أهم الأراء
الشركات الناشئة في الشرق الأوسط: مغامرة التمويل
تُعد منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق الخصبة بالفرص، حيث تتمتع تلك المنطقة بعدد هائل من السكان والشباب على وجه الخصوص ممن يواجهون مشاكل عديدة. فكل رواد الأعمال لديهم إدراك تام بأنّ كل مشكلة تُعد فرصة في حد ذاتها، فكلما كبرت المشكلة تعاظمت الفرصة. إن منطقة الشرق الأوسط تُعد أحدى أكبر المناطق المُصدرة لرؤوس الأموال على مستوى العالم. فالمستثمرون من منطقة الشرق الأوسط يمتلكون كبرى الشركات العقارية حول العالم بالإضافة إلي أسهم في أكبر الشركات العالمية. ولكن يظل السؤال الأهم الذي يواجه رواد الأعمال بالمنطقة الآن: كيف يتم جذب رؤوس أموال كبيرة من المنطقة للاستثمار في المنطقة ومن أجل المنطقة؟ وبعد أن نجحت كريم في الحصول على عدد من صفقات التمويل المتتالية من المنطقة، نعتقد أن كريم الآن لديها الكثير من الخبرات لتساهم في الإجابة على هذا السؤال. أعتقد أن الفرص الكبيرة تجتذب رؤوس الأموال الخارجية. في البداية، يكون رأس المال الوحيد الذي سوف تراهن به هو أموالك الخاصة أو أموال من يثقون بك. فعلى سبيل المثال، بدأنا كريم برأس مال 100.000 دولار من أموالنا الخاصة، وخلال فترة لم تتجاوز من 6 إلى 9 أشهر، وهي الفترة التي كنا نجهز فيها لإطلاق أعمالنا، نجحنا في إقناع أصدقائنا وعائلاتنا ومعارفنا بالاستثمار معنا. وتضمنت جولة الإقناع أعضاء العائلة والأصدقاء القدامى، والزملاء السابقين، والمعارف من الراغبين في الاستثمار. الأمر كله يتلخص في إقناع المستثمرين بضخامة الفرصة، والتأكيد على نجاح مشروعك أسبوع وراء أسبوع، وبناء فريق متميز، والتثبث بالفرصة وعدم الإستسلام. فرصة كبيرة إذا أردت تجميع أموال لتأسيس شركتك، فأنت بصدد مشكلة كبيرة عليك حلها. فالمشاكل والفرص الصغيرة يمكنها المساهمة في تأسيس عمل ناجح جداً يمكنك تمويله من خلال رأس مالك الشخصي أو رأس مال أصدقائك إلا أنه لن يتيح لك جني النتائج المؤسسية المرجوة. ولكن على كل حال يتوقع المستثمرون عدم نجاح العديد من استثماراتهم. ومن أجل تحقيق النجاح، علي المستثمر إيجاد فكرة لها فرص هائلة للنجاح ومن أجل تحقيق ذلك عليك أن تراهن علي الفرص الكبيرة. فقبل إطلاق شركة كريم عام 2012، عندما كنا في مرحلة بناء الأفكار، وكما نفعل مع أي فكرة، كان لابد أن نقدر حجم السوق الذي نرغب في العمل به. فكان الحجم المبدئي لسوق النقل يُقدر بحوالي 5 مليارات دولار، وهو حجم الإنفاق على التاكسي في دول مجلس التعاون الخليجي. إن رؤيتنا الحالية لحجم السوق أعلى بكثير، حيث توسعنا لخارج دول مجلس التعاون الخليجي، وتمكنت كريم من تلبية الطلب الهائل على خدمات الانتقال في تلك المنطقة الكبيرة. وإذا كان حجم السوق المتوقع لفكرتك أقل من بضعة مليارات من الدولارات، ستكون مهمتك أصعب في جمع رأس المال الخارجي، لأنّ رؤوس الأموال الكبيرة تجذبها الفرص الكبيرة. عوامل جذب قوية إن ما يبدو لك أنه فرصة واضحة، قد لا يبدو كذلك لغيرك. فعليك أن تستعرض مدى قوة فكرتك وأن يكون لديك أدلة وبراهين على ذلك بطريقة تكون أكثر جاذبية واقناعاً للمستثمر. فالأمر كله يعتمد علي قدرتك علي لتحقيق النمو لمشروعك أسبوع تلو الاخر. إنّ هذه العملية مرتبطة بمدى فهمك لاحتياجات عملائك، وإطلاق المنتجات التي تلبي تلك الاحتياجات، والتأكد من أنك تقوم بكل ما يلزم لإسعاد عملائك. فالعملاء السعداء يجلبون لك المزيد من العملاء الآخرين، وهو ما سيظهر جلياً من خلال معدلات النمو الخاصة بشركتك. في كريم، لدينا شغف بعملائنا وشغف آخر بتحقيق النمو. ففي بداية أعمالنا كنا نتتبع كل رحلة للتأكد من أن كل شيء يسير مثلما نريد. وكل مشكلة تواجهنا أو فشل في شيء ما (وهو ما تكرر كثيراً في البداية) كان بمثابة فرصة كي نفهم لماذا تحدث الأخطاء، وهو ما يشجعنا على تغيير أنظمتنا وعملياتنا لتجنب تكرار نفس الخطأ مرة أخرى. قمنا أيضاً بمراقبة معدلات النمو التي نحققها كل أسبوع، وكل يوم، وكل 15 دقيقة. ففي الوقت الذي أكتب فيه هذا المقال، ارتفعت معدلات النمو في دبي بنسبة 7.8% مقارنة بنفس الوقت من الأسبوع الماضي. وبالنسبة للمستثمر، النمو هو الحقيقة، هو التحقق، وهو الإثبات. فريق عمل متميز لا تستطيع أن تنجح بمفردك، فكل مستثمر يعي ذلك جيداً. ستحتاج إلى فريق عمل يساعدك، فكلما كان فريق العمل أفضل ويعمل بشغف وتفان، كلما زادت فرص نجاحك. كونك أحد رواد الأعمال، فمن أهم مسئولياتك أن تجتذب الناس للمشاركة في المشروع. فعدم القدرة على بناء فريق عمل متميز ينبئ بالمزيد من التحديات في المستقبل. في البداية عندما جائتنا فكرة إطلاق كريم، لم نكن نعرف كل شيء عن تفاصيل الأعمال التي كنا بصدد إطلاقها، ولكن الشيء الوحيد الذي كنا نعرفه هو ان الاستثمار في الموهبة والثقافة سوف يختصر عليك طريق النجاح. لقد قمنا بالكثير في هذا الشأن، حيث خصصنا جزءا كبيراً من مواردنا لتنمية مهارات فريق العاملين بالشركة. لقد صممنا الثقافة الخاصة بنا بناءاً على مجموعة من القيم الأساسية. فقوة الفريق يُعد معياراً أساسياً لقرارات الاستثمار. فإن لم يتواجد الفريق المتميز، فلا فرصة للنجاح، ولا تمويل. لا تستسلم ابداً لا يمكنك أن تنفذ ما تريد على النحو الصحيح من المرة الأولي، ولا حتى الثانية؛ وستواجه الرفض من الكثيرين. فالحل ألا تستسلم، استمر في التعلم والتطوير. إنّ عدم الاستسلام هي صفة اساسية لكل رواد الأعمال، وتكون أكثر ضرورة والحاحاً في مرحلة جمع التمويل المبدئي لبدء نشاط الشركة أكثر من أي مرحلة أخرى. ففي الجولة الأولى التي قمنا خلالها بتدبير التمويل، تم رفضنا من قبل جميع الصناديق الاستثمارية في المنطقة، باستثناء واحد فقط (شكرا STC Ventures). واليوم، الحمد لله لدينا الكثير من المستثمرين معنا. إننا لم نيأس واستمرينا في طرق أبوابهم، واطلاعهم على معدلات نمونا حتى أقنعناهم بالاستثمار معنا. فكلما شعرت بالاستسلام، عليك أن تتذكر أننا مررنا بهذا كله وأن الأوقات السعيدة تنتظر على الشاطئ الآخر للمثابرة والإصرار!! لقد كنا ومازلنا محظوظين لوجودنا في المنطقة بكل ما فيها من فرص ورؤوس أموال محلية ضخمة. فمستثمري المنطقة كان لديهم أسبابهم للاستثمار في الخارج، سواء كان بهدف التنويع بعيدا عن المنطقة، أو عدم وجود مخارج استثمارية محددة، أو لنقص فرق العمل المحترفة لدعم استثماراتهم. ولكن الوقت يتغير ويتقلب. إن عملية شراءAmazon لشركةSouq هي صفقة تاريخية من شأنها أن تجعل المستثمرين الإقليميين يلتفتون إلى الفرص الموجودة بالمنطقة. ولكن عندما يعيدون النظر مرة أخرى، يجب أن يجدونا في انتظارهم ولكن هذه المرة ونحن نقف على أرضية صلبة وفي ظهورنا فرق عمل متميزة. وإذا لم يقرروا الاستثمار في المنطقة من المرة الأولى، فلا تيأسوا، لأن جذبهم للاستثمار في المنطقة يستحق وقتنا، فبمجرد أن يقوموا بالاستثمار في الشركات الناشئة، ستتغير المنطقة للأبد.