عالم
حملة لمنع ارتداء الحجاب تشعل التوتر في الصين
أشارت الوكالة الفرنسية أنه في كشقار الواقعة في منطقة شينجيانغ الصينية المأهولة بغالبيتها من المسلمين، توقف موظفة بلدية سيدتين من المارة في الشارع لتسجيل هويتيهما، لكن ذنبهما الوحيد هو أنهما ترتديان الحجاب وهو أمر مرفوض من قبل السلطات المحلية.
وتحض حملة واسعة بعنوان "الهدف هو الجمال"، النساء في هذه المدينة على التخلي عن ارتداء الحجاب.
وهذه السياسة التي دفعت إلى إقامة نقاط تفتيش في الشوارع، تسهم في تأجيج مشاعر الضغينة لدى الاويغور إزاء السلطات الصينية التي يتهمونها بقمع تقاليدهم الثقافية والدينية.
وقالت شابة في الخامسة والعشرين من العمر يغطي وجهها حجاب من الدانتيل الأبيض، بحسرة بعد أن اضطرت مرتين لإبراز هويتها، إننا بحاجة للاحتفاظ بتقاليدنا، وعليهم أن يفهموا ذلك".
وأضافت هذه الشابة، على غرار جميع السكان الذين توجهت إليهم وكالة فرانس برس بالسؤال، أن النساء اللواتي يستوقفن يجبرن على مشاهدة فيلم يبجح بمباهج التنزه سافرات، لكن "الفيلم لا يغير عقلية الناس" برأيها.
وفي السنوات الأخيرة هزت شينجيانغ بشكل منتظم مواجهات عنيفة تسبب بها بحسب بكين "متطرفون"، "إرهابيون" أو "انفصاليون". وأقدمت السلطات على تعزيز مراقبة المنطقة بعد اعتداء ارتكب في أواخر تشرين الأول/أكتوبر في ساحة تيان انمين ونسب إلى أفراد من الاويغور.
وحملة "الهدف هو الجمال" لا تفعل شيئا لنزع فتيل التوترات في كشقار التي كانت تشكل في الماضي واحة على طريق الحرير وحيث 90 % من التعداد السكاني المقدر ب3،3 مليون نسمة من المسلمين.
وفي أبريل اندلعت صدامات بين الشرطة وبعض سكان إقليم مارالبيشي المجاور مما أدى إلى سقوط 21 قتيلا بعد أن حاول موظف إرغام سيدة على نزع حجابها، بحسب بعض المقيمين.
وعلق شان وي الباحث في الجامعة الوطنية في سنغافورة على ذلك بقوله "بالنسبة للحكومة فإن المسلمين المتشددين يطالبون باستقلال (شينجيانغ) ولذلك ينبغي وضع قيود صارمة جدا على الأنشطة الدينية للاويغور".
وأضاف أن الاويغور الذين يخضعون لهذه القيود بدون أن يكونوا جزءا من الحركات الانفصالية يكنون "الكراهية" للسلطات، لافتا إلى أن الأقلية المسلمة الأخرى في الصين لا تواجه تنكيدا مماثلا.
وفي الشوارع، فإن الأقمشة التي تغطي النساء بها رؤوسهن متنوعة للغاية، تتراوح بين وشاح بألوان زاهية يعقد بذوق وأناقة، وأنسجة بلون أسود تتشح بها ولا تظهر منها سوى العينين.
لكن حظر ارتداء الحجاب لا يعلن بصورة واضحة. وبحسب موقع إلكتروني، فان حملة "الهدف هو الجمال" ترمي رسميا إلى ترويج مستحضرات التجميل المحلية وحث النساء على "تقبل الثقافة الحديثة".
ولدى الاتصال بالسلطات البلدية في هذا الخصوص، رفضت الإدلاء بأي تعليق.
وقال بعض السكان أنه يجب على النساء أن تكن سافرات للتمكن من الدخول إلى المصارف والمحاكم أو الإدارات الأخرى، كما أن على الرجال أيضا أن يكونوا حليقي الذقون --وهي إشارة أخرى يتميز بها الاويغور المتشددون دينيا.
وقد تكاثرت منصات "الهدف هو الجمال" وقال خياط أنه طلب منه عدم حياكة نوع من الأثواب الطويلة التي تترافق تقليديا مع الحجاب.
وفي مدينة هوتان الواقعة في شينجيانغ على بعد 500 كلم إلى شرق كاشقار، تلقى مستشفى على الأقل استمارات إدارية لتسجيل المريضات المحجبات.
وأوضح موظف عند نقطة تفتيش في حملة "الهدف هو الجمال" في كشقار أن الحملة ترمي إلى تعزيز "الأمن".
وفي يوليو نددت صحيفة شينجيانغ دايلي الرسمية ب"انحراف" الممارسات الدينية "الرامية إلى حض الشبان على الجهاد" --معتبرة أن الأثواب السوداء تولد الكآبة وتفزع الأطفال.
وقد حظر ارتداء الحجاب في الصين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي على خلفية الترويج للإلحاد، لكن ما لبثت أن خففت القيود في الثمانينيات قبل أن يعمد إلى تشديدها بعد عقد مع ظهور أعمال العنف في شينجيانغ على ما لفت غاردنر بوفينغدون الخبير في شئون المنطقة في الجامعة الأميركية في بلومينغون بولاية انديانا.
إلى ذلك تبدي بعض النساء المقيمات في كشقار حسا براغماتيا. وقالت صاحبة مخبز في الخامسة والثلاثين من عمرها وهي تغطي رأسها بمنديل بلون برتقالي صارخ، أنه لا يزعجها انتزاعه لبعض الوقت لدى دخولها إلى مبنى عام.
وتعمد نساء أخريات إلى نزع حجابهن لدى اقترابهن من نقاط تفتيش بغية تفادي الوقوع في مشاكل، كما قالت شابة في التاسعة عشرة، مضيفة أن القيمين على حملة "الهدف هو الجمال" منتشرون في كل مكان.