Alborsagia.com البورصجية نيوز

الأثنين 21 ديسمبر 2015
أخر خبر
مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة الدولية للطيران المدنى " الإيكاو " - رئيس الوزراء يصدر قرارا بالتجديد لشحات الغتوري رئيسا لمصلحة الجمارك لمدة عام - 10 شركات ناشئة بمبادرة رواد النيل تشارك في الملتقى الـ 14 لصناعة الإبداع - مصر تفوز بمقعد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمنظمة الدولية للطيران المدني - الفريق محمد عباس : حريصون على تعزيز التعاون مع المنظمة الدولية للطيران المدنى - وزير الطيران يبحث مع رئيس المجلس الدولي للمطارات وأمين عام المفوضية الإفريقية للطيران سب - مصر للطيران تعلن أسعار تذاكر عمرة المولد النبوى الشريف لموسم 1444 هـ -2022م - وزير الطيران يلتقى وزير المواصلات القطري لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مجال النقل - الداخلية تضبط 1534 قضية تموينية خلال 24 ساعة - وزير قطاع الأعمال العام يتفقد عددًا من الشركات التابعة بالإسكندرية - وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تلتقي المديرة الإقليمية للتنمية البشرية بالبنك الدولي - «الصقر»: فيريرا يوافق على ضم الصاعد يوسف حسن - حبس أشهر «ديلر» لترويج الحشيش بالتجمع الخامس - مدبولى عن تطوير محور 26 يوليو: نحرص على التخطيط لاستيعاب تزايد الحركة - الفريق أسامة ربيع يتابع حصاد الأحواض المستزرعة وحصاد 42 طن جمبري منذ بداية الشهر الجاري -

أهم الأراء

"الملكة "زبيدة

طباعة
اسم الكاتب : سمية عبدالمنعم

سارت نحوه يجرها حزن ذليل ورفعت إليه عينين كسيرتين أخفى المرض عنهما  سحرا لطالما أسكر الكثيرين.
_ عبد الله ..كيف تتركنى وابنك وحيدين في هذا البلد الغريب ..ماذا اقترفت من ذنب لتقسو على هكذا؟
رمقها بنظرة اشمئزاز واشاح بوجهه عنها  ثم استدار  .
_ عبدالله..انتظر...
قاطعها بإشارة حازمة من يده وصاح :
_" مينو "..اسمى "جاك مينو" ..لا تنادينى باسم غيره ..افهمت؟
قطبت حاجبيها في دهشة متسائلة:
_ ماذا تعنى ..هل ارتددت عن الإسلام وعدت إلى دينك؟
أطلق ضحكة ساخرة اهتز لها جسده الممشوق وقال في جذل:
_ انت لا تفهمين شيئا عن أصول اللعبة ..
ثم استطرد وقد برقت عيناه :
_ وأصول الحكم.
قالها وتحولت ملامحه على نحو غريب وكانما عادت إلى ناظريه أحداث زمن ولى وذكرى عصفت بكيانه ثم لم يلبث ان افاق من شروده وزفر في حسرة واضحة ثم نظر إلى وجهها الاغبر الشاحب وشعرها المنسدل الذى غار الوسخ على  سحر سواده ..فهز رأسه بقوة وكانما ينفض عنه مشهدا يؤرق ناظريه ثم عاد ليستدير عنها مشيحا بيده في وجهها:
اذهبي عنى ولا تريني وجهك ابدا فاننى كلما رأيتك تذكرت مجدا ولى وحلما انسحق في بلدك على يد الإنجليز. .
صاحت منتحبة:

لكنك اجبرتني على الخروج بابنك من مصر والسفر إلى فرنسا هاربة خائفة ضائعة ..والان تهجرني  وتتخلى عن ابنك وانت حاكم احدىمحافظات هذا البلد ..فماذا تفعل امرأة وحيدة مثلى في بلد كايطاليا ولا احد يعيننى ؟
ماذا أفعل وقد تنكر لى كل اصدقائك ومعارفك بعدما وجدوا من هجرك لى.

ثم انهارت واستدركت في توسل :
أرجوك افعل شيئا من أجل ابنك الذى يموت جوعا ولا اجد ما يسد رمقه .  او ساعدني في الرحيل إلى مصر ..ارجوك.
قالتها في محاولة اخيرة لاستدرار عطفه فربما ظنت ان بقايا إنسانيته قد تنقذ ذلها لكنها أدركت أن رجلا اختار بإرادته ان يتخلى عن زوجته وابنه ويصفع فى وجهيهما باب رحمته لا يمكن ان يحمل بين ضلوعه قلبا كقلوبنا. 
 
وصل وصل
هتفت بها الخادمة وهى تهرول حيث تجلس سيدتها "زبيدة" في حجرتها.
هرعت "زبيدة"على وقع صياح خادمتها نحو الباب تستقبلها بسؤال ملهوف:
احقا جاء إلى بيتنا يا عائشة؟
أجل يا سيدتى ..انه هو بنفسه ..سارى عسكر رشيد حضر إلى هنا ومعه بعض جنوده ومترجمه الخاص والشيخ الجارم أيضا وقد استقبلهم سيدى محمد البواب وهم الان جالسون في الطخطابوش.
تحولت لهفتها لحيرة قلقة وعبثت اصابعها في خصلات شعرها الناعم متسائلة بصوت هامس:
ترى ما الذى يحمل سارى العسكر على زيارتنا؟ 

ان سارى عسكر رشيد "جاك مينو" قد دخل الإسلام قلبه وأعلن إسلامه بين يدى شيوخ الأزهر ويرغب في الزواج من إحدى فتيات رشيد.
قالها مترجم "مينو" فعبث القلق بأعماق والد "زبيدة" وهو يدعو الله الا يكون ما فهمه حقيقة.
الا ان "مينو " قد أدرك بفطنته ما يعتمل بقلب الرجل فأشار إلى مترجمه ان يسترسل في حديثه فاستطرد موجها كلامه الى والد زبيدة :
 لذلك فلم يجد سارى عسكر رشيد أفضل من ابنة "محمد البواب" عين اعيان البلد لتكون زوجته وملكة مستقبلية لمصر بعد أن عرف بأمر طلاقها وانقضاء شهور عدتها.
أسقط في يد "محمد" فقد تحقق ما يخشاه ..حاول أن يعترض الا ان نظرات صارمة أطلت من عيون الجنود المتحوطين بساريهم جعلته يبتلع حروف كلماته ويطرق ارضا مغمغا :
_ سوف أبلغ العروس.
                              * * *
اغرورقت عيناه بدموع القهر والحسرة وهو ينظر  إلى تلك الزينات التى أحاطت بمنزل "محمد البواب" لتنبىء بمراسم العرس .
نظر إليه صديقه في حزن قائلا :
 لماذا إذن طلقتها يا " سالم اغا" ؟
مسح عن عينه دمعة كادت أن تفاجئ وجنته وغمغم في صوت لم يسمعه غيره:
لقد أجبرت على تطليقها.
ثم أشار بحسم إلى سائق الاحصنة الجارة للعربة فانطلق بعيدا .

لم يكن يظن أن هناك جمالا لم تستوعبه عينه وهو ذاك القائد الأشهر للحملة الفرنسية ..لقد كاد يقسم وهو ينظر إليها ان سنينه الثمانى والأربعين لم تصادف هذا السحر من قبل.
ماذا يفعل المأخوذ في محراب الهة الجمال الشرقى العذب الا ان يظل مشدوها يسبح بحبها ما بقى له من عمر ..طافت عيناه تشرب من جمالها علها ترتوي.
ستكونين يوما ملكة على مصر ..بل على فرنسا فأنت خلقت لتكونى ملكة متوجة.
ربما سكن الحزن ملامحها  ولم تستطع ان تخفى قهرا يعتصرها منذ عقد القران ، الا ان شيئا في كلماته ذات اللكنة الفرنسية جعلها تطرح حزنها للحظة .

لمحت عيناه انفراج اساريرها فاكمل حديثه وهو يتعمد أن يحمل كلماته من الحب والحنان ما يلين قلبها:
 انت اجمل مكافأة حصلت عليها في حياتى ..فلا اظننى سافرح بملك ولا جاه كفرحي بك.
ثم استدرك:

لكننى أحس بأن الأيام المقبلة ستحمل لى الخير ..فإن ما يفعله "كليبر" من سياسات القمع ستطيح به حتما لأصبح انا سارى عسكر مصر بأكملها ..وتصبحى انت الملكة المتوجة على عرش مصر وعرش قلبي.

احست بغصة تخنقها وهى تجتر تلك الذكريات حملت  ابنها ومعه حملت ذلها.. تاكل طرقات إيطاليا من جسدها ماتاكل.تنظر إلى طفلهاوهو يحتضر وقد تحجر الكون في عينيها ..وما من مغيث.

إرسل لصديق

تعليقات فيسبوك