Alborsagia.com البورصجية نيوز

الأثنين 21 ديسمبر 2015
أخر خبر
مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة الدولية للطيران المدنى " الإيكاو " - رئيس الوزراء يصدر قرارا بالتجديد لشحات الغتوري رئيسا لمصلحة الجمارك لمدة عام - 10 شركات ناشئة بمبادرة رواد النيل تشارك في الملتقى الـ 14 لصناعة الإبداع - مصر تفوز بمقعد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمنظمة الدولية للطيران المدني - الفريق محمد عباس : حريصون على تعزيز التعاون مع المنظمة الدولية للطيران المدنى - وزير الطيران يبحث مع رئيس المجلس الدولي للمطارات وأمين عام المفوضية الإفريقية للطيران سب - مصر للطيران تعلن أسعار تذاكر عمرة المولد النبوى الشريف لموسم 1444 هـ -2022م - وزير الطيران يلتقى وزير المواصلات القطري لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مجال النقل - الداخلية تضبط 1534 قضية تموينية خلال 24 ساعة - وزير قطاع الأعمال العام يتفقد عددًا من الشركات التابعة بالإسكندرية - وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تلتقي المديرة الإقليمية للتنمية البشرية بالبنك الدولي - «الصقر»: فيريرا يوافق على ضم الصاعد يوسف حسن - حبس أشهر «ديلر» لترويج الحشيش بالتجمع الخامس - مدبولى عن تطوير محور 26 يوليو: نحرص على التخطيط لاستيعاب تزايد الحركة - الفريق أسامة ربيع يتابع حصاد الأحواض المستزرعة وحصاد 42 طن جمبري منذ بداية الشهر الجاري -

أهم الأراء

الجهل غير المقدس

طباعة

ما لهذا الحاضر العجوز لا يريد أن يصبح ماضياً! تتحرك الأيام والأحداث فى بطء قطار بليد، بل أحياناً أشعر أننا نتقدم إلى الخلف، معجزة 25 يناير وعبقرية 30 يونيو، كان الكابوس الذى يفصل بينهما ثقيلاً، الناس لن تقبل تكرار نفس الأخطاء ولا الدوران فى دائرة مغلقة، القصة خطيرة، والثورة وكل شعاراتها مهددة بأن تتسرب فى رمال الجهل والتخلف وصراع المصالح الانتهازية الصغيرة، ليست المسألة افتقاد قائد كما يردد كل ببغاء، الثورة فى حاجة سريعة إلى فكر، إلى تنوير يقيم مؤسسات تملك آليات إزالة الركام القديم والبناء داخل مؤسسات جديدة نظيفة بها نور وهواء جديد. الأستاذ هاشم صالح، مفكر ومترجم سورى يعيش فى المنفى الاختيارى فى باريس، طارده قبل الأحداث الأخيرة، صراع الطوائف والأقليات، تقريباً نفس ما حدث مع الدكتور نصر أبوزيد. اشتغل هاشم صالح لما يقرب من 30 سنة فى ترجمة كتب المفكر والباحث الجزائرى: محمد أركون الذى اشتغل طوال حياته فى تقديم كتب تدافع عن حرية الفكر فى الإسلام، ويدافع ضد غلق باب الاجتهاد، ونفى الفلسفة خارج الفكر الإسلامى، كتب أركون وترجم هاشم عدداً من الكتب فى نقد العقل الجامد الوهابى الذى قاد إلى كل حركات التطرف والانغلاق من الإخوان إلى القاعدة. وهذا الكتاب «الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ» يحاول أن يربط الحركات الثورية الأخيرة التى شملت المنطقة العربية فى سياق حركة تنوير واحدة ضد الفساد والتخلف، وأن يقارن بينها وبين حركات الثورة والتنوير التى وضعت الغرب على بدايات عصر العلم والحداثة. من الأشياء القليلة التى تحققت حتى الآن أن الحكام العرب أصبحوا للمرة الأولى فى التاريخ يخشون شعوبهم ويحسبون لها الحساب، كذلك كشفت الثورات العربية هشاشة الأحزاب التى تدعى اليسارية أو التقدم، كما كشفت أن التمدين والتقدم لم يحدث إلا فى مدن الشاطئ ومنتجعات السواح بينما الواقع العربى كله يرزح تحت ركام التخلف والفقر والنهب الاستعمارى القديم والجديد، والأخطر من ذلك أن هذا الهيكل العظمى المنهوب أصبح هدفاً لمؤامرة جديدة اتخذت شكل الطائفية والتقسيم، وسط فيلم الخيال العلمى الكابوسى هذا تزدهر الحديقة الإسرائيلية وتتمتع بكل دعم وحماية من صاحب اليد والأصابع التى تتحرك بحرية داخل المنطقة من المتوسط إلى أفريقيا إلى الحدود السابقة للاتحاد السوفيتى المنهار إسرائيل وحدها هى التى تتمتع بهدوء، بالطعام والماء والتقدم والسلاح، وتمارس ديمقراطية سابقة التجهيز يتمتع بها اليهودى وحده فى أرض فلسطين التى يستعد العالم لكى يسدل عليها الستار. الثورات العربية كانت إعلان الرفض لهذا الواقع، كما كانت إعلاناً صريحاً بأن الشعوب العربية قادرة على أن تتولى أمرها بيدها وأنها لن تقبل ولاية جاهل فاسد غشوم. الكتاب يرصد بالتفصيل الواقعى والتاريخى السرقة الكبرى التى تمت للثورة فيما سمى «غزوة الصناديق»، تلك القوى التى ظلت لسنوات تلعن الديمقراطية وتعتبرها «بدعة» وكفراً، فجأة استغلت فراغ الساحة من قوى لا تملك إلا الشعار والحلم، وسارعت لكى تقدم نفسها خادماً جديداً للسيد القديم، وكشفت عن قدرات لحشد وخداع الناس، وقدمت للناس نفس الطعام القديم الذى يجود به الأسياد مع تخدير كامل بفكر دينى مستورد من القرون الوسطى. ولكن الكتاب يقول إن هذه السرقة كانت هى الرصاصة القاتلة التى أطلقتها جماعات الظلام والتخلف على نفسها، فقد عرت نفسها أمام الناس وكشفت عن خواء ما تقدمه وانتهازية سلوكها وانعدام الأفق المطلق الذى تقود إليه الناس. ليس عندها إلا الجنة الموعودة، وهى وحدها التى تعرف الطريق إليها، أما الأغيار فهم «زنادقة» وعاد شعار «من تفلسف فقد تزندق» وكدنا لولا لطف الله نحرق الكتب، وأصبح واضحاً أن الدين بلا ثقافة ليس إلا جهلاً مقدساً. يقول الأستاذ هاشم صالح: «إن الدولة المدنية لن تحدث فى العالم العربى غداً، كيف يمكن أن تعطى حق التصويت الديمقراطى الحر لتنظيمات تكفيرية لا تؤمن بأى حوار مع الآخر؟ كيف يمكن أن تتحاور مع شخص يعتقد جازماً أنه يمتلك الحقيقة الإلهية المطلقة، وأنه هو وحده المؤمن، وجميع الناس كفار؟ وبالتالى يحق له أن يقتلك، بل من واجبه أن يقتلك ويتقرب إلى الله بتصفية المارق الزنديق». إن تراكم المشاكل الفكرية منذ عصر المأمون العظيم، ومنذ مقتل الحلاج والسهرودى.. وحرق كتب ابن رشد فى حاجة ماسة إلى فكر إسلامى مستنير يحل لنا هذا المشكل التاريخى إن كان له حل! مازال مثيراً للذهول كيف يجمع من يدعى التدين والخير فى داخله هذا التناقض وكل هذه الكمية من الشر والغباء تجاه الإنسان الذى يعيش معه على نفس الأرض وتحت نفس السماء. «لكى لا أقول على من لا يؤمن بنفس الدين الذى أعتنقه كافراً، يجب أن تتوفر تحتنا أرضية من الثقافة العلمانية المدنية المشتركة». ولا يمكن أن نفكر فى حركة تنوير حقيقية فى ظل ذلك التأثير الرهيب الذى يتركه فى العقل العربى فتاوى رجال «القرضاوى» «والفضائيات الظلامية»، ولست فى حاجة إلى أمثلة، ولكن الكتاب أورد نصاً مذهلاً للشيخ القرضاوى يقول لا فض فوه: «من يهاجم الإخوان لصوص وفجرة وأصحاب ملذات وشهوات محرمة وشاربو خمر ولاعبو ميسر، ويمارسون الحرام مع النساء، وشاذون جنسياً من قوم لوط وعملاء للغرب وللصليبين والصهاينة ويعادون الإسلام». (تصريح بتاريخ 9/5/2012 لحسين كروم فى القدس العربية». الدور الذى يلعبه الشيخ وأمثاله وتلعبه دولة قطر، هو دور حصان طروادة، فيه تختبئ كل الشرور القادرة على إفساد أى تقدم أو إصلاح يحدث، لذلك فإن عمليات التنوير والإصلاح الفكرى والدينى ضرورية الآن فى نفس ضرورة الإجراءات الأمنية إن لم تكن أهم. إن أصولية القرون الوسطى أشاعت الطائفية داخل الإسلام ومزقت العالم العربى أكثر مما فعلت إسرائيل، على كل أصحاب الرأى والفكر أن يساندوا الثورة فكرياً قبل المساندة السياسية وأن يعملوا بسرعة على أن ينفض الإسلام عن نفسه غبار القرون، وأن نسمح للعقل الفلسفى بالوجود بجوار العقل الدينى. إن التجربة البائسة التى خاضها أصحاب «الإسلام هو الحل»: ذلك الشعار الذى هجروه من أجل مكسب قريب، هذه التجربة البائسة تجعل الأمة ومفكريها أمام ضرورة حياة أو موت التنوير الآن.. وليس غداً. الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ، هاشم صالح، الساقى 2013

إرسل لصديق

تعليقات فيسبوك