أهم الأراء
كيف ينمو الاقتصاد التعاوني في مصر ؟
علي مدار الاشهر الماضي تحدث العالم عن نموذج اقتصادي متصاعد بشدة يرتكز علي تنشيط الاقتصاد التعاوني و قد بدات اثارة تظهر حتي في الاسواق المتاخرة عن تطبيق ذلك مثل مصر .
و يشير مصطلح الاقتصاد التعاوني أو التشاركي "sharing economy" إلى مشاركة ما لدى الأشخاص من مهارات أو ممتلكات دون حواجز، مما يعني أن المستهلكين سوف يسعون للحصول على ما يحتاجونه فيما بينهم بدلًا من الذهاب إلى المنظمات والهيئات و شمل ذلك السلع مثل لعب الأطفال وفساتين الزفاف، والخدمات مثل التوصيل ومساحات العمل المشتركة، وبيع وشراء الأغراض المستعملة.
ويستفيد الاقتصاد التعاوني بشكل أساسي من تكنولوجيا المعلومات، التي تُمكن من توزيع وتبادل وإعادة استخدام فائض السلع والخدمات، وتُسهل الاتصال بين من يحتاج السلعة أوالخدمة ومن يقدمها.
موقع ارقام الاخباري استعرض في تقرير حديث له نماذج عالمية رائدة في الاقتصاد التعاوني فهناك العديد من الشركات العالمية الرائدة في الاقتصاد التعاوني ومن بينها:
- منصة "ريلاي رايدز" RelayRides، التي غيّرت علامتها التجارية نهاية العام الماضي إلى "تورو" Turo، والتي تعد أول سوق إلكترونية في العالم لمشاركة السيارات، إذ تمكن الأفراد من استئجار السيارات من جيرانهم بالساعة أو باليوم.
- شركة "تاسك رابيت" Task Rabbit، التي تتولى مهمة الربط بين من يريد إنجاز مهمة ما، ومن يمكن له القيام بمثل هذه المهمة نيابة عنه نظير أجر، تشمل تلك المهام: التسوق والأبحاث الدراسية وغير ذلك.
- كما تعد شركة "أوبر" لخدمات التوصيل من الأمثلة البارزة على سرعة انتشار الاقتصاد التعاوني عالميًا وإقليميًا، فقد زادت استثمارات الشركة بنسبة 6000% على مدار خمس سنوات، إذ ارتفع النمو التمويلي من 200 ألف دولار عام 2009 إلى 1.2 مليار دولار عام 2014. ثم عادت الشركة الشهر الماضي لتجذب استثمارًا بقيمة 3.5 مليار دولار من "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي.
- تعد شركة "ليفت" Lyft منافسا لـ"أوبر"، إلا أن الأخيرة تتجاوزها من حيث العوائد، ويوضح الرسم البياني التالي الفارق بين عوائد الشركتين خلال عامي 2014 و2015.
أيضًا يعد موقع "إير بي إن بي" Airbnb في سان فرانسيسكو من أبرز الأمثلة على مدى ازدياد وانتشار الاقتصاد التعاوني حول العالم، فحسب "ايكونوميست"، ارتفع عدد مستخدمي الموقع الذي يتيح تأجير واستئجار 250 ألف غرفة في 30 ألف مدينة داخل 192 دولة في العالم؛ من 47 ألف شخص عام 2010 إلى 17 مليون شخص عام 2015.
زاد نمو الشركة بنسبة 750% منذ عام 2009، مصاحبًا بزيادة في التمويل من 7 ملايين و200 ألف دولار في عام 2010، إلى 450 مليون دولار عام 2014، ليصل تقييم الشركة إلى 10 مليارات دولار.
و انتشرت في السنوات الثلاث الأخيرة بالمنطقة مبادرات ومشروعات تحفز الاقتصاد التعاوني. تضمن ذلك بيع المنتجات اليدوية والمأكولات منزلية الصنع عبر الإنترنت، على مواقع إلكترونية مثل "أناناسة" وغيرها من المنصات والمنتديات. ودعم هذا التوجه توفير فرص عمل للسيدات اللواتي يجدن صعوبة في النزول إلى سوق العمل.
أيضًا تقدم منصة "أراب روومز" Arab Rooms لحجز الشقق والغرف في الفنادق، نموذجًا آخر للاقتصاد التعاوني في المنطقة.
هذا بالإضافة إلى مساحات العمل المشتركة التي وفرّت حلًا مثاليًا لرواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بتوفير بديل استئجار مقر إداري بتكاليف باهظة، على غرار "ذا وورك هاب" The Work Hub و"كيان سبيس" Kayan Space في المملكة.
و هناك ثلاثة عوامل أساسية يتمحور حولها نمو الاقتصاد التعاوني في العالم العربي، بشكل مقارب لما يحدث في الأسواق الاستهلاكية العالمية، وذلك على النحو التالي:
- نقلة نوعية في معنى امتلاك المنتجات، فصارت قيمة المنتج تتحدد باستخدامه، وليس بمجرد امتلاكه بشكل عام، كما هو الأمر في النماذج الاستهلاكية التقليدية.
- زيادة قبول فكرة المنتجات المُستعملة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى شعبية المنصات الإلكترونية لبيع السلع المُستعملة بين المستخدمين مباشرة دون وسيط، على غرار "دوبيزل" التي استحوذت عليها مجموعة شركات "OLX" العام الماضي.
- صار الأشخاص يتبنون ما يُطلق عليه أنماط الحياة التعاونية، والتي لا تعتمد على مشاركة المنتجات فحسب، وإنما المشاركة بالوقت والمكان والخبرة، ومن أمثلة الاستهلاك التعاوني مشاركة السيارات مع الغرباء، وهو النموذج الذي أثبتت شركة "أوبر" نجاحه وفعاليته.
ووفقا للتقرير فقد يساهم الاقتصاد التعاوني في حل 4 مشكلات أساسية في الوطن العربي:
- الفقر: فوفقًا لتقرير حديث للبنك الدولي فإن استهلاك الأسر العربية يصل إلى 44% من اقتصاد المنطقة، ويمكن حل ذلك عبر المشاركة في استخدام المنتجات من أجل خفض التكاليف الاستهلاكية.
- البطالة: إذ إن نحو 30% من الشباب في الوطن العربي يريدون بدء مشاريعهم الخاصة، وذلك بسبب ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 25%.
- الجوع: تعتمد البلدان العربية بشكل كبير على الواردات الغذائية، رغم أن 50% من السكان العرب يعيشون في المناطق الريفية، وتمثل الزراعة أقل من 15% من الناتج الإجمالي المحلي في المنطقة، ويُمكن حل هذه المشكلة من خلال تقاسم الأراضي، كأن يُقدم الأشخاص الذين يمتلكون أراضي غير مستخدمة أراضيهم إلى أشخاص يحتاجونها للزراعة.
- حركة المرور والتلوث: تقع 5 من أكثر المدن تلوثًا في العالم في منطقة الشرق الأوسط، بسبب كثرة أعداد السيارات والعوادم الناتجة عنها، ويُمكن حل هذه المشكلة بمشاركة أكثر من شخص في سيارة واحدة، لتقليل أعداد السيارات المستخدمة، وتحسين حركة المرور، وتقليص انبعاثات الكربون الناجمة عن عوادم تلك السيارات.
ان نموذج الاقتصاد التعاوني الذي بدء ينتشر حاليا علي مستوي العالم و يتنامي بصورة كبيرة بالمنطقة العربية و هو ما يستدعي تطويرا في البيئة الاقتصادية المصرية لخلق مناخ استثماري حاضن لتطورات هذا الاقتصاد و ذلك من خلال تشجيع الابتكار و اعداد منظومة ابسط للتراخيص لمثل هذا النوع من المشروعات التعاونية مع اعداد منظومة متكاملة و مبسطة للضرائب تحفز التوسع في هذه المشروعات .
ان القطاعات الافضل حاليا في مصر لان تكون حاضنة لمشروعات الاقتصاد التعاوني هي قطاعات الزراعة و تصنيع المكونات التي تدخل ضمن سلاسل القيمة المتكاملة و هي التي تنقص حاليا بالفعل المنظومة الانتاجية في مصر .
وتبقى الإشارة في النهاية إلى أن تحقيق مساهمة حقيقية لذلك النوع من الاقتصاد في حل "المشكلات التي تضمنها التقرير " يحتاج لتوطين التكنولوجيا وتغيير الفكر التقليدي عن طريق مبادرات وطنية جادة لهذا فاننا نري اهميه وجود استرتيجيه لاستثمار في مصر تعكس رؤيه الدولة فيما يتعلق بدور الاستثمار التعاوني داخل الاقتصاد المصرى متضمنة اهم القطاعات الاقتصاديه التى ترغب في جذب الاستثمارات التعاونية اليها وخاصه في المجالات مرتفعة المكون التكنولوجي ،وهو ما يتطلب مراجعه قانون حمايه الملكيه الفكريه المطبق في مصر ، وكذلك اهميه زيادة الروابط بين الاستثمارات التعاونية والمحليه و الاجنبية من خلال تشجيع تكوين الشراكات وخاصه مع الشركات الصغيرة والمتوسطة بما يسهم في نقل التكنولوجيا الى الشركات المحليه شاملة احدث الممارسات الإدارية.