أهم الأراء
بيانات «هويدى السياسية»
لا يكتب «فهمى هويدى» مقالات، بقدر ما يكتب «بيانات سياسية»، وربما تعليمات لمن والاه من أهل الإجرام والإرهاب. أنا من الذين يتابعون بيانات هويدى وأجدها بوصلة لمعرفة آخر انحطاطات «جماعة الإرهاب». بل أشعر أحياناً بأن بعض بياناته تبدو كـ«رسائل». لا أملك دليلاً على خطورة أو صحة هذه الرسائل. لكنى أملك ملاحظة واضحة: فى بيان «مقال» نشر بصحيفة إخوانية أردنية يحرض «هويدى» أهالى سيناء ضد الجيش الذى يراه منتهكا لكرامتهم، وفى اليوم التالى، يتم تفجير أتوبيس يقل عشرة جنود ويصاب العشرات. قبل ذلك نشر فى صحيفة قطرية محذراً من جهاز أمن الدولة، وفى اليوم التالى تم اغتيال ضابط مهم فى الجهاز. الرجل كجماعته يكره مصر ويحط من أهلها. لكن علىّ أن أعترف بأنه واحد من أمهر كتبة الجماعة وأكثرهم قدرة على إلباس الباطل رداء الحق، وتحويل الزور إلى شهادة صدق وترسيخ البهتان كأنه الحقيقة. يرتكب الرجل يومياً واحدة من الجرائم فيما ينشر من «بيانات لا مقالات» ضد بلاده وشعبه، بل وضد مهنته. كل هذا لم يغضبنى باعتباره «ناطق غير رسمى» باسم «جماعة الإرهاب». لا أجد فيما يبث من سموم ما يستحق الرد أو التعليق لأنه يؤدى «مهمة»، وبالتالى لا يعيبه أن ينشر معلومات غير حقيقية مرات كثيرة أو ينشر معلومات حقيقية ويوظفها بطريقة خبيثة. لكن أن تصل درجة الكراهية إلى حد أن يشبه ما يفعله «جيش مصر» فى سيناء، بما فعله «جيش الاحتلال الصهيونى ضد الفلسطينيين» فهو أمر لا يملك معه أى مصرى إلا «الغضب». لم يجرؤ أحد، على مر التاريخ، على تشبيه جيشنا بجيش العدو الصهيونى إلا هويدى. لا أعرف كيف طاوعه ما تبقى لديه من ضمير أن يضع تشبيها بين ما يقوم به جيشنا من حرب مقدسة ووطنية ضد كارهى البلاد والعباد من الإرهابيين، بما يفعله جيش الاحتلال فى الأرض المحتلة، فهل جيشنا كـ«جيش المحتل»؟ وهل سيناء أرض محتلة تنتهك فيها الكرامة وتستباح الأجساد كما فى الأرض المحتلة؟ من أى جحيم يأتى هذا الرجل بكلماته وأفكاره؟ لا بأس أن يذكر «هويدى» قتلى رابعة باعتبارهم بالآلاف، بينما الأرقام الواردة من المصدر الحقيقى الوحيد «مشرحة زينهم ووزارة الصحة» تجزم وتقطع بأنهم مئات، أعرف أن هذا أسلوب «تعبئة» وطريقة «شحن معنوى». أن يقول إن «جماعته» جنحت للسلم، ولم تجنح له الدولة، وكأنه لا يعرف أن «المبادرات» كانت تخرج من «خدم الجماعة» ويرفضها قادتها فى السجون. كأنه لا يعرف أن الدولة لم تكن طرفاً فى أى مبادرات، وأنها لم تفتح بابها ولم تغلقه. لا بأس أن يعتبر ثورة ٣٠ يونيو انقلاباً دموياً. لا بأس أن يرى الدولة تقتل أولادها من أجل إلصاق التهمة بـ«جماعته». لا بأس أن يمزق الرجل جلباب الوطنية وأن يباهى بخيمة «الجماعة»، «فالناس فيما يعبدون مذاهب». لا بأس أن ينشر الرجل هذا وأكثر لأنه يتسق مع أفكاره ومعتقداته الخاصة، لكن أن يحول الوطن إلى أرض محتلة «سيناء»، ويجعل من جيشنا «عدوا» للوطن لهو أمر جلل حقا. كلام خطير لا يقوله إلا عدو يكره البلاد والعباد. جاء فى أحد البيانات التى ينشرها «هويدى» والمنشور بصحيفة السبيل الإخوانية الأردنية، أن «افريام سنيه»، الذى كان نائبا لوزير الدفاع الإسرائيلى، وشغل منصب الحاكم العسكرى للضفة أثناء الانتفاضة الأولى (عام 1987)، تحدث فى مؤتمر دافوس المنعقد بالأردن عام ٢٠٠٥ شارحاً: «أنه أثناء توليه منصبه فى الضفة كانت الأوضاع الاقتصادية فى أحسن أحوالها، وبلغ الانتعاش فى المجتمع الفلسطينى ذروة لم يبلغها من قبل، حتى منذ العهد العثمانى، الأمر الذى يعنى أن الناس لم يكونوا يعانون من قسوة الضغوط الاقتصادية وأعباء المعيشة، ومع ذلك انفجر غضبهم بشكل عارم فاجأ السلطة الإسرائيلية، ينقل «هويدى» هذه الواقعة ليقارن بينها وبين ما يجرى فى سيناء فى إطار حملة الكراهية والتحريض التى يقودها فيقول: «ولا يشك أحد فى أن ما يقدم إليهم أو ما يوعدون به يلبى احتياجات قطاعات عريضة من أبناء سيناء، لكن ذلك كله لا يعوض الكرامة التى يفتقدونها، فى ظل عمليات القمع والسحق التى يتعرضون لها من جانب الأجهزة الأمنية التى تتعامل معهم بخشونة مفرطة لا تميز بين الأبرياء والمذنبين، وتعتمد سياسة (التمشيط) والتجريف التى تطيح بكل ما تصادفه وتعرض كثيرين لخسائر فادحة وإهانات لا ينسونها، ويشعر الناس بالهوان والانكسار، ويخلف ثأراً عميقاً بينهم وبين السلطة وممثليها». طبعاً الرجل واضح تماماً فيما يريد تقديمه من رسالة لأهالى سيناء ودفعهم للدخول فى «حالة عداء» مع الدولة، حتى لو قدمت لهم كل سبل الحياة الكريمة، فالمطلوب أن تشتعل الفتنة. الرجل يرى فى مطاردة الإرهابيين إهانة لأهل سيناء، متناسياً أن المجرمين من عشيرته هم من يختبئ كأى عدو خسيس ليقتل جنودنا، وأن عمليات مطاردة أى مجرمين توقع خسائر بأطراف لا ذنب لها، لكن من يعرف أن بلاده فى حالة حرب يعاونها ولا يعاديها. السيناوية يعتزون ببلادهم وبجيشهم ولا يساومون على وطنيتهم أو كرامتهم. أما «هويدى» فسيبقى فى غيه لأنه يرى أن «الاقتراب من ملف تطبيق الديمقراطية أصبح مغامرة كبرى بعد عزل الرئيس محمد مرسى فى بدايات يوليو الماضى»، متجاهلاً أن ثورة يونيو جاءت بسبب فاشية جماعته، ولو أن مصر تتمتع بديمقراطية حقيقية ما نشر «هويدى» بياناته التحريضية والتعبوية العدائية كل يوم. وفى بيان آخر يقول: «وفى أحداث محمد محمود ظلت إصابة الأعين «جزءا من خطة الأمن». كيف عرف ذلك، ولماذا لا تكون ميليشيات جماعته هى من يقف وراء ذلك؟ رجل يبرر تهمة «الخيانة» ويغضب من تقارب مصر مع روسيا، ويهاجم من وقف معنا مثل الإمارات والسعودية والكويت.. فهمى هويدى والجزيرة وجهان لحرب واحدة.. وجهان محرضان.. وجهان كارهان.. وجهان فى أسنانهما سم الأفعى وفى أصابعهما خناجر الخيانة.