أهم الأراء
ضؤ في نهاية النفق
أخيراً أرى ضؤ في نهاية نفق الاقتصاد المظلم. ثمة بصيص من الأمل في تحسن الوضع الاقتصادي بعد سنوات طويلة من التخبط والمعاناة التي مازال المواطن يعيشها ويسدد نصيبه من فاتورة الاصلاح الاقتصادي. وإنني أنظر إلى المواطن المصري، وأتساءل كيف تحمل بصبر مدهش على مدى العقود الماضية مشقة الوضع الاقتصادي الصعب؟ كيف سدد ثمن الإصلاح بعد ثورتين أثرت على مختلف الأصعدة، بما في ذلك الأمن والإرهاب ونقص العملة الأجنبية، وانخفاض حاد في الجنيه المصري، وتضخم غير مسبوق، إلى جانب مشاكل الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها. كيف أحبط مخطط أعداء الوطن من الداخل والخارج ولم يثور على الأوضاع المعيشية الصعبة؟ ومن ناحية أخرى، كيف تنظر وكالات الأبحاث الأجنبية وبنوك الاستثمار إلى التحسن في أداء الاقتصاد المصري؟ هذا ما سأقوم بإيجازه هنا.
أصدرت مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية الشهيرة جولدمان ساكس، تقريرا عن مصر، خلصت فيه إلى أن الأوضاع المالية في مصر تتحسن، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي يسير بخطى جيدة ، على الرغم من وجود علامات ضئيلة على الإجهادنتيجة تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، حيث تم بالفعل تطبيق أغلب الإجراءات الصعبة. ونتيجة لذلك حققت مصر مستوى جيد في زيادة ثقة المستثمرين مما أدى إلىنمو سريع في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما ارتفع رصيد الاحتياطي النقدي الاجنبي إلى مستويات غير مسبوقة، وأن تداول السندات المصرية أعلى بدرجة واحدة عن المستوى الذي من المفترض أن تتداول عنده وفقا لتصنيفها الحالي.
أما مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، فقد أوضحت في تقريرها عن مصر أن الاقتصاد المصري اجتاز المرحلة الصعبة، وتوقعت أن تزداد وتيرة تعافي الاقتصاد خلال العام المالي 2019/2018، وينخفض معدل التضخم إلى 29% في 2017، وإلى 12.5% في 2018، قبل أن ينخفض تحت مستوى 10% في 2019 ليبلغ 8.5%..
وقالت مؤسسة ميد، أن مصر أصبحت ثالث أكبر سوق في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في منح العقود خلال 2016، حيث وقعت مصر عقودا بقيمة 18.4 مليار دولار لتتفوق على دول خليجية مثل قطر والكويت.
وبالانتقال إلى وكالات التصنيف الائتماني، اشادت وكالة موديز بالنتائج الايجابية للإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر، حيث ساعد قرار تعويم الجنيه على الحد من ضغوط ميزان المدفوعات، ودعم وضع السيولة الخارجية وساهم في القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية.
كما أشاد بنك الكويت الوطني بدخول الاقتصاد المصريمرحلة التعافي بعد تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي نتج عنه تأثيرات إيجابية على عجز الموازنة وتعزيز الثقة بين المستثمرين، وأدى ذلك إلى تحسن ملحوظ في الاحتياطات الأجنبية.كما توقع التقرير أن يواصل الاقتصاد المصري تحسنه خلال عام .2017.
الا أن الصورة ليست وردية تماما في أعين الجميع. فقد أكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيفها لمصر عند B3 مع الإبقاء على نظرة مستقبلية مستقرة، على خلفية أن هذا التصنيف يتلائم مع وضع المخاطر الائتمانية لمصر. وأرجعت الزيادة في الاحتياطيات الى تدفق الديون من الخارج، مما أدى أيضا إلى رفع مستوى الدين الخارجى. ومع ذلك، أشادت موديز بالتقدم في برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحسن الاستقرار السياسى.
وفي النهاية، أود أن أذكر أنه على الرغم من التقارير الجيدة عن الاقتصاد المصري، والأخرى الأقل تفاؤلا، فإني لا أريد أن أبالغ في تقدير التقدم المُحرز في برنامج الإصلاح الاقتصادي على المدى القصير. ربما أكون أكثر سعادة عندما أشاهد المزيد من النتائج العاجلة، خاصة أن المواطن العادي يحتاج إلى الشعور بأن التحسن له وجود ملموسعلى أرض الواقع يؤثر في حياته اليومية، وذلك عندما يتم التحكم في الغلاء وانفلات الأسعار ويكون المواطن قادرا على تلبية المتطلبات الأساسية للحياة الكريمة.
***