اصيبت الجهات الحكومية المعنية بأراضي وضع اليد بزلزال شديد عصف بكيانها بعد أن قرر السيد رئيس الجمهورية في مطلع هذا الشهر تكليف القوات المسلحة ووزارة الداخلية والمحافظين والجهات المسئولة باستعادة أراضى وضع اليد وتنفيذ القانون على مغتصبي أراضي الدولة بكل حسم قبل نهاية الشهر الجاري. هذا الملف الخطير الذي طالما تراخت الاجهزةالمعنية عن التعامل معه بجدية طوال عقود طويلة من الزمن، إما بسبب ترهل في أداء الحكومة أو فساد عميق متغلل كالسرطان في جسدها. هذا الفساد الذي يديره مجموعة من أباطرة العمولات والرشاويو "مافيا" الأراضي وحتى صغار الموظفين. ألا لعنة الله على الفاسدين والمفسدين.
بداية ما هو وضع اليد؟ يعني مصطلح وضع اليد فيالقانون بصفة عامةالتقادم المُكسب للملكية،بمعنى ان يجوز لشخص أنيستحوذ على عقار او ارض لمدة خمسة عشر سنة وذلك بشروط معينة يكتسب بها ملكيته.وبالنسبة لوضع اليد على أرض من أملاك الدولة الخاصة البور والصحراوية سواء كانت محصورة أو غير محصورة، يقومواضع اليد بالتقدم بطلب تملكها بشرط أن يكون قد قام فعلا باستصلاحها طبقاً للشروط والأوضاع التي ينظمها القانون.
من توابع زلزال وضع اليد، الحديث عن تقدير غير رسمي بأن حجم أراضي الدولة التي تم الاستيلاء عليها تبلغ ما يقرب من 16 مليون فدان قيمتها 900 مليار جنيه. ومع التسليمأن هذا التقدير قد لا يكون دقيقاً بالدرجة الملائمة، فإن التقدير المتحفظ ربما يشير الى 60% الى 70% من هذه القيمة. إذن نحن بصدد مليارات من الجنيهات تم الاستيلاء عليها بدون وجه حق كان يمكن أن تؤول الى خزينة الدولة، بينما الدولة تقترض لكي تمول العجز في الموازنة. 
لماذا لم يتم البت في الطلبات التي تقدم بها مستثمرين وشركات وصغارالفلاحين لتقنين وضع اليد قبل أن يثير السيد رئيس الجمهورية هذا الموضوع ويحدد نهاية شهر مايو كحد أقصى للانتهاء من تقنين الأوضاع؟ لمصلحة من تتراخى الجهات المسئولة عن تقنين الأوضاع بينما تغمض عينها عن مواجهة المتعدين على الأراضي بغرض الإتجاروليس بغرض الإصلاح؟
من ناحية أخرى، كل ما أخشاهأن تؤدي السرعة في تنفيذ توجيهات السيد رئيس الجمهورية الى التسرع في سحب الاراضي أو تدمير المنشآت المقامة عليها دون دراسة كافية للوضع القانوني والاطلاع على المستندات.  لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن بعض واضعي اليد ربما يكونوا قد أنفقوا أموالا طائلة لاستصلاح الارض بينما لم يتمكنوا من تقنين وضع اليد بسبب البيروقراطية أو حفنة من المسؤولين الفاسدين الذين يساوموا واضعي اليد لدفع رشوي. كما أخشى أن يكون العجلة في التأكيد من انتهاء تقنين الأوضاع سبب في اغفال بعض الحالات أو تقديم تأكيد غير موثوق للسلطة بإتمام المهمة. كذلك أتوجس من تعود الجهات المسؤولة مرة أخرى الى سابق عهدها في التراخي بعد انتهاء المهلة التي حددها السيد رئيس الجمهورية.
 كلمة أخيرة. إذا أردنا الإصلاح وبناء دول عصرية قامت فيها ثورتان في غضون سنوات قليلة، يجب محاربة الفساد بكل قوة والضرب على أيدي الفاسدين بحزم وتطهير الجهاز الحكومي في كافة قطعاته من المسؤولين الفاسدين الذين بلغ فسادهم المدى.
***
.