أهم الأراء
بعد كيب تاون...هل تصبح القاهرة بدون مياه؟
وسط مخاوف نفاذ المياه، أبرزت الصحف العالمية خبر يشير إلى احتمال أن تصبح مدينة كيب تاون، العاصمة التشريعية لجنوب أفريقيا، أول عاصمة كبرى في العالم بدون مياه. وفي ظل الفقر المائي الذي أصاب معظم الدول العربية والأفريقية، أجدني أتوقف عند سؤال مُلح يفرض نفسه بقوة. هل تسير القاهرة على خطى العاصمة كيب تاون وتعلن إفلاسها المائي؟ وكيف تتعامل الحكومة مع الاسراف المجنون في استهلاك المياه سواء في الري وغيرها من أوجه الاستهلاكات الأخرى؟
تناولت عدة صحف عالمية الأزمة الطاحنة لوضع المياه في مدينة كاب تاون، وأبرزت التحذيرات الحكومية التي ناشدت جميع السكان والزوار بضرورة ترشيد استهلاك المياه، وحذرت من احتمال عدم القدرة على ضخ المياه في الصنابير قريبا جراء الجفاف الشديد الذي تعاني منه جنوب افريقيا. كما أوضحت السلطات المحلية أنه سيتم تقليل المخصص اليومي للمياه لكل منزل بدلا من 87 لترا، إلى 50 لترا، في اليوم الواحد، ابتداء من شهر فبراير؛ كما نبهت إلى أنه لم يتبق سوى 95 يوما، قبل أن تصل العاصمة إلى يوم "الصفر". حينئذ سيتم إيقاف ضخ المياه في جميع صنابير المياه، وسيتم توزيع المياه يدويا على كل مقيم في العاصمة بمعدل 25 لترا يوميا.
بلا شك أن الوضع المائي في العديد من دول العالم يتجه بسرعة من سيئ إلى أسوأ حيث أصبح نقص المياه خطرا حقيقيا. يرجع ذلك إلى ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية التي طرأت على العالم في الآونة الأخيرة من ارتفاع وانخفاض كبير في درجات الحرارة في أوقات غير معهودة مما أدى إلى معاناة كثير من الدول بما يُعرف بالفقر المائي. كما أن هناك سبب أخر هام وهو سوء ادارة الموارد المائية مثل الهدر الكبير في الري والاسراف في استخدام المياه في المنشأت والمنازل.
اتفقت منظمات الامم المتحدة على تعريف خط الفقر المائي على انه حصة الفرد الواحد يجب ان لا تقل عن ألف متر مكعب سنوياً وان مؤشر الخطر يبدأ عندما تصبح حصة الفرد اقل من 1500 متر مكعب سنوياً. ويتوقع ان تكون هناك في العام 2025 أكثر من 48 دولة في مختلف ارجاء العالم تعاني من الفقر المائي. فنهر النيل الذي تتشارك بمياهه تسع دول في افريقيا سيرتفع عدد السكان المستفيدين منه عام 2025 إلى 340 مليون بعدما كانوا 150 مليون نسمة. الجدير بالذكر ان مشكلة الفقر المائي تأتي بالدرجة الاولى بسبب زيادة عدد السكان والذي يبلغ لبعض هذه الدول (3 %) ويفترض ان لا يزيد عن (1 %).
وفقا لتصريح حديث لوزير الموارد المائية والري، أوضح أن احتياجات مصر المائية تقدر بنحو 114 مليار متر مكعب من المياه، ومصادر المياه توفر 60 مليار فقط من مياه النيل ومياه جوفية ومياه المطر، بينما يتم معالجة العجز في الموارد المائية يتم تعويضها عن طريق زراعات نستوردها من الخارج لتوفير المياه.
وباعتباري غير متخصص في شؤون المياه، أردت أن اعرض بأسلوب مبسط بعض الحلول المتداولة لترشيد استهلاك المياه. تشمل الحلول على تطبيق برامج التوعية لترشيد استهلاك الماء للمُحافظة عليه من النضوب، وذلِكَ عن طريق اتباع السلوكيات الصحيحة في استخدامه؛ ووضع خطط للاستفادة من مياه السيول والأمطار؛ وحفر الآبار لجمع مياه الأمطار وزيادة المخزون الجوفي؛ والاستفادة من المياه الصرف الصحي عن طريق تنقيتها في محطات خاصة لتُصبح صالحة للاستخدام البشري؛ واللجوء الى مشاريع تحلية مياه البحر خاصة في المدن الساحلية وفقا للجدوى الاقتصادية؛ وترشيد الزراعات المستهلكة للمياه بكثافة.