أهم الأراء
متى تعبر السياحة النفق المظلم؟
مازال قطاع السياحة في مصر يعاني من أزمات متتالية منذ قيام ثورة 25 يناير 2011. وعلى الرغم من التحسن النسبي الذي يشهده القطاع بين الحين و الأخر، إلا أن فترة تحسن الأحوال لا تدوم طويلا، إما لأسباب عالمية أو إقليمية من ناحية، أو لأسباب داخلية تتعلق بالأوضاع الأمنية أو مشاكل متأصلة في شؤون قطاع السياحة من ناحية أخرى. يندرج تحت المشاكل الداخليى التسويق للمقاصد السياحية في الأسواق الخارجية، وحرق الأسعار في فترة الكساد والحالة الأمنية، وغيرها من الأسباب. يبقي السؤال الذي يطرحه رجال السياحة في إنتظار إجابة واضحة؛ متى تعبر السياحة المصرية النفق المظلم؟ وهل هناك ضؤ في نهاية النفق يبشر بقرب إنفراج الأزمة؟
من الخطأ أن يختزل البعض الأزمة في الخسائر الناجمة عن إنقطاع السياحة الروسية والإنجليزية في أعقاب الحادث الإرهابي الذي أسقط الطائرة الروسية في شهر أكتوبر 2015، مما نتج عنه خسائر تقدر بنحو 4 مليارات دولار بحسب تصريح محافظ جنوب سيناء، حيث تمثل حركة السياحة الروسية والإنجليزية مجتمعتين نحو 40% من إجمالي السياحة الوافدة لمصر. هناك مشاكل أخرى سوف نشير إليها بايجاز لاحقاً.
لعل من الأمور التي تدعو للتعجب الممزوج بالسخط هو الموقف الرسمي للحكومة الروسية والبريطانية. فأحياناً تصدر تصريحات توحي بقرب إنفراج الأزمة، وعودة الرحلات إلى المقاصد السياحية في مصر، إلا أن سريعاً ما نفاجئ بمواقف وتصريحات متناقضة تحمل في طياتها تعنت غير مبرر، وإشارات سلبية تعود بالأزمة إلى مراحل متأخرة في طريق الحل. ومن تلك التصريحات، قرار وزير النقل الروسي تأجيل عودة الرحلات بين القاهرة وموسكو إلى 20 فبراير الجارى، وهو بلا شك يعبر عن مماطلة من جانب السلطات الروسية في عودة السياحة الروسية خصوصاً أنه التأجيل الثاني منذ صدورتصريح باستئناف الرحلات في مطلع شهر فبراير. هكذا، تبخر الأمل في عودة السياحة الروسية مع قرب انتهاء الموسم السياحى الشتوى الذى كان يعول عليه القطاع السياحى.
لذلك أتفق مع رأي خبراء السياحة الذي يرى أنه يجب على قطاع السياحة أن يستبعد من حساباته السياحة الروسية خلال الموسم الشتوى الحالى لصعوبة عودة الرحلات الشارتر قبل شهر إبريل المقبل الذى يعتبر نهاية الموسم الشتوى، على الرغم من الضغوط التى يمارسها منظمو الرحلات والاتحاد الفيدرالى الروسى للسياحة على المسؤولين في الحكومة الروسية لما تمثله مصر من تميز ومثالية للسائحين الروس، والأرباح التي يمكن تحقيقها لمنظمى الرحلات. وتدور التوقعات حول احتمالات رواج السياحة الروسية فى مصر لن تبدأ إلا مع حلول فصل الشتاء القادم بعد إنتهاء الانتخابات الرئاسية فى روسيا، وكذلك انتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم.
إذن يجب ألا نعول كثيراً على السياحة الوافدة من روسيا في الفترة الحالية، والتركيزعلى جذب حصة من حركة السياحة العالمية من أسواق سياحية مختلفة من أوروبا الشرقية وخصوصاً السوق الأوكراني، وبعض الدول الأفريقية، مع استهداف الدول التى تبعد عن المقاصد السياحية المصرية بزمن طيران في حدود ستة ساعات على الأكثر،حيث تمثل مصر مقصد سياحي مناسب نظراً لانخفاض قيمة تذكرة السفر، وتمتع السائح بمدة إقامة أطول.
هناك تحديات كثيرة تواجه قطاع السياحة على المستوي الداخلي. أبرز تلك التحديات كما يرصدها رجال السياحة هي استقرار الوضع الأمني الذي لا يزال يشكل مصدر قلق كبير لدى السياح، وملف التسويق في بورصات السياحة العالمية، وحل مشكلة المستحقات المتأخرة لمنظمي الرحلات وشركات الطيران، وظاهرة "حرق الأسعار" وهي تدنى الأسعار التى يباع بها المنتج السياحى المصرى حيث وصل سعر البرامج السياحية فى عدد من الأسواق السياحية الهامة إلى أسعار متدنية للغاية على الرغم من كون تلك الأسواق تعد من أعلى الاسواق انفاقا وفقا لتقارير منظمة السياحة العالمية.
أما عن الحلول المقترحة، فقد تقدمت عدة جهات أختصاص ب "روشتة" تتضمن عدة إجراءات منها إطلاق حمله للعلاقات العامة في جميع الدول المصدرة للسياحه المصرية، والتعاقد مع أكبر شركات العلاقات العامه لكل دوله على حدى، و قيام وزاره السياحة بوضع الحد الأدنى للقضاء على ظاهرة "حرق الأسعار"، وإصدار قانون حوافز الاستثمار السياحي الذي يضمن منح إعفاء ضريبى لمدة 10 سنوات للمشاريع السياحية، ومنح الفنادق والشركات السياحية إعفاءات جمركيه خاصه بالتجديد والإحلال للمعدات والمهمات.