أهم الأراء
"جون" الغاز يهز شباك قطاع الطاقة
لا أخفي مدي شعوري بالسعادة والفخر وأنا أستعرض ما حققته مصر من نجاحات في مجال الغاز الطبيعي، بالتزامن مع الاعلان عن الصفقة الكبرى التي أبرمتها أحد الشركات المصرية الخاصة لاستيراد غاز بهدف إعادة تصديره. وكم سعدت بإشادة السيد رئيس الجمهورية بالاشارة إلى تلك الصفقة قائلاً " إحنا جبنا جون فى موضوع الغاز.. وهنبقى مركز إقليمى للطاقة". لذلك أردت أن أعرض بايجاز الملامح الرئيسية التي تؤهل مصر لأن تحتل الصدارة لتكون مركزاً إقليمياً للطاقة.
يشير خبراء البترول إلى أن مصر قد بدأت منذ فترة طويلة السعي لأن تكون مركزاً اقليمياً للطاقة. ترجع هذه الجهود إلى بداية انشاء خط أنابيب سوميد (ويعرف أيضاً باسم خط أنابيب البحر المتوسط - السويس) في عام 1973، وهو خط أنابيب بترول يبدأ في العين السخنة حتى سيدي كرير، ويوفر الخط بديل لنقل البترول عبر قناة السويس من منطقة الخليج العربي إلى البحر المتوسط. يمتلك خط الأنابيب الشركة العربية لخطوط أنابيب البترول (سوميد)، بشراكة مشتركة بين الهيئة المصرية العامة للبترول (50%، مصر)، وأرامكو السعودية (15%، السعودية)، والشركة الدولية لاستثمار النفط (15% الإمارات العربية)، وثلاث شركات كويتية (كل منها 5%)، والمؤسسة العامة القطرية للنفط (5%، قطر). وقد تم افتتاح خط أنابيب سوميد في عام 1977.
وبالعودة مرة أخرى إلى صفقة الغاز المشار إليها، تتلخص في أن مجموعة ديليك الإسرائيلية للطاقة أعلنت أنها في عام 2014 قد وقعت مذكرة تفاهم بقيمة 15 مليار دولار لبيع الغاز الطبيعي إلى مصر لمدة 10سنوات من خلال شريكها الاميركي شركة نوبل انيرجي لتزويد شركة دولفينوس المصرية بـ 64 مليار متر مكعب من الغاز سيتم استخراجه من حقلي تمار وليفياثان البحريين في البحر المتوسط. وشركة دولفينوس هي شركة خاصة مصرية، تضم مجموعة من رجال الأعمال، وتهدف إلى استيراد الغاز باعتبارها منطقة عبور للغاز من إسرائيل وغيرها لإعادة تصديره مرة أخرى لدول مختلفة.
لعل من المهم بمكان الاشارة إلى أن الصفقة المبرمة تخضع لقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز رقم 196 لسنة 2017، والتي وافق رئيس الوزراء على اصدار اللائحة التنفيذية للقانون الاسبوع الماضي. ووفقا لهذا القانون، يتعين على جميع الكيانات القائمة التى تعمل فى أنشطة سوق الغاز التقدم لجهاز تنفيذ أنشطة سوق الغاز المنشأ بموجب أحكام هذا القانون، وفور صدور اللائحة التنفيذية للحصول على الترخيص لمزاولة النشاط.
وفي نفس السياق، لا يمكن إغفال مصدر قوة مصر في مجال الغاز الطبيعي حيث أنها الوحيدة في المنطقة التي تمتلك 4 محطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو لا تعمل بكامل طاقتها، وتعتبر أصول غير مستغلة اقتصاديا. كما أن إسرائيل لا تستطيع بناء مثل هذه المحطات نظراً للموقع الجغرافي للمحطة ولتكلفتها العالية، وهي بذلك لا تستطيع أن تصدر الغاز إلى اوربا بطريقة اقتصادية الا من خلال هذه المحطات التي تملكها مصر.
هنا أود أن أشير إلى تقرير حديث نشرته شبكة "بلومبرج" الأمريكية، حول اقتراب قبرص من إبرام اتفاق لبيع الغاز الطبيعي مع شركة دولفينوس المصرية، لتكون الصفقة المحتملة الثانية في غضون أيام قليلة ، والتي من شأنها أن تحول مصر إلى مركز اقليمى للطاقة بعد بدء العمل في حقل ظهر البحري العملاق. يتحدث التقرير عن عزم قبرص تصدير الغاز عبر حقل "أفروديت" الذي يحتوى على ما يقدر بنحو 4.5 تريليون قدم مكعب من الغاز. وسوف يتم تسييل الغاز من خلال محطات لتسييل الغاز الطبيعي في إدكو ودمياط. كما يشير التقرير إلى أن المنطقة من قبرص إلى لبنان ومصر قد تحتوي على ثروات إضافية من الغاز، وتتطلع بلدان المنطقة إلى وضع خطط لتصديرها، حيث تقدر هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية أن المنطقة قد تحتوي على أكثر من 340 تريليون قدم مكعب من الغاز، وهو ما يتجاوز الاحتياطات الأمريكية .
هكذا مع كل هذه الأخبار الجيدة، يزداد التفاؤل وينعقد الأمل في أن تحقق مصر الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى بنهاية عام 2018 ، وأن تحقق فائض من الغاز خلال عام 2019، وتنفذ إستراتيجيتها لتصبح مصر مركزا إقليمىا للطاقة.