأجنبية والمحلية عند مستوى B+ مع – نظرة مستقبلية مستقرة – مقابل التصنيف السابق B، ولاتعد الأولى وأنما الخامسة على التوالي التي تقوم بها فيتش برفع التصنيف الأئتماني لمصر حيث تعد هذه هي المراجعة الإيجابية الخامسة لمؤسسات التصنيف الائتماني منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصرى عام 2016. ولم تتوقف عند ذلك، وأنما توقعت أن مصر ستكمل في عام 2019 خارطة الطريق التي حددتها مع صندوق النقد الدولي لمدة 3 سنوات موضحة أن هذه الإصلاحات ستستمر في توليد نتائج اقتصادية أفضل تتجاوز النتائج المتوقعة في اتفاقية صندوق النقد الدولي مع مصر، حيث تطبق مصر برنامج إصلاح اقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على قرض من الصندوق بقيمة 12 مليار دولار حصّلت منها بالفعل 10 مليارات دولار ومن المُنتظر أن تحصّل على الدفعة الأخيرة وقيمتها ملياري دولار في يونيو المُقبل.
ويعد رفع التصنيف الإئتماني للمرة الخامسة بمثابة شهادة من أحدى أهم المؤسسات العالمية للتصنيف الإئتماني ويسهم فى زيادة درجة الثقة فى قدرات الاقتصاد المصري وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وخفض تكلفة التمويل للحكومة وللقطاع الخاص، كما أن رؤية المؤسسات الدولية لمصر بأن حجم المخاطر يقل وهذا يعطي رسائل إيجابية للمستثمرين ويعكس مدى التزام الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والجهود المبذولة لإستمرار الأداء الإيجابي للمؤشرات الاقتصادية والمالية، كما أنه من المتوقع أيضاً أن تحذو وكالة التصنيف الأئتماني "ستاندرد أند بورز" حذو "فيتش" خلال مراجعاتها القادمة.
ويرجع قيام وكالة "فيتش" برفع التصنيف الإئتماني لمصر والتوقعات بأن تتبعها وكالة "ستاندرد أند بورز" إلي عدة أسباب ومنها بلوغ الاحتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي المصري 44.06 مليار دولار بنهاية فبراير الماضي، وإن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي مستمرة في التراجع بدعم من التحسينات الهيكلية للميزانية وظهور فوائض بالميزانية مع توقعات أن ينخفض عجز الموازنة إلى 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2018/2019 بدعم من زيادة الإيردات بنسبة 28% وخفض النفقات بـ17% على أساس سنوي، والتوقعات بتراجع إنفاق الدولة على الأجور والإعانات والفوائد بنسبة تقارب 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من يونيو 2016 إلى يونيو 2020، وأستهداف السياسة النقدية لخفض التضخم إلى أقل من 10%، وزيادة الاحتياطيات من العملات الأجنبية لتغطي 6 أشهر من المدفوعات الخارجية الحالية، وكذلك تحسن أداء القطاع الخارجي والمتمثل في استمرار انخفاض عجز الميزان الجاري إلى 2.5% كنسبة إلى الناتج المحلي في 2018 مقابل 3.5% في 2017 ويرجع ذلك إلى ارتفاع الصادرات غير البترولية والنمو الملحوظ في إيرادات قطاع السياحة وزيادة الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي خاصة من حقل "ظهر" في ظل الخطط الطموحة لتحول مصر إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة، وأيضاً أستهداف السياسة المالية خفض عجز الموازنة في العام المالي 2019/2020 إلى 7.3% بدعم من خفض معدلات الفائدة وتراجع الدين بالإضافة لمجموعة جديدة من إصلاح الدعم من خلال تفعيل آلية تسعير الوقود التقائي، وتتوقع "فيتش" أن الحكومة المصرية ستستطيع خفض العجز إلى 4.5% من الناتج المحلي في عام 2020، كما سينخفض معدل الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 83٪ في 2020، من 93٪ عام 2018، والذي بلغ ذروته في 2017 بـ103٪.
ومن التحديات المستمرة أمام الاقتصاد المصري هي السياسة النقدية وتشمل آلية سعر الصرف وأسعار الفائدة المرتفعة وتأثيرها السلبي على السياسة المالية من حيث تكلفة خدمة الدين وعجز الموازنة وكذلك تأثيرها السلبي على الاستثمار الأجنبي والمحلي، حيث قام البنك المركزي بأتباع آليات لسياسة أنكماشية في حين تنتهج الدولة سياسة توسعية خلال فترة تطبيق برنامج الأصلاح الاقتصادي ومنها أرتفاع أسعار الفائدة لأعلى مستوى منذ 25 عاماً قبل أن يبدأ مؤخراً في التخفيض التدريجي بإتجاه أبطأ من الأتجاة الذي أتبعه خلال فترة رفع أسعار الفائدة والتي وصلت إلي 950 نقطة أساس خلال فترة تقل عن 14 شهراً، كما قام البنك المركزي المصري بوضع آلية تسمح بسعر صرف مرن للجنيه المصري أمام الدولار في نوفمبر 2016 وهو ما ساهم في خسارة العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها أمام الدولار ولكن في المقابل ساعد تخفيض الجنيه على جذب تدفقات أجنبية للاستثمار قصير أو متوسط الأجل في أدوات الدين المحلية من أذون وسندات الخزانة إلا أن هذه التدفقات شهدت ضعفا مع اتجاه البنك المركزي الأميركي لزيادة الفائدة بوتيرة سريعة، في حين رأت وكالة "فيتش" إن العملة المحلية شهدت ضعفا ولكنه معتدل، خلال الفترة التي شهدت خروج الاستثمارات الأجنبية من الأوراق المالية بين منتصف أبريل ونهاية ديسمبر، حيث انخفض الجنيه بـ1.7% مقابل الدولار لكن الاستثمارات الأجنبية عادت أقوى في 2019 وهو ما ساعد الجنيه المصري على الارتفاع بـ3% بحلول منتصف مارس كما توقعت "فيتش" أن تبلغ خدمة الدين الخارجي لمصر نحو 10 مليارات دولار في المتوسط خلال 2019 - 2020. ما يمثل نحو 12 في المائة من المتحصلات الخارجية الجارية للبلاد وهو ما يتماشى مع متوسط الالتزامات المثيلة في البلاد الواقعة تحت تصنيف B.
لذلك يجب على الحكومة المصرية في ظل هذه التقارير العالمية والإشادة المتتالية بتحسن نتائجها الاقتصادية ونجاحها الملفت لإهتمام كافة المؤسسات العالمية من خلال رفع التصنيفات الإتمانية لمصر والإشادة بنتائجها الإصلاحية، أن تبقي على وتيرة الإصلاح الاقتصادي وأن تستمر في تحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات القادمة والعمل على تحقيق مزيد من التحسن في هيكل النمو وتنويع مصادر النمو المحققة لما في ذلك من تأثير كبير وإيجابي على التصنيف الائتماني الصادر عن مؤسسات التصنيف الائتمانية، وضمان التقدم الإصلاحي للاقتصاد المصري على المدى الطويل من خلال استمرار تنفيذ الإصلاحات المستهدفة لضبط المالية العامة وخفض مؤشرات الدين العام والحفاظ على مستويات مرتفعة ومطمئنة من احتياطي النقد الأجنبى وتجنب حدوث تطورات تحد من وتيرة التعافي الاقتصادي عن طريق الإبقاء على المسار النزولي لمعدلات عجز الموازنة والدين كنسبة إلى الناتج المحلي من خلال الحفاظ على تحقيق فائض أولي للموازنة مما يخلق مساحة مالية لزيادة الإنفاق على شبكات الضمان الإجتماعي وتطوير البنية التحتية مع ضرورة ضمان وجود تمويل مستدام للإصلاحات المستهدفة، مع مزيد من التعديل للسياسة النقدية التي تتبعها بشكل يمثل تكامل وتناغم مع السياسة المالية من خلال مزيد من المرونة لتحديد سعر الصرف للجنيه أمام الدولار دون تدخل مباشر أو غير مباشر مع الأتجاه النزولي المستدام لأسعار الفائدة حتى تستقر تحت مستويات الـ10% للتحول لسياسة توسعية تضمن تخفيض تكاليف الاستثمار وحرية رؤوس الأموال مما يجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية للاستثمار المباشر في قطاعات الاقتصاد المختلفة وكذلك الاستثمار الغير مباشر في أسواق المال، مما سينعكس إيجابيا على زيادة إنتاجية الاقتصاد المصري وتحسن معدل الدخل وأرتفاع القوى الشرائية للمواطن مما يحقق توازن مابين زيادة الأنتاج والأستهلاك لينعكس على زيادة معدلات النمو وخلق فرص العمل وهو ما سيدفع إلى مزيد من تحسّن الجدارة الائتمانية للاقتصاد المصري.