أهم الأراء
هي.. بقلم سمية عبدالمنعم
من بين أجساد متلاحمة تتسابق للاحتفاظ بتوازنها مع هزات وفرملات مفاجئة للمترو، جاهدت للوصول إلى باب العربة وأنا أمارس طقوسي المعتادة للتأهب للنزول..محاولاتي المستميتة ألا يلامس جسدي جسد أخرى حد الالتصاق ، حقيبة يدي التى أضمها بقوة إلى صدري وكأنها طفلي الرضيع خوفا من عابثة هنا وسارقة هناك، يدي اليمنى التي تمتد لتعدل من هندامي رغم قناعتي بفشل ما أفعل و..وأخيرا وصلت للباب
تأملت زجاجه الذي يعكس وجوها عابسة ومتأففة.
لم يكن وجهها من بينها ، لفت ناظري أسى يلف ملامحها وهي تقبض بيدها على طفلة لم تبلغ الرابعة بعد، تمتمات تصدر عنها في خجل ، وعندما اكتشفت أن أحدا لم يسمعها عمدت إلى رفع صوتها إلا أن الخجل لم يفارق نبراته.
"حد عاوز يمسح سلم أو ينضف شقة؟ "
لوهلة ظننت أنني لم أسمع جيدا ، وربما ظن الجميع مثلي ، فقد كانت آذاننا مشنفة وعيوننا شاخصة نحوها علنا نستوعب ما تقول، كررت عبارتها وعيناها منكستان في أسى .
عندما أدركنا ما تقول،انسحبت بعض العيون عنها بينما سددت إليها أخرى نظرات مرتابة ولم تلبث هي الأخرى أن انسحبت عنها بعدما اقتنعت بأن بالأمر احتيالا أكيدا.
كنت الوحيدة التي أطلت النظر إليها علّي أجد ما يقنعني بصدق سؤالها ، وظنٌ يسكنني بأنها طريقة مختلفة للتسول ، هي قطعا كذلك.
بدوري حولت عيني عنها ، خفت نداؤها، ومالبثت أن صمتت ، حانت منى التفاتة نحوها ، فرأيت خيبة أمل ممزوجة بحزن تخيم على عينيها.
أهي صادقة حقا؟ هل...
وهنا فتح الباب ، نظرت إلى يأسها بيأس مشابه، وغادرت العربة وشبح دمعة تهتز بيعينها يراودني.
تسمرت قدماي أمام الباب وظِل رأسها المنكس يخبو رويدا رويدا بين تحرك القطار، حتى ابتلعته ظلمة القضبان.
زفرت في حزن وندم يعض على ضميري ، هنا تذكرت ما جئت من أجله ، فنفضت عن عيني كل ما رأيت، وانسحب المشهد من تفكيري ، و...
وانطلقت إلى وجهتي.