منوعات
"رحلة بالمترو" بين عربات يخنقها الازدحام.. ومسؤولين "لا حس ولا خبر"
صورة ارشيفية يخرجون من بيوتهم قاصدين الذهاب إلى أشغالهم أو إنهاء مصلحة تنتظر قضاءها منذ شهور، يحملون مشاعر يمتزج فيها الأمل بالترقب، والبسمة بالضجر، داعين الله أن ييسر لهم طريقهم، ويرزقهم بلقمة العيش التي يعودون بها إلى أبنائهم. السواد الأعظم يتجهون إليه، ينتظرون قدومه على أحر من الجمر، تدق صافرة إنذاره فيستعد الجميع للحظة الاقتحام.. مترو الأنفاق الذي يحمل يوميًا ما يزيد عن مليون مواطن، ويعد، في وجهة نظر الكثيرين، وسيلة المواصلات المضمونة للوصول. المشهد ينتقل إلى داخل إحدى العربات بخط "المرج - حلوان"، الجميع ينتظر لحظة التحرك، العيون تتجه إلى ذلك الباب الحديدي الذين اعتادوا على غلقه بعد ثوان، لحظات الانتظار تطول، والدهشة تبدأ في الحضور، والجميع يخرج عن صمته، "هو واقف كده ليه، ما حد يقوله عندنا شغل، أستغفر الله العظيم، ما تيلا يا عم اتخنقنا". حسين رأفت، 31 عامًا، محام، يتمنى أن يتدخل القدر ليلحق بإحدى جلسات قضية يترافع فيها بمجلس الدولة، "عندي جلسة تبدأ في التاسعة والنصف، ونزلت من بيتي قبليها بساعة عشان أوصل بدري، وطبعًا بدأت من نص ساعة وأنا لسه ما وصلتش رمسيس". باب القطار يبدأ في الانغلاق؛ فيتنفس الجميع الصعداء، ويحمدون ربهم ولسان حالهم يقول: "كويس إنها جت على قد كده"، المترو يتحرك ببطء شديد، الاختناق داخل القطار يصل إلى ذروته، الكل ينتظر لحظة الخلاص، المترو يصل إلى منتصف الطريق بين محطة غمرة والشهداء ويتوقف، حالة الغضب تزداد، الكل يبحث عن حل للغز تعطل المترو، والمسؤولون: "لا حس ولا خبر". سيدة خمسينية تحاول أن تكتم غيظها وتبدي تماسكها وسط ما يحدث، "تلاقي حد معدي في المحطة وموقفين له المترو عشان خايفين، لكن إحنا محدش يحترم آدميتنا، ومش مشكلة لو متنا من قلة الهوا". الكل يبدو عليه الاستسلام، عشر دقائق تمر والمترو متوقف في المنتصف، باب القطار ينفتح فتنخلع معه قلوب الركاب ويحاولون الالتحام ببعضهم تجنبًا لكارثة، أحد الركاب يقرر النزول واستكمال طريقه على القضبان، ويرد على من حاولوا منعه: "يعني عايزني أموت من الخنقة؟ّ". أشرف توفيق، نزل من بيته صباحًا قاصدًا أحد مكاتب الصحة لإنهاء إجراءات شهادة صحية حاول الحصول عليها منذ أربعة شهور، "يعني الحكاية كانت ناقصة المترو؟ مش كفاية واخد السكة على مكتب الصحة قياسة وما بيخلصوليش حاجة؟". القطار يواصل مسيرته أخيرًا، الكل ينتظر لحظة الحشد، محطة الشهداء تظهر على مرمى البصر، مئات يتجمعون على الرصيف انتظارًا للمترو، وأمثالهم يستعدون للنزول، القطار يتوقف، وتبدأ حالة من الهلع الشديد بين الركاب، حافة الرصيف تتحول إلى "علبة سردين"، البعض يحاول التهدئة من روع الركاب، التنفس يتعذر، والهواء يغيب عن المشهد. شاب فاقد للبصر يستند إلى أذرع الراكبين ليحتمي بهم من هول الاندفاع، مشاعر الغضب والخوف والتمني تختلط، الكل يدعو أن تمر تلك الدقائق القاسية ليتمكنوا من مواصلة طريقهم، وكأن يومًا كاملاً قد مضى داخل عربات المترو التي فقدت شعور الكثيرين تجاهها بالارتياح. أخبار متعلقة حركة الخط الأول للمترو تعود إلى طبيعتها بعد سحب القطار المعطل أسفل النفق مترو الأنفاق يتعطل نصف ساعة في "غمرة" و"الدمرداش" مترو مصر الجديدة رحلة البطء والفوضى والأعطال رئيس "المترو": تعليمات لقائدي القطارات بعدم التوقف في "كوبري القبة" «النجدى»: المرحلة الثانية من الخط الثالث للمترو فى أبريل