أهم الأراء
مصر – السعودية و"عودة الروح"
كما توقعت منذ أن بدأت أزمة العلاقات المصرية السعودية أنها لن تستمر طويلا. وبالفعل بعد خمس اشهر من توتر العلاقات ظهرت بوادر الانفراج في العلاقات تلوح في الأفق في انتظار "عودة الروح" الى جسد الدولتين الشقيقتين.
انعكس التوتر في العلاقات بين مصر والسعودية على العلاقات الاقتصادية حينما قررت شركة أرامكو السعودية بشكل مفاجئ التوقف عن تزويد مصر باحتياجاتها من المواد البترولية رغم الاتفاق بين مصر والسعودية، بتزويد المملكةُ لمصر باحتياجاتها من المواد البترولية بواقع 700 ألف طن شهرياً لمدة خمس سنوات في اطار الاتفاق المُبرَم بين البلدين 23 مليار دولار يتم سدادها على مدار 15 عاما. جاء هذا الاتفاق لتجنيب مصر أزمة الوقود.
يرجع سبب هذا التوتر في العلاقات الى الخلافات في الرؤى بين البلدين على خلفية قضايا إقليمية وعربية. وكان الملف السوري أبرز أوجه الاختلاف في وجهات النظر، كما احتلت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الخاصة بجزيرتي تيران وصنافير حيز كبير في رصيد الخلافات، وخصوصا فيما يتعلق بالتصديق على الاتفاقية ثم صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا ببطلان الاتفاقية.
يمثل إستئناف شركة أرامكو السعودية لتصدير شحنات المواد البترولية مؤشر ايجابي لعودة العلاقات الى سابق عهدها بين البلدين. وبحسب بيان وزارة البترول ، يرجع تأجيل أرامكو لضخ الشحنات نتيجة لظروف تجارية خاصة بالشركة فى ظل المتغيرات التى شهدتها أسعار البترول العالمية فى الأسواق خلال الفترة الماضية وقيام السعودية بتخفيض فى مستوى إنتاجها من البترول وتزامن ذلك مع أعمال خاصة بالصيانة الدورية لمعامل التكرير .الا أني لا أميل الى تصديق ما جاء بالبيان بشأن أسباب توقف الشحنات، وأعزي أسباب اعادة الاتفاقية مرة اخرى الى حيز التنفيذ الى الجهود الدبلوماسية في اطار رأب الصدع بين البلدين.
أنني أدرك تماماً مدى عمق العلاقة بين البلدين وأن الخلافات حتماً سوف تزول في ضوء المتغيرات على الساحة الاقليمية والدولية. وفي الوقت ذاته، أعتقد اعتقاداً راسخاً بأن مصر يجب أن تسعى نحو تحقيق التوازن في علاقاتها مع حلافائها في المنطقة العربية بما يحقق المصلحة الوطنية . وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف، ينبغي التخفيف من الاعتماد على الدعم المالي من الأشقاء في دول الخليج العربي. أو بعبارة أخرى، ينبغي البحث عن سبل جديدة للاعتماد على الذات بدلا من المساعدات الخليجية ، وأن تحافظ الدولة على التوازن السليم بين حل أزماتها الاقتصادية من جهة، والحفاظ على سيادة مواقفها السياسية من جهة اخرى.