Alborsagia.com البورصجية نيوز

الأثنين 21 ديسمبر 2015
أخر خبر
مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة الدولية للطيران المدنى " الإيكاو " - رئيس الوزراء يصدر قرارا بالتجديد لشحات الغتوري رئيسا لمصلحة الجمارك لمدة عام - 10 شركات ناشئة بمبادرة رواد النيل تشارك في الملتقى الـ 14 لصناعة الإبداع - مصر تفوز بمقعد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمنظمة الدولية للطيران المدني - الفريق محمد عباس : حريصون على تعزيز التعاون مع المنظمة الدولية للطيران المدنى - وزير الطيران يبحث مع رئيس المجلس الدولي للمطارات وأمين عام المفوضية الإفريقية للطيران سب - مصر للطيران تعلن أسعار تذاكر عمرة المولد النبوى الشريف لموسم 1444 هـ -2022م - وزير الطيران يلتقى وزير المواصلات القطري لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مجال النقل - الداخلية تضبط 1534 قضية تموينية خلال 24 ساعة - وزير قطاع الأعمال العام يتفقد عددًا من الشركات التابعة بالإسكندرية - وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تلتقي المديرة الإقليمية للتنمية البشرية بالبنك الدولي - «الصقر»: فيريرا يوافق على ضم الصاعد يوسف حسن - حبس أشهر «ديلر» لترويج الحشيش بالتجمع الخامس - مدبولى عن تطوير محور 26 يوليو: نحرص على التخطيط لاستيعاب تزايد الحركة - الفريق أسامة ربيع يتابع حصاد الأحواض المستزرعة وحصاد 42 طن جمبري منذ بداية الشهر الجاري -

أهم الأراء

كلمات ثورى محبط

طباعة

كانت أياماً مرتبكة حزينة وأنا أحاول جمع كتب ومؤلفات العلامة الفيلسوف والأديب الصديق الفنان عبدالغفار مكاوى الذى تمر بعد أيام ذكرى عام على رحيله.. «أكثر من 50 مؤلفاً فلسفياً وأدبياً، مئات الأبحاث والدراسات، رحل 24 ديسمبر 2012»، طوال العام كان يحضرنى صوته أو طيفه هادئاً كالنور خفيفاً كالفراشة، ثم ما يلبث أن يختفى وسط صخب الحياة وضوضائها، وفى نهاية الأسبوع رحل «نجم» شاعر المقاومة منذ نكسة يونيو إلى انطلاق مارد 25، وقبل لحظات انطفأ وجه أفريقيا النبيل. ■ أقول كما قال عبدالغفار فى ترجمته لبريخت: «الشىء الوحيد الذى يجب عليك أن تتأكد منه هو أنك ستسقط حتماً عندما تكف عن المقاومة. الشعر فى صميمه مقاومة، عون على الفعل: أدعو الشعراء جميعاً كى يسهموا ولو بنغمة واحدة فى النشيد الجماعى المنتظر». ■ 11 يناير 1930 «بلقاس» دقهلية ولد ميلاداً درامياً مع أخوين رحلا بعد أيام تاركين عبدالغفار، أضعف الثلاثة، مع سؤال تراجيدى عاشه منذ أن عرف قصة وفاة الأخوين ولعب وعاش حول قبريهما فى مدافن القرية حيث قبر صغير أعد له، لم يسكنه، وسكن صدره وعقله حزن ودراما إغريقية فارسية شرقية ريفية مركبة من الحزن والصمت والخجل والإحباط والمقاومة والإصرار والعمل وشعور بالذنب لا يفارقه لحظة. عبر جسر القرية «كتب عن الجسر عدداً من القصص القصيرة البديعة» ثم درس فى طنطا. أخيراً نزح إلى القاهرة وسكن فى المنيل مع صلاح عبدالصبور.. هجر الشعر وتفرغ للفلسفة والترجمة والكتابة - ليسانس فلسفة من القاهرة، ودكتوراه من فريبورج فى ألمانيا عن «التمرد والمحال عند ألبير كامى» هناك فى عاصمة الغابة السوداء بدأ الترجمة، أول من ترجم أشعار بريخت، 20 قصيدة نشرها الأستاذ حسين فوزى فى حفاوة وشرع عبدالغفار فى ترجمة الشعر الأوروبى، حتى أنجز «1972، 1974» العمل الموسوعى الضخم، ثورة الشعر الأوروبى المعاصر، الجزء الأول دراسات، والثانى نصوص حتى قرب نهاية القرن العشرين. عمل يذكره جيل الشعراء والكتاب من جيل الستينيات وما بعده، لم يشترك عبدالغفار أبداً فى السياسة بمعناها الصريح، لكنه كان يحمل - كما لم يحمل مثقف أعرفه - مسؤولية الكلمة تجاه المجتمع. كان يردد أن العبارة التى لا تغير فى الواقع، أو على الأقل فى وعى القارئ، فلا داعى لأن تُكتب. وظل طوال خمسة عقود يترجم ويكتب ويعلم الفلسفة، ويعيش هموم مصر والوطن العربى «عاش فى اليمن والكويت» هرباً من جحيم الجامعة والانفتاح والتغيرات الاجتماعية الطاحنة التى اجتاحت الوطن العربى كله. وفى وسط أعمال عبدالغفار الأدبية والمسرحية والفلسفية، كتاب أوقفنى، كنت قد رأيته عندما صدر سنة 1987، ولم أدرك أهميته. الكتاب اسمه: بكائيات: «ست دمعات على نفس عربية» ملخص الكتاب أن الفيلسوف الثورى المحبط، يصرخ فى العالم العربى قائلاً: إننا فى العالم العربى نذبح ونحن مفتوحو الأعين. وإننا لم نتعلم كيف نرى بوضوح! وأن العالم كله لا يستحق أن يموت من أجله طفل برىء. واسمح لى أن أنقل لك من الكتاب نصاً كتبه عبدالغفار بدمه، ففيه تجد العصر والرجل وقد تجد بعضاً من نفسك: فى مثل هذا العصر تغترب الأرواح النقية المرهفة، وتجلد فى كل يوم النفوس المحبة الطيبة، وتتعرى وجوه الناس حتى الأصدقاء منهم عن وحوش كاسرة تنتظر اللحظة المواتية للقفز والافتراس، بينما ينهمك الجميع فى إشاعة القبح ووأد الجمال. عشت كما وصفتنى دعابات الأصدقاء، حياة عنكبوت أو شرنقة تعمل فى الظل والصمت والسكينة، أو كنت كما وصفت نفسى فى واحدة من قصصى القصيرة «التى ترجمت وتدرس فى ألمانيا» كنت كيونس فى بطن الحوت، فى عينى حزن مزمن، وعلى وجهى شيخوخة مبكرة وفى قلبى وفى عقلى حكمة شرقية مميتة. أعانق الترفع والكبرياء وأستنقذهما من مخالب الشراسة والنذالة والغدر والغلظة. أدرك فى النهاية ما قاله الشيطان لفاوست: كئيبة مقفرة يا صديقى هى كل النظريات. فى الأرض يحتشد الجلادون والدجالون، يتحول التدين إلى تعصب، والاشتراكية إلى إرهاب، والحرية إلى الفهلوة واللصوصية، والثورة إلى الجريمة، والعلم إلى التجارة، والفن إلى الفجاجة والابتذال. لم يبق إلا القيم التى تفرخها حية الأنا المتسلطة. ضاع تعب العمر كله، ولم يبق فى أرض الوطن سوى الاستبداد، وهو شر ما ابتلى به الإنسان. عضنى تلاميذ وأبناء أعطيتهم تعب العمر كله. سيبقى - فقط - وطن صيرناه بأيدينا غابة غدر وجهنم قهر»! عاش عبدالغفار مكاوى عطشاً حقيقياً للحرية والعدل، للفن والفلسفة فى كل مظاهرها وتجلياتها، إلى جانب 6 مجموعات قصصية وعشر مسرحيات، هناك كتاب «المنقذ: دراسة فى قلب أفلاطون» وهو أحب كتب عبدالغفار إلى قلبه كما سمعت منه. من أفلاطون تعلم عبدالغفار «جوهر الفلسفة» واقترب منها لكى يعرف أن الفلسفة هى فن طرح الأسئلة، وأنها طريق وليست هدفاً. كما اقترب مع أفلاطون إلى جوهر الفن والأدب، وأن الشعر والفلسفة يسكنان قمة جبلين متجاورين وإن كانا منفصلين.. وفى الكتاب الذى عنوانه «صورة وقصيدة» يناقش الأستاذ بتوسع أفكار العلاقة بين الفنون، بين الرسم والنحت، والموسيقى والكتابة ويقول ما معناه إنه قد تعلم أن الأدب لا يبدأ بالفكرة ولكن بالصورة، وأن الفكر موجود فى كل الأعمال الفنية والأدبية، ولكنه موجود وجود «الدم» بحيث يجب ألا تراه، وأنه قد تعلم التفكير بالصورة من جبران، وقبله من المتنبى، كما تعلم مؤخراً أن تأمل اللوحة أو قراءة القصيدة هو نوع من إعادة خلقها. رغم كل ما يقال عن ترجمة الشعر من استحالة وخيانة فإن ترجمة عبدالغفار مكاوى الشعرية امتازت بقدر غير عادى من الأمانة والانضباط الألمانى، والمعرفة والتدقيق فى النص وأصله بحيث أصبحت «الهوامش» والتعليقات، وذكر الترجمات المحتملة والسابقة إضاءة كاشفة للنصوص، خاصة النصوص المعقدة عند «جيته» الذى أعاد ترجمة ديوانه الشرقي، بعد ترجمة أستاذه الدكتور عبدالرحمن بدوى، وقد صدرت ترجمات عبدالغفار فى ألمانيا «منشورات الجمل» وفى القاهرة والكويت: إذا لم تصغ للصوت القديم داعياً إياك: مت كى تكون فستبقى دائماً ضيفاً يهيم فى ظلام الأرض كالطيف الحزين. ترجم عبدالغفار مكاوى كتاب «الطاو» تحت اسم «الطريق والفضيلة» وهى ترجمة دقيقة مبهرة. كما أصدر بعد كتابه «عن الحكمة البابلية» كتاب «ملحمة جلجامش» تحت عنوان: «هو الذى طغى»: فى عشر لوحات درامية - ثم أتبعها بكتابه الهام «جذور الاستبداد: قراءة فى أدب قديم». يقول صديقه المقرب فاروق شوشة: «عبدالغفار هذا المتوهج بكيمياء الشعر حتى النخاع، الممتلئ بجدل المعرفة ودراما العقل البشرى وتراجيديا أحزانه المتراكمة». ترجم عبدالغفار: جوته، وكافكا وبريخت. وعندما سئل: أليس فى هذا تناقض؟!.. قال: أبداً هذا أنا: ثورى محبط أراقب العالم العربى يذبح وعيناه مفتوحتان. .. أيها الصديق الكريم: فوق أى جبل تسكن الآن؟ هل تراقب ما يحدث لنا؟! ■ نقطة نظام «نجم: كده؟! مش كان الاتفاق، إنك تجيب الشيخ إمام، وتيجى عند حجازى الرسام. عشان نسهر مع إبراهيم منصور الكبير. ليلتكم سعيدة على أى حال. ونشكرك على صورة مصر الجديدة التى انطلقت من أغانيك وأشعارك فى الميدان، ونشكرك على (نوارة) الكاتبة الثائرة والإنسانة الشجاعة». إلى لقاء... ■ «ثورة الشعر الأوروبى الحديث»، جزأين، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1972. ■ «المنقذ: دراسة فى قلب أفلاطون»، دار الهلال، القاهرة، 1983. ■ «بكائيات: 6 دمعات على نفس عربية»، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1986.

إرسل لصديق

تعليقات فيسبوك