أهم الأراء
اطلاق العنان للشمول المالي
حسناً فعل البنك المركزي المصري عندما أطلق مبادرة الشمول المالي من خلال فعاليات أسبوع الشمول المالى بالتزامن مع إحياء الدول العربية ل "اليوم العربي للشمول المالي" برعاية مجلس محافظى المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. وعزز البنك المركزي اهتمامه بهذا الموضوع من خلال انشائه إدارة مركزية تهدف إلى تحسين مستوي الشمول المالي بمصر.
الشمولالمالي هو تقديم الخدمات المالية والمصرفية لجميع شرائح المجتمع بتكلفة أقلوجودة أكبر، حيث أن توسعة دائرة المستفيدين من الخدمات المالية سوف تسهم في تمكين المجتمع ككل وتعزيزالاستقلال المالي للأفراد،وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة بالاضافة الى الاستخدام الأمثل للموارد. وبمعنى أخر، اتاحة الخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع سواء كانت مؤسسات أم أفراد، والعمل على تمكينها من استخدام تلك الخدمات من خلال قيام القنوات الرسمية للنظام المالي الرسمي بتقديم الخدمات المالية بجودة مناسبة وبأسعار معقولة.
وفقاً لتقارير البنك الدولي لايحصل نصف البالغين في أنحاء العالم، أو نحو 2.5 مليار نسمة، على خدمات مالية رسمية، و75 في المائة من الفقراء لا يتعاملون مع البنوك بسبب ارتفاع التكاليف، وبُعد المسافات، والمتطلبات المرهقة في غالب الأحيان لفتح حساب مالي. ولا يدخر سوى نحو 25 في المائة من البالغين في العالم الذين يكسبون أقل من دولارين للفرد في اليوم أموالهم في مؤسسات مالية رسمية.
كما بينت تقارير البنك الدولي أن عدم التعامل مع البنوك يرتبط بالتفاوت في مستويات الدخل، فاحتمال أن يكون لأغنى 20 في المائة من البالغين في البلدان النامية حساباتٌ بنكية رسمية يزيد بأكثر من الضعفين عن أفقر 20 في المائة. ومع أن الفقراء لا تتاح لهم إمكانية الحصول على الخدمات المالية بالقدر نفسه الذي يتاح للأشخاص الأكثر ثراء فإن حاجتهم إلى الخدمات المالية قد تكون أكبر.
تهتم الدول بتعزيز الشمول المالي لأسباب متعددة لما لها من انعكاسات ايجابية على البيئة الاقتصادية والسياسية على حد سواء، ومساهمتها في تخفيف مستويات مخاطرالمؤسسات المالية والنظام المالي بشكل عام. وتشمل الأثار الايجابية لزيادة مستويات الشمول المالي على المحاور الرئيسية التالية:
أولاً. تعزيز جهود التنمية الاقتصادية:يوجدعلاقة طردية بين مستوى الشمول المالي ومستوى النمو الاقتصادي، كما يرتبط مدى انتشار واستخدام الخدمات المالية بانتقال مزيد من المنشآت الصغيرة من القطاع غير الرسمي الى القطاع الرسمي.
ثانياً. تعزيز الاستقرار المالي: يؤدي المزيد من الاستخدام للنظام المالي الرسمي الى تنويع محفظة الودائع لدى البنوك مع نخفيف مستويات التركيز فيها بما يقلل من المخاطر.
ثالثاً. تعزيز قدرة الأفراد على الاندماج والمساهمة في بناء مجتمعاتهم: تحسين قدرة الأفراد على استخدام النظام المالي سيعزز قدرتهم على بدء أعمالهم الخاصة وعلى إدارة مخاطرهم المالية.
رابعاً. ميكنة النظام المالي: يتطلب توسيع انتشار الخدمات المالية المزيد من ميكنة هذه الخدمات وبما يجذب المزيد من المستخدمين. كما أن ذيادة الخدمات المالية الإلكترونية خاصة المرتبطة بالمدفوعات سيفيد كل من المستخدمين والمؤسسات المالية بحيث تصل المدفوعات بسرعةأكبر وبتكلفة اقل، كما ستفيدالنظام المالي من خلال تحسين قدرة متابعة حركة الأموال ومراقبتها.
توجد العديد من العوامل التي تعوق انتشار الشمول المالي. من أبرز هذه العوامل عدم امتلاك الأموال الكافية لفتح حساب في بنك.يرتبط هذا العامل بمستويات الدخل في المجتمع. الا أنه يرتبط أيضا بالشروط التي تضعها البنوك عند تحديد الشروط الواجب توافرها في فتح الحساب ومنها الحد الأدنى لفتح الحساب،و التكلفة والمستندات اللازمة لفتح الحساب. الا أنه لا يمكن اغفال الاعتبارات الدينية التي تعتبر التعامل مع البنوك التقليدية لا يتفق مع أحكام الشريعة الاسلامية كما أن البنوك الاسلامية تدور حولها شكوك بمدى توافقها مع الشريعة الاسلامية.
إن دعم انتشار الشمول المالي يعتمد على توسيع وصول الأفراد للخدمات المالية وتعزيز وزيادة استخدام الأفراد لحساباتهم المالية والخدمات والمنتجات المرتبطة بها. ولتحقيق هذه الغايات، هناك مقترحات يمكن تنفيذها مثل:
• التوسع في تحويل المدفوعات النقدية الى مدفوعات من خلال حساب مصرفي.
• وضع السياسات والبرامج القادرة على تحويل المدخرات الى النظام المالي الرسمي.
• تطوير المنتجات المصرفية والمالية المبتكرة.
• التوسع في ميكنة الخدمات المالية والخدمات المالية الإلكترونية.
• زيادة برامج التوعية والتثقيف المالي.
• اعادة دراسة تعريفة الخدمات من أجل تخفيض الرسوم والعمولات غير المبررة المفروضة على العملاء.
طلب الشمول المالي توافر القدرة لدى الأفراد ومؤسسات الأعمال على الحصول على الخدمات المالية واستخدامها بفعالية بأسعار معقولة وبطريقة مسؤولة. وقد أظهرت بحوث البنك الدولي الخاصة بالمؤشر العالمي لتعميم الخدمات المالية أن حوالي 38٪ من إجمالي السكان البالغين على مستوى العالم لا يتمتعون بالقدرة على الحصول على الخدمات المالية الرسمية. وعلى الرغم من التقدم المحرز على صعيد تعزيز الخدمات المصرفية المقدمة للأفراد، وكذلك التأمين وأسواق الأوراق المالية والتمويل الأصغر والخدمات المالية غير الرسمية، ما زال هناك المليارات من البشر الذين لا تصل إليهم الأنظمة المالية الرسمية.
ولن يؤدي إشراك الناس في القطاع المالي الرسمي إلى تحسين معيشتهم وحسب ولكنه سيسهم أيضاً في سلامة الأنظمة المالية ذاتها. فالأزمة المالية العالمية ألقت الضوء على هشاشة الأنظمة المالية وأهمية الربط بين الاشتمال المالي والاستقرار والنزاهة وحماية المستهلك المالي.
وتعمل الحكومات والجهات المانحة وصناعة الخدمات المالية، على نحو متزايد، على تعزيز الاشتمال في القطاعات المالية لضمان توافر الخدمات لجميع الأفراد، بما في ذلك أصحاب الدخول المنخفضة.
hanyfotouh@yahoo.com