أهم الأراء
السعودية – مصر وما بعد الأزمة
أنا، مثل كثيرين آخرين، فوجئت بالقرار المفاجئ الذي اتخذته شركة أرامكو السعودية بالتوقف عن تزويد مصر باحتياجاتها من المواد البترولية رغم الاتفاق بين مصر والسعودية، بتزويد المملكةُ لمصر باحتياجاتها من المواد البترولية بواقع 700 ألف طن شهرياً لمدة خمس سنوات حيث تبلغ قيمة الاتفاق المُبرَم بين البلدين 23 مليار دولار يتم سدادها على مدار 15 عاما. جاء هذا الاتفاق لتجنيب مصر أزمة الوقود بينما الغاء هذا الاتفاق يضع مصر في موقف صعب وقد يسبب أزمة شديدة تذكرنا بتلك الأزمة التي عانينا منها إبان عصر حكومة الاخوان المسلمين.
وعلى الرغم من محاولة وزارة البترول التخفيف من وقع هذا الخبر بتصريح المتحدث الرسمي للوزارة مفاده أن الاتفاق مازال سارياً و أن توقف الشحنات يقتصر على شهر أكتوبر الجاري، إلا اني أتوجس خيفة من امتداد توقف الشحنات إلى أمد طويل بتأثير التوتر على صعيد الخلافات في المواقف السياسية بين البلدين. وبما أني معني بالدرجة الأولى بالأثار الجانبية لسلسلة الخلافات على الصعيد الاقتصادي، فلن أسعى لشرح الموقف السياسية للبلدين إزاء الموقف الخلافية بشأن سوريا وليبيا واليمن والتقارب المصري الايراني و غيرها .
توقف شحنات البترول ليست الا واحدة من سلسلة من الأزمات التي ربما تتأثر بها مصر نتيجة زيادة التوتر بين البلدين. فوجود مليون مصري في المملكة تمثل تحويلاتهم مصدر هام للعملة الصعبة ربما يمثل أداة ضغط كبيرة على مصر خصوصاُ مع ارتفاع نسبة البطالة. وبالمثل، الودائع السعودية و أحدثها وديعة بقيمة ملياري دولار ضمن حزمة من المساعدات، اشترط صندوق النقد تأمين تدفقها لإتمام الاتفاق على القرض لمصر، لم تصل الى حساب البنك المركزي حتى الأن . كما أن وزارة الخارجية السعودية قد رفضت طلباً مصرياً غير رسمي باستثناء العمالة المصرية من الرسوم الباهظة التي فرضت أخيراً، أو خفضها، مما يؤثر على الجالية المصرية في المملكة، يورّدون العملة الصعبة إلى البلاد.
أنني أدرك مدى عمق العلاقة بين البلدين وأن الخلافات لن تطول. وفي الوقت نفسه، أعتقد اعتقادا قويا بأن مصر يجب أن تتغير و تحد من الاعتماد على الدعم المالي السعودي. أو بعبارة أخرى، ينبغي البحث عن سبل جديدة للاعتماد على الذات بدلا من المساعدات الخليجية ، وأن تحافظ الدولة على التوازن السليم بين حل أزماتها الاقتصادية من جهة، والحفاظ على سيادة مواقفها السياسية. من يملك قوته يملك قراره.
خبير مصرفي