أهم الأراء
البنوك والمراكب الغارقة
من منا لم يتألم عند متابعة أخبار مركب الموت التى كانت تحمل على متنها أكثر من 500 فرد أغلبهم من الشباب الصغير فروا هرباً لتحقيق حلم الثراء في أوروبا ثم لم يجدوا غير الموت غرقاً في قاع البحر! مأساة تتكرر بين الحين و الأخر حتى اعتدنا سماع اخبار مراكب الهجرة غير الشرعية وسقوط ضحايا دون وجود جهود فاعلة تساهم في التعرف على أسباب المأساة ووضح حلول لها. تقع المسؤولية على الجميع على رأسهم الدولة بجميع أجهزتها وايضا قطاعات الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والاعلام. كما أرى أيضا أن القطاع المصرفي والمالي لديه دور يلعبه في التعامل مع هذه القضية اذا كان المسؤولون يفهمون حقا دور هذه المؤسسسات في المسؤولية الاجتماعية للشركات من أجل تحقيق الاستدامة في المجتمعات المحلية من خلال البرامج التي تستهدف الفئات المحرومة والمهمشة. اسمحوا لي أولا أن أوضح ما هي المسؤولية الاجتماعية للشركات ثم أنتقل الى دور البنوك في المساهمة في حل مشكلة الهجرة غير الشرعية من خلال برامج التنمية والاستدامة. هناك العديد من المرادفات التي تستخدم لتعبر عن المسؤولية الاجتماعية للشركات مثل المواطنة المؤسسية، العمل المسؤول، استدامة الأعمال، أو الأداء الاجتماعي للشركات. بينما وضعت المنظمات المختلفة تعريفات مختلفة، هناك أرضية مشتركة كبيرة فيما بينها. وللتبسيط، تعرف المسؤولية الاجتماعية للشركات بأنها البرامج والمبادرات التي يمكن للبنوك والمؤسسات المالية و الشركات أن تتبناها أخذين بعين الاعتبار تأثير الأنشطة والأعمال على المجتمعات المحلية . وبناء على ذلك فإنها تتطلب آلية داخلية ذاتية التنظيم التي بموجبها يمكن للبنوك متابعة وضمان التزامها بالقانون والمعايير الأخلاقية، والمعايير الدولية التي من شأنها أن تحدث تأثير إيجابي شامل على المجتمع. وتجدر الاشارة الى أن إشراك البنوك للمجتمع المحلي هو الأساس لجميع المبادرات في سياسة المسؤولية الاجتماعية الجيدة. ولكن يجب تفادي الخطأ الشائع وعدم الخلط بين المسؤولية الاجتماعية والتبرعات الخيرية . لذلك فإن البنوك يمكن أن تقدم مشاريع مبتكرة للمسؤولية الاجتماعية . على سبيل المثال: برامج تعليمية دائمة للقطاعات المحرومة و الفئات المهمشة في المجتمع؛ الدخول في شراكة استراتيجية مع الجهات المختصة بتقديم برامج المشاريع متناهية الصغر توفير المنح للدراسات البحثية المعنيية بالاستدامة في المجتمعات المحلية المساهمة المباشرة وغير المباشرة في برامج الرعاية الصحية . الدعم المادي لرعاية البرامج التنموية في المناطق المحرومة من الخدمات الاساسية مثل الصرف الصحي والمياة . توفير الدعم المادي لتأهيل الشباب ليصبحوا رواد أعمال صغيرة، ومن ثم يمكنهم الاستفادة من المنح المقدمة من الجهات المعنية بتمويل المشاريع الصغيرة هذه القائمة ليست حصرية فهي تحتوي على عدد محدود من المجالات التي يمكن للبنوك ان تساهم فيها. والمتوقع ان يكون لدى كل بنك مجموعة عمل تقترح استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية والمشاريع التي يمكن للبنك أن يتبناها. ربما من المهم أن أؤكد على أن المسؤولية الاجتماعية للبنوك هي أكثر بكثير من مجرد الأعمال الخيرية. في هذا السياق، يتم تشجيع البنوك على تحسين مستقبل الأفراد في كل المجتمعات المحلية التي تعمل فيها من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية التي يتم تصميمها لتناسب تلك المجتمعات و التي بدورها ستؤدي إلى بث الأمل لدى الشباب أن هناك من يقدم لهم العون لتحقيق أحلامهم البسيطة في حياة كريمة.