أهم الأراء
حكاية اسمها جابر نصار وزمن التغريد خارج السرب
الآن أستطيع أن أكتب عنه بسهولة ويسر دون أن تكون شهادتى مجروحة فالرجل لم يعد رئيسا لجامعة القاهرة وأنا أيضا لا أتبعها من قريب أو بعيد ،الآن أصبحنا نرتاد سويا منطقة الحياد التى تشجعنى أن أقول ما يجب أن يقال ،ففى زمن تواجه فيه الكلمة ويواجه فيه أرباب العلم ومن يدافعون عنه حربا ذات رؤوس طلعها كرؤوس الشياطين جاء جابر نصار ليواجه ثورة كانت الكلمة فيها مستهدفة والقتل هو السمة الأساسية لها والخوف ومشاهد الدم كانا يتقدماها ،ثورة تخويف وترهيب طالت شباك مكتبه ووقفت عند بابه وأمام عبوره إلى كل النجاحات ،بدى جابر نصار منذ البدء وحتى النهاية مغردا خارج السرب ،كنت ولا زلت أؤمن أن الاسم الكبير لا يبلغه المرء مجانا أو بحكم مصادفات سعيدة كضربة حظ عابرة كما لا يبلغه صاحبه بحكم وظيفة مرموقة حتى لو كانت تلك الوظيفة رئيسا للجامعة فالكثير جاء رئيسا لجامعة القاهرة من قبل لكن القليل الذى ستأبى الأيام أن تدون اسمه فى سجل الذكريات ،ففى فترة عصيبة كانت تمر بها مصر أستطاع نصار أن يهجر الوهابيين ويطرد الأرهاب الفكرى قبل المسلح ،وتمكن من رفع مستوى الرسالة الثقافية والعلمية والبحثية ويحقق عددا من الإنجازات غير المسبوقة على مستوى الميزانية التى شهدت فائضا حين خرج نصار من رئاسة الجامعة يقترب من ملياري جنيه وكان قد تسلم الخزينة لحظة دخوله الجامعة لا شئ فيها هذا بالإضافة إلى المشروعات التنموية للجامعة بالإضافة إلى الدور التنويرى الذى قام به على مدار السنوات الأربع
قاد جابر نصار الجامعة لتطوير الملاعب وشبكة المياه ومبانى المدينة الجامعية حتى أستطاع أن يصل بجامعة القاهرة إلى أن تصبح أعلى الجامعات حصولا على الجودة
جابر نصار حقق معادلة غاية فى الصعوبة ربما لم تتحقق لرئيس جامعة من قبل أستطاع أن يكسب كل الجهات ،الأساتذة الذين كان يشاركهم نصار همومهم ومشاكلهم ومتطلباتهم، والطلاب الذين كان نصار قادرا على أن يعيش أحلامهم وآلامهم وآمالهم، حتى العمال والموظفين حقق بينهم العدالة بعد أن كان يقبع بينهم التفاوت فى كل شئ .
جابر نصار كان يمضى الكثير من وقته دائبا يواصل الليل بالنهار ضربا من الأعمال الشاقة التى تنوء بحملها أكتاف الرجال ،لا يصبر عليها إلا من ندر نفسه لرسالة العلم السامية.
على أية حال لا أجدنى فى حاجة إلى تعداد أعماله وإنجازاته ففى وسع المهتم المتابع أن يجدها فى مظانها إلا أن مسألة أخرى تقتضى الأمانة والإنصاف أن أشير إليها وهو أنه كان شديد الغيرة على جامعة القاهرة ولا يزال هى منه فى سويداء القلب وهو يردد جملته الشهيرة المجد لجامعة القاهرة، ولا يزال يردد أرجو أن يكون رئيس الجامعة الحالى أكثر نجاحا منى.
بدى المشهد الأخير لنصار فى رئاسته للجامعة يحمل عبق النفس الأبية التى تضرب المثل الحى فى ضرورة تداول السلطة كمشهد البدء قبل حصوله على الدكتوراه الذى رفض فيه أن يحضر الفراخ لأستاذه الذى طلب منه ذلك حين أخبره أنه مسافر لبلدته للتجهيز النهائى للمناقشة الأمر الذى أجل مناقشة نصار لأكثر من ستة أشهر حتى جاء الأستاذ الدكتوريحى الجمل ليتبناه
تلك الشخصية الراقية الرائعة لنصار هى لشخص يستطيع ان يكبح جماح هواه ولا يعصف بمن يختلف معه بل كان يرى ذلك أمرا صحيا ،وفى الأخير أقول أن نصار صاحب عمل عظيم خالد هو أعظم من أى كنز أو ثورة نصار أختار أن ينظر إليه من بعيد من لا يحلمون إلا بالحسد ورفض الرأى الآخر من أختاروا أن تكون حياتهم مستنقعا آسنا لا حركة فيه إلا للبعوض وقفز الضفادع ،تحية إلي نصار من سويداء القلب ،عشت يا دكتور وعاشت جامعة القاهرة.