أهم الأراء
استحقاقات الكرامة
إن النص فى المادة «37» من الدستور الجديد على أن «الكرامة حق لكل إنسان لا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة بضمانها وحمايتها» إنما يجعل هذا المبدأ حاكماً للعديد من المواد الدستورية الأخرى، فالمادة التالية مباشرة تنص على حظر التعذيب باعتباره انتهاكاً للكرامة الإنسانية، ثم تمضى المادة قدماً إلى تجريم التعذيب وجعله «جريمة لا تسقط بالتقادم»، وتلك مادة مستحدثة تحمل حتى الآن رقم «37 مكرر»، حيث إنها لم ترد فى أى من دساتيرنا السابقة، وستسمح لأول مرة بالتقاضى فى حالات التعذيب، وباستحقاق من وقع عليه التعذيب التعويض الذى يصل فى بعض دول العالم إلى الملايين من الجنيهات. وقد كان من غرائب الحياة عندنا أنه فى الوقت الذى عانينا فيه من التعذيب طوال العقود الماضية فإننا لم نسمع أن أحداً قد رُدَّ له اعتباره من خلال القضاء، حيث إن القوانين السابقة وإن كانت تحظر التعذيب فهى لم تجرّمه بالشكل الذى يجعله جريمة تستحق العقاب والتعويض ولا تسقط بالتقادم، كما هو الحال هنا. ويمتد مبدأ الكرامة الإنسانية، الذى طالبت به جماهير الثورة فى ميدان التحرير، إلى بقية مواد الدستور لتحمى كرامة المواطن المصرى حتى لو كان مسجوناً، حيث نجد المادة «41» تقضى بـ«إخضاع السجون لإشراف القضاء»، وبأن «يحظر فيها كل ما ينافى كرامة الإنسان، أو يعرّض صحته للضرر»، كما تنص المادة على مسؤولية الدولة فى إعادة تأهيل المسجون، وأن تيسر له سبل الحياة الكريمة بعد الإفراج عنه. كذلك تمتد الكرامة الإنسانية إلى مواد أخرى فى الدستور تتعلق إحداها بحرمة المنازل التى كثيراً ما انتُهكت فى ساعات متأخرة من الليل، أو الساعات الأولى من الفجر، وبحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وبعدم جواز مراقبتها وإفشاء سريتها إلا فى حالات الاتهام التى يحددها القضاء ولمدة محدودة وتتعلق مادة أخرى بحرمة الجسد الإنسانى، حيث تعتبر المادة «45» الاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون، وتبرز أهمية هذه المادة فى ضوء بعض من كانوا ينادون بقطع الأيادى، بالإضافة لحالات التمثيل بالجثث التى انتشرت خلال فترة حكم الإخوان. ولا يتسع المجال هنا لتعقب كل المواد التى تترجم مطلب الثورة فى الكرامة الإنسانية إلى مبادئ دستورية راسخة ستترتب عليها قوانين تعيد الكرامة لهذا الشعب الذى خرج مطالباً بها منذ 3 سنوات لكنها لم تتحقق حتى الآن. [email protected]